تؤكد عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين د. مريم أبو دقة، أنّ المرأة الفلسطينية ربطت مصيرها بحرية الوطن، ووقفت جنبًا إلى جنبٍ مع الرجل في معركة الكفاح التي انخرطت فيها مبكرًا وما زالت جزءًا من الحركة الوطنية من أجل حماية بيتها ووطنها وشعبها، وحق العودة والثوابت الفلسطينية، وتشارك في كل مجالات الإنتاج.
في وقتٍ يحتفل العالم بـ"يوم المرأة العالمي" الذي يوافق الثامن من آذار/ مارس من كل عام، تحدثت أبو دقة لصحيفة "فلسطين" عن واقع المرأة الفلسطينية ودورها الكفاحي ومشاركتها في الحياة السياسية، مؤكدةً أنّ المرأة تواجه تحديات أولها انتفاضة الأسيرات والأسرى العارمة في وجه كلّ أساليب المحتل الفاشي، إضافة للانقسام الفلسطيني.
انخراط مبكر
وتشير القيادية في الشعبية إلى أنّ المرأة شاركت في الاحتجاجات الشعبية ضد الانتداب البريطاني عام 1917 لصدّ الهجرة الصهيونية، ووقتها باعت مصاغها من الذهب لشراء أسلحة للثوار، وشاركت بثورة عام 1936 وقدمت شهداء، وتطور عملها بتطور النضال حتى انخرطت في الأحزاب السياسية.
وتقول أبو دقة: إنه وخلال الثورة الفلسطينية، شكّلت المرأة مثلث رعب للاحتلال برًّا وبحرًا وجوًّا، فعلى الأرض كانت الشهيدة شادية أبو غزالة أول شهداء فلسطين ما بعد "النكسة" في عام 1968، في إثر انفجار قنبلة كانت تعدّها لتفجير عمارة إسرائيلية في "تل أبيب".
وتضيف: "وفي البحر كانت دلال المغربي التي تسلّلت برفقة فدائيين عام 1978 من الأراضي اللبنانية عبر البحر إلى فلسطين المحتلة، إذ اختطفوا حافلة إسرائيلية، وفي السماء كانت ليلى خالد التي شاركت في عملية اختطاف طائرة إسرائيلية عام 1969، وحوّلت مسارها إلى سوريا، بهدف إطلاق سراح معتقلين فلسطينيين".
وفي الانتفاضة الأولى، كما توضح أبو دقة، سطّرت المرأة الفلسطينية صورة للنضال على المستوى الشعبي، فشكلت مجلسًا نسويًّا يضمّ كلّ الأطر النسوية، وكانت في الشتات حامية لثوابت الشعب الفلسطيني وأرضعت أبناءها "حليب الثورة" وكانت المُربّية، ربّت أجيالًا كاملة على حقّ العودة وأنّ القدس عاصمة فلسطين، وكانت مبعثًا لوصول صوت الشعب ومظلوميته وما زالت حتى اللحظة تناضل في كلّ هموم الشعب الفلسطيني.
وتؤكد أنّ المرأة ستبقى جزءًا من حركة الثورة الفلسطينية، ولم تغِبْ عن ميدان المقاومة في الخندق الأول، مُتحمّلة كلّ أساليب الاحتلال الفاشية، والعالم يرى ما تتعرض له الأسيرات والنائبات والأمهات، مُشيرةًً إلى أنّ 17 ألف أسيرة دخلْن السجون الإسرائيلية منذ بدء الثورة، وما زالت 32 أسيرة معتقلة في سجون الاحتلال.
وتلفت إلى أنّ عنصرية الاحتلال ضد المرأة الفلسطينية بمنعها من مرافقة ابنها للعلاج، والعمل بسبب سياسة الحصار والتفقير التي يعدّها القانون الدولي جريمة حرب، إضافة للحروب التي يشنّها على غزة وأثّر ذلك في النساء والأطفال، "فهذا عبء على المرأة الأرملة والأسيرة والمبعدة، واللاجئة في الشتات"، واصفةً ما تعيشه المرأة الفلسطينية بـ"الاضطهاد المركب".
وحسبما تذكر أبو دقة، حاول الاحتلال تحييد دور المرأة الفلسطينية في النضال باعتقال الفتيات في سنٍّ مبكرة، "لزرع الخوف في نفسونا، فقد اعتقلني الاحتلال عندما بلغت 15 عامًا؛ وكانوا يحاولون إخافة الأسرة الفلسطينية لكنّ السحر انقلب على الساحر، فعلَّمت النساء أولادهن معنى النضال، واستقبلت من شعبها بطلة ولم تكن مهانة".
وتمضي إلى القول: "إذا ما أضفنا تأثيرها كأمٍّ وأختٍ وزوجة فهي تؤثر في كلّ المجتمع، بمعنى أنّ قوة المرأة قوة للمجتمع والثورة"، مؤكدة أنّ المرأة انتزعت حقها الطبيعي ومارست كل الأدوار الكفاحية.
وبالنسبة لأبو دقة، "المرأة وطن" وهذا ما يُحتّم عدم التمييز وحماية حقوقها.
ليست بمستوى التضحيات
وتعتقد أبو دقة أنّ مشاركة المرأة الفلسطينية في الحياة السياسية لم تكن بمستوى التضحيات المقدمة، "وهذا ما يحتّم عليها حماية حقوقها كاملة والمطالبة بقوانين لذلك، لتكون شريكًا حقيقيًّا في القرار وبناء المجتمع، خاصة مع وجود حالات قتل للمرأة وهذا ما يزيدها قهرًا".
وتطالب أبو دقة بإعادة الاعتبار لدور المرأة كي لا تبقى بدور "المتفرج"، مُعتبرةً نسبة مشاركتها في الحياة السياسية غير لائقة بعطاء المرأة الفلسطينية التي حصلت على لقب "بطلة العالم"، وهي التي تواجه الاحتلال في "بيتا" وقرية "بيت دجن" وفي نابلس والقدس.
وتمّمت: "المرأة ليست خارج إطار الصراع، كما أنّ القضية لها علاقة بالانتماء وليس بالجنس".
وبشأن استهداف المرأة الفلسطينية المستمر والمتصاعد من قبل الاحتلال، تقول: "الاحتلال في العدوان الأخير على غزة في مايو/ أيار 2021، قتل النساء لأنه لا يريد أرحامًا ولَّادة للفدائيين"، مُشددةً على أنّ المرأة والشابة الفلسطينية "ذخيرة للتربية والنضال".
المرأة قاعدة حزبية قوية
تقيس أبو دقة، قوة الحزب السياسي بمستوى قاعدته الشبابية والنقابية وقاعدته الجماهيرية وحضور المرأة فيها، فإذا ما أخذت دورها وحقها يمسي ذلك ثقافة لدى جمهوره؛ "وعليه لا يوجد حزب يقوى بدون مرأة، ومن يُهمّش المرأة يضعف نفسه".
وتُبيّن أن نسبة المرأة في الهيئة القيادية داخل الجبهة الشعبية بلغت 20%، "وهي نسبة يجب أن تصل لـ50%".
وحول حصة المرأة بالانتخابات التشريعية التي أُلغيت، تشير إلى أنّ النساء طالبْن بأن تكون حصّتهن 30% من المقاعد، لكنّ السلطة اعتمدت 26%، مُعتقدة أنه لو جرت الانتخابات فلن تطبق النسبة المُقرّة.
وتطالب أبو دقة القوى والأحزاب بعدم رفع الشعارات وأن تأخذ المرأة حقّها، إضافة لسنّ قوانين تردع من يمارسون العنف ضدها؛ مهنئة المرأة الفلسطينية بيوم الثامن من آذار/ مارس، مؤكدةً أنّ المرأة ستبقى جزءًا من الحركة الوطنية وهي أساس لحرية الوطن.