كان الصباح مختلفًا أمس على عائلة "سالم" التي تقطن في حي الشيخ جراح بمدينة القدس المحتلة، حينما بدأت شرطة الاحتلال "بشكل مفاجئ" بإزالة الحواجز العسكرية الممتدة أمام المنزل منذ منتصف فبراير/ شباط الماضي، تزامنًا إقامة عضو الكنيست المتطرف "ايتمار بن غفير" خيمة له.
للوهلة الأولى بدا الحدث غريبًا أمام إبراهيم سالم القاطن في المنزل، فهم اعتادوا عرقلة حركة تنقلهم وإعاقة وصول المتضامين معهم بسبب حواجز الاحتلال وممارسات المستوطنين العنصرية، في أعقاب عودة "بن غفير" لإقامة خيمة مكتب له في الشيخ جراح، كما يروي لصحيفة "فلسطين".
وكانت شرطة الاحتلال قد أزالت الحواجز العسكرية من أمام منزل "سالم" بشرط عدم التجمهر خارجه والاكتفاء بالوجود داخله فقط.
لم ترَ عائلة "سالم" الطريق سهلًا أمام منزلها منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، فهنا تناثرت ملامح السعادة والفرح على ملامح أفراد العائلة والجيران الذين تجمهروا فورًا داخل البيت مُهنئين بهذا الإنجاز وهو ما لم يرُق للاحتلال، إذ يقول سالم "شرطة الاحتلال هددت بإعادة الحواجز في حال حدوث اعتصامات مرّة أخرى".
ويروي وعلامات الفرحة ترافق صوته عبر الهاتف، "اجو علينا الجيران وكانت فرحة حلوة، وانبسطنا كتير خاصة أنه كل يوم عنا اعتصام وتظاهرات داعمة لنا".
يحكي سالم، "خلاص يكفي استمرار هذه الممارسات الإسرائيلية وانتهاكات المستوطنين، فهذه خطوة إيجابية، قد يتبعها خطوات أخرى"، مستدركًا "لكن يجب الحذر من غدر المستوطنين وممارساتهم ولا سيّما أن الطريق أصبح سهلًا".
ولكنّ شعور الفرحة لم يكتمل لدى العائلة، لأنه لم يتم إزالة خيمة المتطرف "بن غفير"، فيوجه رسالة لأهالي الحي، "لم ننتهِ من التضامن والاعتصام ما زال مفتوحًا، وسنواصل حتى إزالة خيمة "بن غفير ونبقى في بيوتنا".
وتعيش عائلة سالم في حي الشيخ جراح منذ نحو 73 عامًا، تملك منزلًا وبجانبه قطعة أرض، إذ إنها تعاني منذ سنوات من اعتداءات الاحتلال والمستوطنين بشكل متواصل. وخلال عام 1988 أُخطروا بالتهجير والإخلاء، وتمكنوا من تجميد القرار في العام ذاته.
وفي عام 2015، تجدد القرار مرةً أخرى، وعلى إثره تعرض والد إبراهيم سالم لجلطةٍ دماغية، ومكث في المستشفى 6 أشهر، ثم تُوفي.
سرعان ما توجه المقدسي محمد الصباغ إلى منزل عائلة "سالم" مهنئًا بإزالة شرطة الاحتلال الحواجز المنصوبة طيلة الفترة الماضية، معتبرًا الخطوة "إيجابية وقد يتبعها خطوات أخرى في الأيام القادمة".
ويحكي بقوة وحماسة "كان من الصعب زيارة بعضنا البعض، لكن بعد إزالة الحواجز، ذهبنا لبعضنا وجلسنا وقتًا طويلًا".
ورغم ما تحمل تلك الخطوة في طياتها من محاسن إلا أن الصباغ وخلا حديثه مع صحيفة "فلسطين"، يحذر من مغبة ارتكاب المستوطنين أي ممارسات عنصرية في قادم الأيام.
يقول الصباغ الذي يقطن في الحي منذ عام 1956: "أن الاحتلال يدّعي من خلال هذه الخطوة أنه متعاون ولا يريد افتعال أي مشاكل مع أهالي الشيخ جراح، لذلك يجب الحذر الشديد خاصة وأن خيمة "بن غفير" ما زالت قائمة".
ويضيف أن "شرطة تزعم أن لديها حسن نية بتخفيف الضغط على السكان، لكنهم ينتظرون أي نشاط فلسطيني للتذرع بإعادة الحواجز مرّة أخرى".
في السياق، أفاد مركز "عدالة"، بأن شرطة الاحتلال أزالت الحواجز بعد يوم واحد من تقديم المركز بالتعاون مع الائتلاف الأهلي لحقوق الانسان في القدس، التماسًا لمحكمة الاحتلال العليا طالب فيه بإزالة الحواجز التي نصبت في القسم الغربي من حي الشيخ جراح بالقدس بشكل فوري.
وقال "عدالة" في بيان صحفي: "إزالة الحواجز في حي الشيخ جراح بهذا الشكل الفجائي من شرطة الاحتلال تثبت علمها بأن نصب الحواجز غير قانوني ولن يمر في المحكمة".
وأضاف "تم تقديم الالتماس بعد التوجه للجهات المعنية ومنها الشرطة التي لم ترد على توجهنا واستمرت بالتصرف غير القانوني الذي ليس ضمن صلاحياتها ومنع السكان من ممارسة حقهم الطبيعي بحرية الحركة والتنقل، ولم تقم بواجبها الأساسي وهو الحفاظ على القوانين وعليه تم الالتماس الى المحكمة العليا".
وشدد البيان، على أن "شرطة الاحتلال هي جزء لا يتجزأ من مؤسسة الاحتلال التي تمارس القمع والاضطهاد ضد الفلسطينيين في شرقي القدس".