فلسطين أون لاين

​لماذا لا يستخدم عباس "العصا" ضد (إسرائيل)؟

...
غزة - نبيل سنونو

لماذا يمارس رئيس السلطة محمود عباس إجراءات وصفها بأنها "غير مسبوقة" تجاه قطاع غزة طالت الكهرباء والمياه والصحة، والحياة اليومية للمواطنين الذين يواجهون حصارا إسرائيليا منذ 11 سنة، ويقابل الاحتلال، بدعواته إلى ما يسميه "السلام" الذي فاوض تحت شعاره عقودًا، دون أن يتحقق سوى تقطيع أوصال الضفة الغربية، وتهويد القدس، وانتشار سرطان الاستيطان؟

إنه سؤال يطرحه المراقبون، يتبعونه بآخر: لماذا أخطأ عباس الوجهة فاستخدم العصا ضد المحاصرين في القطاع الذي واجه ثلاث حروب عدوانية إسرائيلية في بضع سنوات، بدلا من استخدامها ضد الاحتلال الذي يتمتع بالتنسيق الأمني مع السلطة في الضفة الغربية؟ وما سبب امتناعه عن دعوة الإطار القيادي لمنظمة التحرير للاجتماع، والمجلس التشريعي للانعقاد، حسبما نصت عليه اتفاقات المصالحة؟

وردا على ذلك، يقول مدير عام مركز باحث للدراسات، وليد علي: إن السلطة تؤمن بأنه دون "العلاقة الجيدة مع (إسرائيل) ودون التكامل معها"، يكون وجودها مهددا، مضيفا أن اتفاق أوسلو الموقع سنة 1993م، "صُمم لخدمة (إسرائيل)، فبالتالي هناك من ينسجم مع هذا الهدف".

ويوضح علي لصحيفة "فلسطين"، أن منظمة التحرير اعترفت للاحتلال بالسيطرة على 80% من أرض فلسطين التاريخية، فيما الضفة الغربية تدار من خلال علاقة بين "سلطة الحكم الذاتي" والاحتلال.

أما قطاع غزة، والكلام لا يزال لعلي، فإن أهله اختاروا خيارا آخر، يتمثل في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وقد تمكنوا من أن يفرضوا عليه دحر جيشه، ويفككوا مستوطناته، وهذا حدث نوعي، مضيفاً أن اندحار الاحتلال من قطاع غزة جاء بفعل المقاومة التي من الواجب أن تدير هذه المنطقة بعيدا عن اتفاق أوسلو.

ويرى علي، أن عباس يريد لاتفاق أوسلو أن يدوم إلى الأبد، على الضفة الغربية وقطاع غزة، رغم أن الاحتلال ينهش أراضي الضفة الغربية، و"وهم حل الدولتين غير وارد إطلاقا".

ويشير إلى أن سلطات الاحتلال "سيطرت على معظم أراضي الضفة وأن المنطقة المسماة (ج) عدد المستوطنين الصهاينة فيها بات أكثر من عدد الفلسطينيين، وبيوت المقاومين تهدم وتدمر وبيوت المجرمين (الإسرائيليين) تحصن وتحتضن".

وكان عباس قال خلال المؤتمر العام السابع لحركة "فتح" في 30 نوفمبر 2016م: إن (إسرائيل) تسيطر على أكثر من 60% من الضفة الغربية، مبينا أنه لم يحصل تقدم بشأن التسوية منذ توقيع اتفاق أوسلو سنة 1993.

ويقول علي: إنه رغم كل هذا فإن "سلطة الحكم الإداري الذاتي في الضفة لا تجد ضيرا بأن تقاوم أهل غزة الذين أجبروا العدو على الاندحار"، منوها إلى أن "هناك انسجاما بين ممارسات سلطة الحكم الإداري الذاتي في الضفة والدولة الصهيونية".

وبشأن المصالحة الفلسطينية، يعتقد مدير عام "باحث"، أن عباس يريد مصالحة وفق شروطه الخاضعة للاحتلال، "فهو يخضع للاحتلال بمسيرته وسلوكه، ويشترط على الآخرين أن يخضعوا ذات الخضوع ليصبحوا تحت عباءته. هو لا يريد وحدة بل يريد من يتبعه وينفذ مشروعه الذي هو في الحقيقة مشروع الاحتلال لا أكثر ولا أقل".

"عكس المطلوب"

من جهته، يرى المفكر الفلسطيني عبد القادر ياسين أن عباس "يفعل عكس المطلوب، فهو يسعى للتفاوض مع العدو ويدير ظهره للحوار مع الشقيق. هو يذعن للاحتلال والأعداء ويهاودهم ويناكف الأشقاء. الأمر سياسي".

ويفسر ياسين، لصحيفة "فلسطين"، بأن عباس يعلم أن "رئيس السلطة الفلسطينية في بلد يعاني من احتلال صريح ومباشر هو محصلة لتوازنات المحتل، وليس لتوازنات الشعب، ومن هنا هو يعلم أنه لو خرج عن النص (الذي يحدده الاحتلال) سيقتلونه كما قتلوا ياسر عرفات، وهو لا يريد أن يُقتل".

ويشير إلى رفض عباس للمقاومة المسلحة ضد الاحتلال، مبينًا أنه تنازل عن حق عودته إلى صفد.

وبشأن حديث عباس عن الوحدة الوطنية، يتمم ياسين: "إنه يقول ما لا يفعل. هو يفعل ما يملونه عليه (الاحتلال)، ويرضخ لما يملون".

وخصمت السلطة ما يتراوح بين 30-70% من رواتب موظفيها في قطاع غزة دون الضفة الغربية، بدءا من راتب شهر آذار/مارس الماضي. فيما تمتنع حكومة رامي الحمد الله منذ تشكيلها في أبريل/نيسان 2014 عن صرف رواتب الموظفين الذين عينتهم الحكومة الفلسطينية السابقة برئاسة إسماعيل هنية، في القطاع.

واستشهد 5 مرضى بينهم 3 أطفال، خلال الشهر الجاري، جراء منع السلطة تحويلهم للعلاج في الخارج، ليرتفع عدد شهداء التحويلات العلاجية إلى 14 شهيدا منذ بداية العام الجاري، فيما يتهدد الموت آلاف الحالات الطبية في قطاع غزة، وفق وزارة الصحة.

وتقول سلطة الطاقة، إن التقليص من طرف الاحتلال لكهرباء الخطوط الإسرائيلية يصل فعليا إلى 55 ميجاواط. وأكدت سلطات الاحتلال تلقيها طلبا من السلطة في رام الله لتنفيذ هذه الخطوة التي من شأنها مفاقمة أزمة الكهرباء في القطاع.

ويشار إلى أن رئيس السلطة محمود عباس هدد، في المؤتمر الثاني لسفراء السلطة لدى الدول العربية والإسلامية، الذي انعقد في العاصمة البحرينية المنامة، مؤخرًا، بـ"خطوات غير مسبوقة" تجاه القطاع.