فلسطين أون لاين

من هو ..أوصى بتفتيش جثته بعد وفاته فإن كانت الرصاصات بصدره فليحملوه..؟

...
الشهيد المثقف باسل الأعرج (أرشيف)

كتب ذات يوم وصية تجاوزت الوصايا التي نعرفها بكثير، فهو لم يوصِ بمال ولا بعقار، لم يترك إرثًا مادياً، لكن ترك ثروة باهظة جداً كانت سبباً في مطاردته حتى استشهاده.. طلب في وصيته أن يتم تفتيش جسده بعد استشهاده، فإن كانت الرصاصات في ظهره - قُتل مغدوراً- فليتركوا جثته أرضاً ويرحلوا بعيداً عنها، أما وإن كانت الرصاصات تزيّن صدره -مقبلٍ غير مدبر- فليحملوه على الأعناق عالياً.

إنه الشهيد المثقف باسل الأعرج، مدون وناشط فلسطيني، ناضل ضد الاحتلال الإسرائيلي بالقلم والسلاح، وتعرض للاعتقال من طرف السلطة، وللمطاردة من طرف الاحتلال الإسرائيلي، حتى نال الشهادة في 6 مارس/آذار 2017.

المولد والدراسة

ولد باسل الأعرج عام 1986، وينحدر من قرية الولجة في بيت لحم جنوبي الضفة الغربية، وحصل الأعرج خلال دراسته على شهادة الصيدلة، وعمل بها  قرب مدينة القدس المحتلة، وحافظ على شغفه فكان مدونا وباحثا في التاريخ الفلسطيني.
وعُرف الأعرج بثقافته الواسعة التي كرسها لمقاومة الاحتلال بكل الأشكال، بالتدوينات والمقالات الداعمة للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وكان من الداعين إلى مقاطعة المحتل في الداخل والخارج.  

وفي مجال البحث، عمل الأعرج على مشروع لتوثيق أهم مراحل الثورة الفلسطينية شفويا منذ ثلاثينيات القرن الماضي ضد الاحتلال البريطاني، وصولا إلى الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، حيث كان ينظم رحلات للشباب لتوثيق أهم مراحل الثورة الفلسطينية.

أما الصحفي حسين شجاعية صديق الأعرج، يصفه بأنه كان شخصا مثقفا بتاريخ الأرض والمقاومة، وكان في كل رحلة تجوّل يقوم بها يسرد تاريخ  المنطقة التي يزورها والمعارك الواقعة فيها والفدائيين الذين استشهدوا خلالها.

التجربة النضالية
 

عرف الأعرج كأحد أبرز الناشطين الفلسطينيين في المظاهرات الشعبية والحراك الثقافي الفلسطيني، وتصدّر المظاهرات الشعبية الداعمة لمقاطعة الاحتلال، والمنددة بالاستيطان، وكان من أوائل الناشطين في مقاومة قرية الولجة ضد الاستيطان.

غير أن الأعرج تعرض للاعتقال من طرف السلطة الوطنية الفلسطينية مع خمسة معتقلين سياسيين، عام 2016 بتهمة التخطيط لعمليات مسلحة ضد الاحتلال، ثم اعتقل معظم هؤلاء لاحقا لدى الاحتلال الإسرائيلي.

وبعدما أطلقت السلطة سراحه من سجن بيتونيا في رام الله، بدأت سلطات الاحتلال تطارد الأعرج الذي وصفه جهاز المخابرات الإسرائيلي عام 2016 بأحد أبرز قادة الحراك الشبابي الفلسطيني بعدما صنّف هذا الحراك (تنظيما إرهابيا).

واستشهد الأعرج يوم 6 مارس/آذار2017 عندما اقتحمت قوة تتبع الاحتلال الإسرائيلي منزلا تحصن به في مدينة البيرة قرب رام الله بالضفة الغربية.

وبحسب وسائل إعلام فلسطينية، فقد اشتبك الأعرج مع قوات الاحتلال لمدة ساعتين، وبعد نفاد ذخيرته، اقتحمت قوات الاحتلال المنزل الذي كان يتحصن فيه وقتلته واختطفت جثمانه.

وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي وصية تركها الشهيد داخل البيت الذي تحصن فيه، قال فيها: "تحية العروبة والوطن والتحرير، أما بعد فإن كنت تقرأ هذا فهذا يعني أني قد مِتُّ، وقد صعدت الروح إلى خالقها، وأدعو الله أن ألاقيه بقلب سليم مقبل غير مدبر بإخلاص بلا ذرة رياء".

وأضاف الشهيد الأعرج في وصيته: "لكم من الصعب أن تكتب وصيتك، ومنذ سنين انقضت وأنا أتأمل كل وصايا الشهداء التي كتبوها، لطالما حيرتني تلك الوصايا، مختصرة سريعة مختزلة فاقدة للبلاغة ولا تشفي غليلنا في البحث عن أسئلة الشهادة.. وأنا الآن أسير إلى حتفي راضيا مقتنعا وجدت أجوبتي، يا ويلي ما أحمقني! وهل هناك أبلغ وأفصح من فعل الشهيد. وكان من المفروض أن أكتب هذا قبل شهورٍ طويلة، إلا أن ما أقعدني عن هذا هو أن هذا سؤالكم أنتم الأحياء، فلماذا أجيب أنا عنكم، فلتبحثوا أنتم… أما نحن أهل القبور فلا نبحث إلا عن رحمة الله".

المصدر / الجزيرة نت و فلسطين أون لاين