"حوادث السير التي يكون للمستوطنين يد فيها لا يجب أن تمر مرور الكرام؛ بل يتعين إدراجها ضمن ملف "جرائم الحرب" نظراً لتكرارها في مناطق مختلفة من الضفة الغربية والقدس"؛ هذا ما يؤكده بشار القريوتي الخبير بشؤون الاستيطان؛ إذ يرى أن سيارات المستوطنين أداة قتلٍ وليست مركبات عادية.
ويقول القريوتي لـمراسل "فلسطين": "في الطرق الالتفافية عادةً ما يكون الفلسطيني هدفاً للقتل، أي أنها ليست حوادث بريئة أو تمت عن طريق الخطأ؛ ومن المؤسف أن المستوطن يبرَّأ على الفور من أي تبعات قانونية أو مالية، لذا فالطرق الالتفافية تعد "مذبحاً" للفلسطينيين، وقد شاهدنا كيف دهس مستوطن طفلا فلسطينيا في القدس وقذفه للأعلى عدة أمتار بشكل متعمد".
و اللافت في تكرار حوادث السير المُتعمدة بحق الفلسطينيين عبر سيارات المستوطنين أن عملية الدهس تحدث أثناء قطعهم الشوارع الالتفافية، أو تلك الواقعة خارج أماكن سكناهم.
ويحذر المحامي علاء بدارنة المستشار القانوني لمركز الحريات مما تحمله هذه الحوادث من أبعاد خطيرة سياسية وعنصرية وجنائية، قائلاً: "ينجو المستوطن من العقاب في المحاكم الإسرائيلية، كما أن الجانب الفلسطيني لا يُسمح له بمتابعة الملف قانونيا ، وبما أن الأمر يعود للمحاكم الإسرائيلية، فلم يحدث أن حوكم مستوطن لدهسه إنسانا فلسطينيا، بينما يحاكم الأخير إذا ما فقد السيطرة على سيارته الخاصة و دهس جنديا أو مستوطنا؛ حتى ولو كانت التقارير الميدانية تؤكد أن الحادث ليس أمنياً".
وأشار المحامي بدارنة إلى حادث قبل سنوات حين دهس طالب في جامعة النجاح ضابطاً إسرائيليا عند حاجز عسكري عن طريق الخطأ، ورغم تأكيد تقارير شرطة الاحتلال أن حادث السير عابر وليس له أي بعد أمني ، إلا أن الطالب خضع للمحاكمة في محكمة سالم العسكرية.
ومن القصص البارزة في هذا الجانب؛ المسن محمد داود وزوجته نائلة أبو صالح من مدينة قلقيلية ، اللذان لم يعرفا أنهما سيليقان حتفهما على يد سيارة مستوطن على مدخل قلقيلية الشرقي في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والذي يستخدمه آلاف المستوطنين يوميا أثناء تنقلهم بين مستوطناتهم والمدن الإسرائيلية.
كان الزوجان يستقلان عربة يجرها حمار، متوجهين إلى أرضهما القريبة من الطريق الالتفافية والحاجز العسكري المعروف بحاجز " الياهو "، وتكررت في هذا الموقع عدة حوادث دهس لمزارعين من مدينة قلقيلية وقرية النبي الياس، بفعل السرعة الزائدة لمركبات المستوطنين واستهتارهم بحياة المواطنين .
عائلة الشهيد داود قالت لفلسطين :" الاحتلال رفض تحويله إلى المشافي الإسرائيلية مع أن الفاعل مستوطن، والشرطة الإسرائيلية عاينت الحادث، مع العلم أنهم كانوا قد صادروا أرضه خلف الجدار، ثم رفض الاحتلال علاجه مع أن حالته كانت حرجة؛ إنها جرائم مركبة في حق هذا الشهيد المسن".
وفي السياق نفسه قال منذر نزال مدير فرع الهلال الأحمر في محافظة قلقيلية لـــ "فلسطين" :" تنطلق سيارات الإسعاف التابعة للهلال فور تلقيها إشعارا بوجود حادث دهس في الطرق الالتفافية، و يتعامل الهلال الأحمر في محافظة قلقيلية مع الكثير من حوادث الدهس للمزارعين من قبل مركبات يقودها المستوطنون، وتكون الحوادث في معظمها خطيرة، وهناك أطفال يُدهَسون أثناء ذهابهم إلى مدارسهم حين يسيرون في تلك الطرق الالتفافية".
فيما تشير سجلات مشفى درويش نزال الحكومي في محافظة قلقيلية إلى تكرار حوادث الدهس لمزارعين بفعل مركبات المستوطنين ، وسُجلت خلال الآونة الأخيرة حالات وفاة لأطفال ومسنين.