فلسطين أون لاين

خاص هكذا خطف جيش الاحتلال روح "عمار" بدم بارد!

...
الشهيد عمار أبو عفيفة (أرشيف)
الخليل–غزة/ ربيع أبو نقيرة:

اعتقد عيسى أبو عفيفة أنّ حياة شقيقه عمار (19عاما) ستكون أفضل منه حالا، ولا سيّما أن العائلة اتجهت إلى إلحاقه للدراسة بإحدى الجامعات الفلسطينية.

لكن ما لم يكن بالحسبان وقع؛ إذ نسف جيش الاحتلال الإسرائيلي مخطط العائلة، وخطف من بينهم روح ابنهم "عمار" الذي أنهى الفصل الدراسي الأول بنجاح.

وأعدم جيش الاحتلال الشاب عمار من مخيم العروب في محافظة الخليل، بدمٍ باردٍ، في أثناء وجوده بالقرب من المدخل الغربي لبلدة بيت فجار جنوبي مدينة بيت لحم، عصر الثلاثاء الماضي.

وقال عيسى أبو عفيفة لصحيفة "فلسطين" إنّ شقيقه "عمار" التحق بجامعة فلسطين التقنية فرع العروب تخصص محاسبة، وأنهى الفصل الدراسي الأول، قائلا: "اتجهنا إلى تعليم عمار، ليكون عنصرًا فعالا في المجتمع وينفع أسرته، بدلًا من أن يعيش حياة العمال الصعبة".

وذكر عيسى أنّ "عمار" التحق سابقًا بإحدى الجامعات لدارسة التمريض في رام الله، لكنّ الأوضاع الأسرية لم تساعده في الاستمرار، ثم التحق في جامعة العروب، قائلا: "أخبرني عمار قبل استشهاده بأيام أنه تمكن من دفع القسط للجامعة وسجل للفصل الدراسي الثاني، وكان مُتحمّسا".

وروى اللحظات الأخيرة لشقيقه الشهيد، لقد ذهب برفقة صديقه بعدما عادا من الجامعة، بعد صلاة العصر، للتنزُّه فوق جبل الشوت القريب من المنزل، بين مخيم العروب وبلدة بيت فجار، وهو المنطقة الوحيدة المُتاحة للتنزه أمام المواطنين في ظلّ الزحف الاستيطاني من كل جانب.

وأكد أنّ المنطقة لم تشهد أيّ مواجهاتٍ وهي بعيدة عن مستوطنة "مجدال عوز" حوالي 1000 متر، قائلًا: "تفاجآ بقوة من جيش الاحتلال، فحاولا الهرب من المكان، فأطلق جنود الاحتلال النار تجاههم وأصابوه بعيارٍ ناريّ في رأسه أدى إلى استشهاده على الفور، في حين تمكن صديقه من الهرب".

وأوضح عيسى أنّ قوات الاحتلال احتجزت جثمان شقيقه، ثم سلمته بعد منتصف ليلة الأربعاء إلى مستشفى الأهلي في الخليل، مُشيرًا أنّ العائلة قرّرت بطلبٍ من النيابة العامة تشريح جثمانه في معهد الطب العدلي في أبو ديس، لتوثيق جريمة إعدامه بدمٍ بارد.

وطالبت عائلة الشهيد المؤسسات المختصة وأذرع السلطة بضرورة رفع ملف إعدام ابنها إلى المحاكم الدولية، من أجل ملاحقة الاحتلال قانونيًّا ومعاقبته على إجرامه، كما طالب المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال من أجل وقف سياسة الإعدامات الميدانية التي تنتهجها بحق أبناء شعبنا.

أما والدته سميحة حسين أبو عفيفة (47عامًا) فاستذكرت اللحظات الأخيرة قبل استشهاده، قائلة: "جلسنا سويًّا يوم استشهاده على مائدة الفطور".

وأضافت في حديثها لصحيفة "فلسطين": "تغزّلت به وبجماله فأدار وجهه على الناحية الأخرى من شدة خجله، ثم قال لي سأخرج مع صديقي للتنزّه، وخرج من المنزل واشترى بعض الحاجيّات اللازمة للنزهة من البقالة وانطلق إلى الجبل".

ولا تصدق الوالدة ما رأته عيناها لمشاهد وداع فلذة كبدها ورحيله للأبد، واجتماع الناس في منزلها لمواساتها، وفق حديثها، موضحة أنّ ما حدث أصابها بـ"الصدمة"، لكنها ظلت تردد في أثناء حديثها "الحمد للمولى رب العالمين".

وأكملت: "أنا راضية عن عمار.. لقد كان لسانه جميلًا ولا ينطق إلّا جميلًا، يسلّم على كل من يلاقيه امرأةً أو طفلًا أو رجلًا".

واعتبرت الشرف الذي نالته بعدما أصبحت أمّ الشهيد، جاء بعد صبرها في تربيته وصبرها في غربتها عن ذويها في العاصمة الأردنية عمّان، مشيرة أنها ذاقت الحرمان لمُدةٍ تزيد عن عشر سنواتٍ من رؤية أهلها.

وفي رسالتها للاحتلال الذي أعدم نجلها بدمٍ بارد، قالت: "دعوت ربي أن يرسل عليهم طيرًا أبابيل ترميهم بحجارةٍ من سجّيل.. هؤلاء قتلوا الأنبياء".

وختمت والدة الشهيد: "أملنا بالمولى أن يأتيَ حقّ ابني، وحقّ شعبنا الفلسطيني".