عشق التاريخ منذ صغره، وكان دائم البحث في كتبه وبين ثنايا أوراقه، فكان يستفزه ما يتحدث به الاحتلال الإسرائيلي عن وجود إرث تاريخي له في وطنه فلسطين منذ ألفيْ عام قبل الميلاد، ليعكف على قراءة كتب ومراجع عربية وأجنبية كثيرة قبل شروعه في تأليف كتابه الخاص "ملوك فلسطين.. قبل الميلاد إلى سنة 100 ميلادية" الذي يركز على الحقبة التاريخية في فلسطين منذ قرابة 5 آلاف عام خلت.
أجوبة شافية
فكرة الكتاب راودت الكاتب الفلسطيني تامر زغاري كما يروي لصحيفة "فلسطين" في أثناء بحثه عن أجوبة شافية حول هذه الحقبة التاريخية، وأثار حنقه أنه وجد بعض الكتب الدراسية تدعي بوجود ملوك يهود حكموا فلسطين، وتنساق مع الرواية الإسرائيلية بالادعاء بأحقية اليهود في فلسطين.
الكاتب الفلسطيني زغاري، ولد في بيت لحم عام 1990م، يكتب مقالات يومية في مجال التاريخ، وله كتاب سابق هو " العهد العباسي".
وتدور فكرة كتاب "ملوك فلسطين" حول توثيق تاريخ فلسطين منذ آلاف السنين، وذكر الأحداث السياسية التي مرت بها، وعلاقتها بالحضارات المختلفة التي حكمت المنطقة، خاصة أن هناك ضعف اهتمام من قبل الفلسطينيين والعرب بالتاريخ والروايات.
ويهدف زغاري من تأليفه للكتاب لتقديم رواية تاريخية فلسطينية صادقة ومستقلة، وتسليط الضوء على هذه الفجوة التاريخية المجهولة التي لم يكتب عنها الكثيرون.
ويعد ملوك فلسطين من الكتب التاريخية، عدد صفحاته 362 صفحة، يقدم في البداية مواضيع مختلفة عن تاريخ فلسطين القديم مثل فلسطين ما قبل الطوفان وأسماء فلسطين القديمة وغيرها، ثم يبدأ بسرد سيرة 64 ملك حكموا الفلسطينيين من حوالي سنة 5000 قبل الميلاد إلى سنة 100 بعد الميلاد.
وقد استغرق حوالي عام ونصف في كتابته بدأت في تاريخ 13/10/2019 وانتهت في 14/4/2021.
شعب متجذر
ويبين زغاري أنه وجد أن فلسطين فيها شعب متجذر منذ آلاف السنوات قبل الميلاد، وله نظام سياسي، وأحقية العرب فيها واضحة بالدلائل الأثرية والدينية، ووجد أن الآثار المادية الملموسة والمكتوبة أشارت إلى وجود فلسطين على مر التاريخ بأسماء مختلفة.
وبسبب طبيعة الموقع الجغرافي لفلسطين وأطماع من حولها بالسيطرة عليها لم تخرج فلسطين يومًا من دائرة الأحداث السياسية والتاريخ، فقد أراد البعض الاستيلاء عليها بهدف حماية حدود ممالكهم، وبعضهم اعتمد عليها كقوة اقتصادية للتزود ببعض المواد الأساسية كالزيت والقمح والخمر، وفي إنتاج الحديد وتصنيعه كالآشوريين.
ورغم دراسته لتخصص المحاسبة إلا أن اهتمامه بالتاريخ وكتابته دفعه لعمل صفحة خاصة على موقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك"، كونه يرى أنه من واجب الكاتب أن يخلق الجسور التي يصل بها إلى الناس وليس العكس، وأن يواكب التطور في نشر العلم.
ويتابع زغاري حديثه: "والغاية منها توعية الناس ونشر المعلومات التاريخية وتعريفهم بأمجاد أجدادهم لتكون هذه المعلومات إحدى بواعث المجد مستقبلًا، وكذلك تعريفهم بالأخطاء التي حصلت لنتجنبها".
ويلفت إلى أن اهتمام الناس بالتاريخ قليل جدًا، رغم أن لهم تاريخ عظيم، فهم لا يعرفون أبطالهم وعهودهم التاريخية وأحداث كثيرة حدثت في بلادهم، فتجد أن البعض لا يعرف سوى رؤوس أقلام فقط من تاريخه، ويجهل الكثير من المعلومات المهمة.
وأرجع زغاري السبب في هذا الجهل لطبيعة المناهج التعليمية، "حيث كتب التاريخ التي تُدرس في المدارس فاشلة وسطحية لدرجة كبيرة، وكذلك يوجد تقصير إعلامي في سرد تاريخنا".
وإذ يؤكد زغاري أهمية تعلم السياق التاريخي للأحداث، لأن التاريخ سيبقى يعيد نفسه، مستكملًا: "اريد أن يتعلم الناس تاريخهم ليكون عندهم ثقة أن ضعف الأمة حاليًا هو أمر مؤقت، قد حدث في الماضي أكثر من مرة وأن بعد الضعف سيأتي قرون من القوة وهذه هي سنة الله في خلقه".
يتمنى زغاري أن تصبح الرواية الواردة في كتابه رواية رسمية وتعليمية لأنها ترد على كل الافتراءات التي تهمش وتطمس وتحرف التاريخ الفلسطيني.