في الوقت الذي يتصدى المقاومون ونشطاء المقاومة الشعبية لقوات الاحتلال الإسرائيلي في مخيم جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة، تذهب أجهزة أمن السلطة بعيداً نحو شن حملات اعتقال ومداهمات واسعة لمنازل هؤلاء المناضلين ضمن "سياسة تكامل الأدوار" بين الطرفين.
ومما لا شك فيه أن هذه السياسة تُقرأ في سياق واحد فقط وهو القضاء على كل أشكال المقاومة الشعبية والمسلحة، وصولاً لتوفير الهدوء والأمن للاحتلال وكيانه وتسهيل مهام اقتحامه للمدن والمخيمات الفلسطينية وقتما شاء.
وشنت أجهزة السلطة، خلال اليومين الماضيين، حملة دهم لمنازل مطلوبين لقوات الاحتلال من حركتي حماس والجهاد الإسلامي في مخيم جنين.
وقالت كتيبة جنين: "ليعلم أهلنا في جنين الصمود ومخيمها أننا نتعرض للقهر والظلم والمطاردة من العدو وتأتي الطعنة في الخاصرة من أجهزة أمن السلطة التي تحاول اعتقال مجاهدينا وإخواننا".
تكامل الأدوار
وقال القيادي في حركة حماس - جنين خالد الحاج، إن تغول السلطة على فصائل المقاومة ونشطائها "أمر مرفوض ومدان مستنكر"، معتبرا هذه الممارسات تندرج في سياق "تكامل الأدوار" مع الاحتلال.
وأوضح الحاج خلال حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن أجهزة السلطة فشلت، أول من أمس، باعتقال عددٍ من النشطاء، وعقب ذلك جاء الاحتلال واعتقل عدداً منهم وقتل آخرين، مشدداً على أن هذه السياسة "مُسيئة لتاريخ الشعب الفلسطيني".
وأضاف: "السلطة ليست سلطة بالمعنى الحقيقي ولا تؤدي دورها القائم على توفير الأمن والأمان للمواطنين، إنما تركتهم فريسة للاحتلال".
وشدد على أن السلطة تسعى لتصفية وتجفيف منابع الرافضين لمنهجها السياسي والأمني والتفاوضي، وصولا لتوفير الهدوء للاحتلال لاقتحام المدن الفلسطينية كيفما يشاء.
واعتبر المشاركة الحاشدة في جنازة الشهيدين عبد الله الحصري وشادي نجم، أكبر رد على تغول السلطة وإجراءات الاحتلال وجرائمه بحق شعبنا، وتحديدا من فئة الشباب.
وعرّج الحاج على ظهور "كتيبة جنين" إذ اعتبرها "أحد ألوان المقاومة وتمثل نموذجاً للوحدة العسكرية في الميدان، لمواجهة الاحتلال وجرائم مستوطنيه.
"حالة غريبة"
وقال الناشط والأسير المحرر من جنين عطا الجبالي: "للأسف نعيش في حالة غريبة وعجيبة، السلطة التي يُفترض أن توفر الحماية للنشطاء والمقاومين هي التي تشن حملة اعتقالات ومداهمات ضدهم".
وبيّن الجبالي لصحيفة "فلسطين"، أن السلطة تعتقل النشطاء عبر طرق متعددة، أبرزها اختطافهم في "سيارات مسروقة بدون لوحات"، وأخرى من خلال ارتدائهم اللباس المدني وغيرها من الوسائل المتعددة، وهي ذات الأساليب المستخدمة لدى الاحتلال.
وأوضح أن السلطة تعمل حالياً بنفس أساليب الاحتلال، سواء بالاعتقالات أو المداهمات، من أجل القضاء على المقاومة بشتى أنواعها.
وبحسب قوله فإن السلطة تسعى لتوفير الهدوء والأمان بالضفة الغربية حتى تجعلها "حمل وديع" للاحتلال ليقتحم المدن الفلسطينية كما يشاء.
كما تسعى السلطة، وفق الجبالي، إلى إيصال المواطنين لحالة من اللامبالاة تجاه الوطن والشعور بالامتعاض الشديد نتيجة عدم وجود الأمن والأمان، مما قد يدفعهم للهجرة والانتقال من مكانهم لآخر.
وأكد أن ممارسات السلطة عمّقت من الشرخ الاجتماعي الموجود بينها وبين المواطنين، وحتى المحسوبين منهم على حركة "فتح"، مطالبا السلطة بضرورة التراجع الفوري عن سياساتها ووقف الاعتقالات والمداهمات، والتوجه نحو الاصطفاف إلى جانب شعبها.
وكانت القناة "12" العبرية، قالت: إن جيش الاحتلال عزز من عملياته العسكرية في جنين بشمالي الضفة الغربية المحتلة، خلال الأيام الأخيرة، بعد فشل السلطة في السيطرة على "المسلحين".
وأضافت القناة، أن جيش الاحتلال عزز من عملياته العسكرية في جنين خلال الأيام الأخيرة بعد فترة طويلة من منحه السلطة الفرصة للقيام بمهامها في اعتقال الناشطين الفلسطينيين بمخيم جنين منذ خريف العام الماضي.