فلسطين أون لاين

مخيم جنين.. جبهة فلسطينية حافلة بالمقاومة

...
صورة أرشيفية
جنين- غزة/ أدهم الشريف:

توصف بأنها "مدينة الاشتباك" وأحيانًا بـ "عش الدبابير"، هذه بعض من الأسماء التي تطلق على مدينة جنين، والتي تعد واحدة من أهم المدن على مستوى الضفة الغربية التي صدرت مقاومين وفدائيين واحتضنتهم ومكنتهم من مقاومة الاحتلال.

لا يكاد يمر أسبوعًا واحدًا وإلا ويتخلله اشتباكات بين عناصر الأجنحة العسكرية التابعة لفصائل المقاومة وقوات جيش الاحتلال التي تنفذ عمليات عسكرية مستمرة تهدف إلى النيل من المقاومة إما باغتيال عناصرها أو اعتقالهم والزج بهم خلف قضبان السجون.

وجنين تقع في شمال الضفة الغربية التابعة للسلطة، وتعدّ تاريخيًا إحدى مدن المثلث في شمال فلسطين، وتبعد عن القدس مسافة 75 كيلومترًا إلى الشمال، وهي تطل على غور الأردن من ناحية الشرق، ومرج بن عامر إلى جهة الشمال.

وعلى مدار سنوات الصراع مع الاحتلال، شكلت جنين جبهة رئيسية للمقاومة الفلسطينية، واستطاع مقاوموها التصدي لاقتحامات الاحتلال، وخوض معركة جنين في بدايات انتفاضة الأقصى وتحديدًا في إبريل/ نيسان 2002، وقد مارس جيش الاحتلال عمليات قتل عشوائي بين منازل المواطنين واستخدامهم كدروع بشرية لتتمكن من التوغل بين أزقة المدينة وشوارعها، وهذا ما توثقه تقارير حقوقية.

لكن بالعودة لسنوات طويلة إلى الوراء، كان لأهل فعل مقاوم ضد الاحتلال الفرنسي، وذلك في عام 1799، إذ تشير تقارير إلى أن سكان جنين لم يترددوا في حرق بساتين الزيتون التي يقتاتون منها بُغية وقف القوات الفرنسية الزاحفة بقيادة "نابليون بونابرت" على أراضيهم، فأتى الرد الفرنسي على مقاومة جنين بحرق المدينة ونهبها.

وفي أثناء الحرب العالمية الأولى، وقعت جنين تحت الاحتلال البريطاني مثلها مثل بقية الأراضي الفلسطينية سنة 1918، لكن المحافظة لم تستسلم، فقاومت حتى نظَّمت أول مقاومة مسلحة عام 1935 بقيادة الداعية السوري الشيخ الجليل عز الدين القسَّام، أحد كبار المقاومين للاحتلال البريطاني آنذاك، الذي وجد في جنين حاضنة شعبية من الفلاحين تؤمن بالثورة وتدعمها، لتتحوَّل المنطقة منذ ذلك الحين إلى مركز للتمرد الفلسطيني الذي انتقلت قيادته بعد استشهاد القسَّام إلى "فرحان السعدي" سليل إحدى الأُسر المقاوِمة.

وكان من أبرز عمليات المدينة ضد الاحتلال قتلها قائدًا بريطانيًا كبيرًا في مكتبه بجنين عام 1938.

وفي سنة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، نكبة 1948، حين قتلت "العصابات الصهيونية" الآلاف من الفلسطينيين واحتلَّت منازلهم، تخلَّصت جنين من احتلال قصير نال منها بفضل الدفاع الشرس من قِبَل المتطوعين الفلسطينيين والجيش العراقي، ثم آلت المدينة إلى حكم الإدارة الأردنية عام 1949، وفي أوائل الخمسينيات أُنشئ مخيم جنين لإيواء النازحين ممَّن استولت (إسرائيل) على منازلهم بعد طردهم، وسرعان ما صار المخيم الواقع في ضواحي المدينة معقلاً للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي خاصة أثناء السبعينيات والثمانينات.

كما جذبت مدينة جنين اهتمام الجميع بعد نجاح 6 أسرى بينهم القيادي في كتائب الأقصى زكريا الزبيدي، و5 آخرين من حركة الجهاد الإسلامي، في انتزاع حريتهم عبر نفق أرضي امتد إلى خارج سجن "جلبوع"، في أغسطس/ آب 2021، وبقوا فترة أيام وأسابيع خارج السجن حتى اعتقلتهم وأعادتهم خلف القضبان.

حتى أن أحداث عملية هروب الأسرى الفلسطينيين من سجن جلبوع، وإعلان جيش الاحتلال عن إلقاء القبض عليهم جميعًا، أعاد من جديد الحديث عن المكانة المتميزة التي تحظى بها مدينة جنين، ومخيَّمها للاجئين، بين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهذا ما يؤمن به قادة الاحتلال الإسرائيلي، وفق ما تفيد به الصحافة العبرية.

ويشير كتاب إسرائيليون إلى تخوُّفات كبيرة من منطقة جغرافية فلسطينية بعينها هي مدينة جنين، التي تبرز إلى الواجهة دومًا بوصفها جبهة عصية على الاحتلال خلال المواجهات والسجالات، وآخرها عملية انتزاع الأسرى حريتهم، إذ حطَّ اثنان منهم رحالهما في جنين بالفعل.