فلسطين أون لاين

​دحلان وأوراق القوة أمام الباب المغلق

...
غزة- يحيى اليعقوبي


تتواصل فعاليات المؤتمر السابع لحركة فتح الذي انطلقت أعماله في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، الثلاثاء الماضي، وانتخب في جلسته الافتتاحية رئيس السلطة، محمود عباس، رئيسًا لـ"فتح" بالإجماع، ما جعل من الأمور أكثر تعقيدًا أمام القيادي المفصول من الحركة، النائب محمد دحلان.

هذا الأمر يطرح تساؤلات عدة، حول مدى امتلاك دحلان لأوراق قوة تمكنه من العودة إلى صفوف "فتح"؟ وخطواته القادمة في مواجهة ذلك؟ وهل أغلق باب العودة أمام دحلان أم أن الخيارات ما تزال متاحة أمامه؟

ثلاثة سيناريوهات

هناك ثلاثة سيناريوهات أمام دحلان، بعد إغلاق الباب أمامه في المؤتمر السابع، الأول بأن يستمر في معارضته الخارجية لعباس ويبقى الحال كما هو عليه وينتظر لعامين أو ثلاثة أعوام، حال تغير الأمور بـ"فتح" وذهاب عباس، والرهان على خليفة قوي يسد فراغًا تركه عباس بأن يتم استدعاؤه (دحلان)، ووفق الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون.

المدهون يرى في حديث لصحيفة "فلسطين"، أن الخيار الثاني المطروح أمام دحلان يتمثل في عقد مؤتمر موازٍ للمؤتمر السابع وإفراز قيادة فتحاوية جديدة، بدعم من النظام العربي وخاصة مصر وبتشجيع من بعض الدولية الإقليمية والدولية، ليكون في حالة مشاكسة مع عباس".

لكن المحلل السياسي ينظر إلى أن الواقع الحالي يصب في صالح الرئيس عباس لأنه موجود على الأرض ويتحكم بمصادر الأموال.

أما السيناريو الثالث أمام دحلان، -والكلام للمدهون- هو تشكيل حزب جديد والخروج بتيار وهذا أقل الخيارات فرصة، لأن أي حزب جديد سيأكل من شعبية دحلان، وبذلك سيكون هذا الحزب معلقًا في الهواء.

أوراق قوة

ويشير إلى امتلاك دحلان بعض الأوراق القوية خاصة الدعم العربي، والعلاقات الدولية، موضحا أن واقع دحلان الدولي ليس سيئا، ولكن واقعه في فلسطين "ضعيف"، كما أنه لا يعتمد على أحد في تمويل مشاريعه الطامحة.

أستاذ الإعلام بجامعة بيرزيت د. نشأت الأقطش يرى أن أمام دحلان فرصة للسيطرة على المخيمات الفلسطينية في الشتات، وخلق فوضى وإغلاق بعض الطرق بالضفة الغربية.

ويتساءل الأقطش أثناء حديث لـ"فلسطين": "هل سيكون هذا السقف النهائي لدحلان، أم سيتجاوز ذلك وصولاً إلى حالة اشتباك مع حركة فتح؟"، واصفًا ذلك بأنه "خيار صعب" نظرًا لوجود السلطة والأجهزة الأمنية التابعة لها.

ويقول: "إن وضع دحلان ليس مريحًا في الضفة، والخيارات أمامه محصورة بمحاولة كسب أنصار في مخيمات الشتات، أو التحالف مع حماس وخلق حالة بديلة عن السلطة، لكن هذا الخيار صعب لأن خطاب حماس في المؤتمر السابع يشير إلى أنها ليست معنية بدحلان".

ويوضح أن قوة دحلان كانت ستزداد في التحالف مع حماس وتشكيل حالة بديلة عن السلطة، لكن الأمر أصبح غير متاح، مؤكدا عدم المقدرة على تحديد عمق الشرخ الموجود في داخل فتح نتيجة استبعاد دحلان.

ويقلل الأقطش من أهمية الدعم السعودي والإماراتي لدحلان على الساحة الفلسطينية، عازيا ذلك إلى أن "دحلان يتحرك في الساحة الخارجية وغير موجود على الأرض الفلسطينية، ويقابله في الضفة أجهزة أمنية لديها ولاء لعباس ومضبوطة، مما يجعل مهمته صعبة".

ووفقا لأستاذ الإعلام، فإن مؤتمرات دحلان لا قيمة لها، ولكن أمام الدعم المالي له من الممكن أن ينشئ حالة اقتصادية أو يشكل أجنحة عسكرية تحدث نوعا من الفوضى بالضفة، ولكنها ستبقى محدودة، مؤكدا أن استبعاد دحلان من المؤتمر قرار نهائي بفصله وعدم عودته إلى فتح.

ويتوقع أن يشكل دحلان حزبًا سياسيًا له "تأثير محدود"، لكنه لن يكون بابًا للعودة إلى حركة فتح نظرا لصعوبات إنشاء لجنة مركزية أو مجلس ثوري جديد، لأن هذا الخيار فرصه ضعيفة في ظل معلومات عن خلافات دحلان مع الإمارات، وفشل جهود الرباعية العربية في إحداث مصالحة بين دحلان وعباس.

كما يتوقع أن يحصل دحلان على أصوات داخل حركة فتح نسبتها 5-10% فقط، ولن تؤثر على وجود فتح، بل على حجمها، لأن أنصاره سيخرجون من التنظيم.

إرث تاريخي

لكن الكاتب والمحلل السياسي نعمان عمرو، يرى أن دحلان لا يرغب بإقامة حركة منفصلة عن فتح، بل يحاول السيطرة على الإرث التاريخي لها وهنا يكمن جوهر المشكلة، وقال: "إذا أراد دحلان العودة لفتح عليه أن ينهي كل الأسباب التي أدت لفصله، وإذا أراد تشكيل تيار خاص به فإنه يحكم عليه بالفشل".

ويقول عمرو لصحيفة "فلسطين": "لن يخرج أي تيار يوازي التيار الرئيس للحركة لأن الظروف لن تخدمها، وخروج تلك التيارات لن يكون خروجا طبيعيا بل مرتبطا بإشكاليات جوهرية لها علاقة بسوء أداء تنظيمي ومالي".

ولن يدخر دحلان جهدا -وفق المحلل السياسي- للضغط من أجل عودته إلى فتح من خلال الدول العربية، لكن كلمة عباس الافتتاحية في اليوم الأول لمؤتمر فتح السابع عندما تطرق "للقرار الوطني الفلسطيني المستقل" يشير إلى عدم الرضوخ لأي ضغوط خارجية بالشؤون الداخلية لفتح.

من جانبه، رأى مدير "مركز الشؤون الفلسطينية" في بريطانيا إبراهيم حمامي، أن مجرد انعقاد مؤتمر حركة فتح السابع يعتبر نجاحًا لعباس وتياره وإقصاء تامًا لتيار دحلان ولو بشكل مؤقت.

وأشار حمامي لوكالة "قدس برس" الإخبارية، إلى أن رئيس السطلة محمود عباس حظي بتأييد مؤسسات فتح في الداخل والخارج وكذلك أسرى فتح وبالتالي أحكم قبضته على الحركة.

وذكر حمامي أن "دعوات المشاركة في المؤتمر تمَّ فرزها بشكل سياسي وأمني لضمان حضور المؤيدين لمحمود عباس وتمرير ما يريد من قرارات ومناصب".

وأكد أن حضور حركتي حماس والجهاد لمؤتمر فتح، يماشي حقيقة أنهما لا يعتبران فتح عدوًا، ولا يقاطعانها، ولا يقررون عنها.

واستغرب حمامي حضور مصر التي قال إنها تدعم دحلان في المؤتمر الذي يقصي دحلان.

وقلل من الرهان على مخرجات المؤتمر، وقال: "لن يخرج المؤتمر السابع بأي جديد من الناحية السياسية بل سيكرر الشعارات السابقة: الدولة، الثوابت الوطنية، السلام، الشرعية، لكنه سيغير في تركيبة فتح: لجنتها المركزية ومجلسها الثوري لتكون الحصة الأكبر لشخصيات معروفة كجبريل الرجوب وصائب عريقات وناصر القدوة وجمال محيسن ومحمود العالول وماجد فرج ومحمد اشتية تمهيدًا لمرحلة ما بعد عباس، لكن مع بقاء عباس زعيمًا أوحد وقائدًا عامًا لفتح".