فلسطين أون لاين

في يومها العالمي

تقرير زراعة القوقعة تجدد الأمل في نفوس فاقدي السمع

...
صورة أرشيفية
غزة/ هدى الدلو:

في الخامس والعشرين من فبراير يحتفل العالم كل عام باليوم العالمي لزراعة القوقعة، ذلك اليوم الذي يتجدد فيه الأمل لملايين من ذوي الإعاقة السمعية على وجه الأرض باستعادة سمعهم ولو جزئيًا. 

أم الطفلة يقين برهوم رغم انشغالها في دراستها الجامعية إلا أنها كانت تتمنى اليوم الذي يرزقها الله فيه بطفل يملي عليها حياتها ويتبادلان المناغاة فيما بينهما، ولكن بحكم تركها لساعات طويلة برفقة حماتها وخبرتها بالأطفال انتبهت أن حفيدتها لا تلتفت إلى الأصوات التي تصدر من حولها.

وكي لا تتسبب الجدة بضجيج في قلب والدي يقين خوفًا عليها، اصطحبتها إلى إحدى المراكز الطبية الذي عمد إلى تحويلها إلى مركز متخصص لعمل تخطيط سمعي، والذي أفاد بأن الطفلة تعاني من فقد شديد للسمع تفوق نسبته الـ90%.

تقول والدتها التي حضرت جلسة التشخيص برفقة زوجها: "كان شيء لا يوصف، انهيار كامل، وصدمة، لم أستطع تمالك نفسي حتى أنهم أحضروا اختصاصية نفسية من المركز لأجل تهدئتي".

بدأ المركز بإجراءات لعمل سماعة طبية وأخذ القياسات المناسبة لأذن يقين التي لم تتجاوز العام في حينه، والتي كلفتهم ما يقارب 3500 شيقل.

بات قلب أمها موجوعًا لمجرد وضع السماعة ورؤية الأسلاك الخاصة بها، حتى إن صغيرتها لم تتقبلها، فبعد وضعها على أذنيها والتفاف وجهها تسحبها، وما إن أصبح عمرها عامين جددوا عمل التخطيط ليجدوا أنه لم يطرأ أي تحسن على السمع.

قرر الأطباء عمل زراعة قوقعة، وبعد يوم صعب خرجت يقين من غرفة العمليات بروح ثانية، كان بمثابة ولادة جديدة لها ولذويها، وما إن تم تركيب الجهاز الخارجي وبرمجته كانت الأم تراقب ابنتها عن كثب فشعرت وكأن كهرباء مستها، لم تتمالك نفسها من البكاء.

تتابع الأم: "في تلك اللحظة شعرت أن روحي وروحها ردت إلينا، باتت إنسانة تتفاعل مع من حولها، وبات الجهاز كروحها لا تتحمل أن تفرغ بطاريته من الشحن، ومباشرة تحضر البديلة لأضعها لها وهي تقول لي "مما فش صوت"، وتبكي لمعلمتها في المدرسة لأجل التواصل معي وإخباري بضرورة استبدال البطارية".

الخوف من الصوت الأول

أما والدة الطفل عمر دبور فقد لاحظت عليه في الشهر الرابع من عمره بأنه لا يبدي أي تفاعل مع من حوله، وأنه ليس كالأطفال الطبيعيين، لتعرضه على عدة أطباء اختصاصيين، شخصوا حالته بوجود التهابات في الأذن، ووصفوا له علاجا لم يُحدث أي تحسن على تفاعلاته الحركية مع الصوت من حوله، ليظهر التخطيط السمعي لاحقًا وجود عجز كبير في السمع.

انصعقت من الخبر كونه لا يوجد أحدًا في عائلتهم يعاني من مشكلة سمعية. مرت الأشهر الأربعة اللاحقة صعبة على الأم وهي تنظر إلى طفلها دون أن يدرك ما يدور من حوله.

تقول: "تمكنا من تركيب سماعة طبية، انتظرت يومًا تلو الآخر لألاحظ أي تحسن، كان لا يلتفت إلا إذا صرخت بأعلى صوتي".

وعن المشاعر التي انتابت عمر بعد تركيب جهاز القوقعة، تقول: " أول صوت تسلل لأذنه شعر عمر بالخوف وكأن شيء غريب، بدا رأسه مشوشًا ينظر للأشخاص من حوله باستغراب، ولكن بعد أسبوع بات يطلب تركيب الجهاز ولا يستغني عنه، لينطق بابا وماما بعد شهرين".

وتضيف: "شعور لا يمكن وصفه، فبعد أن كان عمر جسدًا لا يتفاعل مع أحد، ولا أستطيع فهم ما يريد يتقطع قلبي من بكائه دون أن أفهم حاجته، بات يتفاعل مع الجميع ويطلب ما يريد بسهولة بعد أن تعلم النطق".

وتوجهت دبور بالشكر والعرفان لمن توصل لهذا الاختراع، "مجددًا الأمل في نفوس تلك الفئة التي كان ستدفن في حياتها بسبب انقطاعها عن التواصل مع المحيط".

ويعود الفضل في زراعة القوقعة إلى الطبيب الأمريكي ويليام إف هاوس الذي دأب على اختراعه لسنوات عديدة حتى يخرج إلى النور رغم محاولات التشكيك التي تعرض لها.

ووفقًا لمعطيات نشرها مشفى حمد بن خليفة في قطاع غزة، الرائد في عمليات زراعة القوقعة السمعية، فمنذ انطلاق البرنامج في عام 2017، أجرى المشفى 230 عملية زراعة قوقعة، فيما دمج 126 طفلًا في المدارس العادية ورياض الأطفال بالتعاون وزارة التربية والتعليم في غزة.

في حين تفيد معطيات رسمية بأن عدد من يعانون من إعاقة سمعية في غزة يزيد عن 2409 أشخاص فوق سن الـ18 عاما، و1243 شخصاً تحت سن الـ18 عاماً.