لم تفلح كل محاولات عائلة الأسير المريض عثمان يونس (45 عامًا) في معرفة آخر تطورات وضعه الصحي بعد أنْ علموا بإصابته بورم في الحلق، إذ يتعمد الاحتلال إخفاء حقيقة مرضه عن محاميه وذويه الذين لم يتمكن أحدٌ منهم من زيارته منذ عاميْن بسبب "وباء كورونا".
فالأسير يونس اعتقلته قوات الاحتلال في عام 2003م بعد مطاردة استمرت عاميْن تعرض خلالها لمحاولة اغتيال أصيب خلالها بأربع وعشرين رصاصة وشظايا صاروخ ونقل في حالة غيبوبة إلى مستشفى رفيديا.
وفي المشفى استأصل الأطباء خمسة أمتار من أمعائه والبنكرياس وثلاثة أرباع معدته فيما تشوهت يده اليسرى وبترت بعض أصابع كفه، لكن ذلك لم يشفع له لدى قوات الاحتلال الخاصة التي اقتحمت المشفى واعتقلته.
ووفق ما تفيد شقيقته منال يونس، ظل عثمان لفترة طويلة على كرسي متحرك في بداية اعتقاله، ثم تدريجيًا عادت له القدرة على المشي وقضاء حاجته، لكنه ما زال يعاني من آثار الإصابة والإهمال الطبي الذي تعرض له بعد اعتقاله، إذ لم يمكث في المشفى سوى وقت يسير ثم نقلوه لـ"مسلخ الرملة".
وبعد عاميْن من الاعتقال سمح الاحتلال لعائلته بزيارته لأول مرة، وكانوا يتعاملون معه كأي سجين عادي وينقلونه بين السجون المختلفة، دون أن يحصل على العناية الطبية اللازمة.
منذ دخول جائحة كورونا الأراضي الفلسطينية، غابت أخبار يونس عن عائلته، هذا إلى جانب عدم قدرة والدته المسنة والمريضة على زيارته بسبب رفض الاحتلال التماس العائلة بنقله لسجن "هداريم" الأقرب لمكان سكنها قلقيلية، في حين أنه لم يُجدد تصريح الزيارة لشقيقته منال.
مساعدة الأسرى
وخلال هذه الفترة علمت العائلة إصابته بورم في الحنجرة وأنه ينقل من حينٍ لآخر لمستشفى "برزلاي" فيما يرفض الاحتلال الإفصاح لممثلي مؤسسات حقوق الإنسان، عن طبيعة مرضه، "حتى التقارير الطبية التي يُسلمونها للمحامي الخاص به فإن الاحتلال يشطب ما لا يريد الإفصاح عنه، ويترك فقط ما يريد أنْ يظهره، "فالعائلة حتى الآن لا تدري هل هو مصاب بالسرطان أم مرض آخر؟!".
ولا تصل العائلة – وفق منال- أخبار عن عثمان سوى ما ينقله لها أهالي زملائه الأسرى أو من خلال ما يوصله الاحتلال للمحامي ورسائل "عثمان" التي يوصلها الصليب الأحمر.
ومضت إلى القول: "ما يخفف عنا أنّ زملاءه الأسرى لا يقصرون في العناية به ويفعلون كل ما بوسعهم لمساعدته خاصة أنه بيد واحدة".
وتشرح منال بالقول: "شقيقي ولكون أغلب معدته مستأصلة لا يأكل سوى أشياء خفيفة ولا يستطيع تناول الوجبات التي تقدمها إدارة سجون الاحتلال، فيقوم زملاؤه الأسرى بجمع أكياس الحليب والقرشلة من الأقسام وتقديمها له وهكذا".
ورغم كل معاناة عثمان إلا أننا عندما كنا نتمكن من زيارته، وكان يتعالى على جراحه ولا يُظهر شيئًا من معاناته لهم، تقول منال، مضيفة "حمل عثمان المسؤولية منذ الصغر حيث تُوفي والدي وهو مَنْ كان يعيلنا ويعمل لينفق علينا، وبرغم كل ما مرَ يحاول ألا تهتز صورته كأخٍ أكبر لنا".
ولا ينقطع الأمل عند منال بأنْ يتحرر يومًا رغم حكمه الكبير "4 مؤبدات مدى الحياة" ومعاناته في السجن، تقول منال:" دائمًا ما كان يحدثني عمّا سيفعله عندما يخرج، ولم ييأس من رفض الاحتلال لإكماله تعليمه حتى سمحوا له بذلك بعد خمسة عشر عامًا من اعتقاله فاجتاز الثانوية العامة وها هو يدرس الآن في الجامعة".
وكل ما تأمله العائلة أنْ يتم الإفراج عن يونس لتستطيع والدته المريضة والمثقلة بالهموم منذ اعتقاله احتضانه ورؤيته بين يديها مجددًا، "فأنْ نرى عثمان بيننا حرًا هذا هو أقصى أمانينا ونأمل أن تتمكن المقاومة الفلسطينية من تحريره هو وكل الأسرى المرضى وذوي الأحكام العالية".