فلسطين أون لاين

سكان الأغوار.. إخلاء تحت رصاص التدريبات العسكرية

...
عائلات من الأغوار أخلاها الاحتلال من مناطق سكناها بحجة التدريب العسكري
الأغوار/ غزة – فاطمة الزهراء العويني:

"في عزّ البرد والحر، صباحًا أو مساءً" يُجبَر أهالي بعض المناطق في الأغوار المُحتلة على إخلاء بيوتهم والبقاء في العراء قسرًا حيث يُجري الاحتلال الإسرائيلي "تدريبات عسكرية" على أراضيهم. يُضطر كبار السنّ والأطفال والنساء لترك فراشهم والجلوس بعيدًا في الجبال لساعاتٍ طويلة حتى يسمح لهم الاحتلال بالعودة لبيوتهم مُجدّدًا.

ففي خربة حمصة، يصف المواطن ياسر أبو الكباش ما يفعله الاحتلال بحقّهم من إخلاءٍ قسريّ لغرض التدريبات بـ"التهجير المتعمّد"، "فأنْ نخرج نحن وأبناؤنا ومواشينا نهيم في العراء في ساعاتٍ متأخرةٍ من الليل، وفي أجواءٍ قارسةٍ شديدةِ البرودة أو الحرارة لمُجرّد إرضاءِ مزاج الاحتلال هو أمرٌ مُنافٍ لكلّ القواعد الإنسانية".

ويشير إلى أنّ الاحتلال يختار أحيانًا بعض الليالي الشتوية شديدة البرودة أو في شهر رمضان حينما يكون الناس مُنهكين بسبب الصيام ويصدر قرارًا مفاجئًا بإخلاء البيوت لكي يفسح المجال أمامه للتدريبات، "وكثيرًا ما خرجنا من بيوتنا في البرد القارس، وأحيانًا اضطررنا لتناول طعام الإفطار في رمضان بين الجبال لإرضاء رغباتهم".

ولا يراعي الاحتلال حرمةً للبيوت فتجدهم في أيّ وقتٍ من الليل والنهار على أبوابنا –يقول أبو الكباش- طالبين الإخلاء الفوري خلال سُويعات، "فتحدث حالة من الإرهاب والخوف في صفوف الأطفال وكبار السن والنساء حين يخرجون مُسرعين من البيوت يبحثون عن ملاذٍ يحتمون به حتى انتهاء التدريبات".

ويعبّر أبو الكباش عن اعتقاده بأنّ ما يفعله الاحتلال "سياسة مقصودة" لدفع الناس لترك مناطقهم للاستيطان، "فهم يتركون المناطق القريبة من المستوطنات ولا يجرون فيها أيّ تدريبات ويتعمّدون إجراءها في المناطق التي يسكنها الفلسطينيون"، وفقًا للمواطن عبد المجيد خضيرات.

انتهاكات جسيمة

ويُبيّن أنّ معاناة الإخلاء بسبب التدريبات تُضاف لسلسلةٍ من الانتهاكات الجسيمة التي يُمارسها الاحتلال بحقّ أهالي الأغوار المحرومين من البناء والخدمات والحصول على المياه والمواد الغذائية وكلّ أساسيّات الحياة، في حين أنّ المُستوطنين المُجاورين لهم يتمتّعون على مرأى عينهم بكلّ أسباب الرفاهية وليس الحياة فقط!

ولم يكن الوضع في خربة ابزيق في الأغوار المحتلة أحسن حالًا، فسكانها يعانون هم الآخرون "هاجسَ التدريبات العسكرية" التي يبلّغهم الاحتلال بقرار إقامتها قبيل سُويعاتٍ فقط، ما يجعل الأهالي في حالة استنفار يحاولون "لملمة عائلاتهم" ويخرجون بصُحبة مواشيهم للعراء في انتظار إشارة العودة التي قد تطول.

يقول: "ففي آخر مرة جرت فيها تدريبات عسكرية أخرجونا من بيوتنا من الثامنة صباحًا حتى الواحدة ليلًا من اليوم التالي وهو وقتٌ طويلٌ جداً خاصة على كبار السّن والأطفال".

ففي وقت التدريبات – وفقاً لـ"خضيرات" – يكون هناك حالة أشبه بالنفير العام، وحالة غير طبيعية خاصة إذا كانت الأحوال الجوية قاسية شديدة البرودة أو الحرارة، " فيكون محظوظاً مَنْ يستطيع الوصول لبيوت المواطنين في المناطق القريبة فيما يُضطرّ الآخرون للجلوس في العراء حتى انتهاء التدريبات".

ويُبيّن أنّ الاحتلال يهدف لتهجير أهالي الأغوار بحُججٍ مختلفة فيعتبر بعضًا من الأراضي "محميّات طبيعية" وأخرى مناطق "تدريب عسكري" وهكذا، فالحجج مختلفة لكنّ الهدف واحد وهو التهجير.

ولا يقف "خطر التدريبات العسكرية" عند حد "التّهجير المؤقّت" بل يزيد الأمر صعوبة أنّ الاحتلال يُجري التدريبات بين بيوت المواطنين المُخلاة، ويترك مُخلّفاتٍ وراءه تسبّبت في الفترة الماضية بارتقاء ثلاثة شهداء، ووقوع العديد من الإصابات في صفوف المواطنين، تبعًا لخضيرات.

ويُضيف: "يتركون مُخلّفات الأسلحة بما فيها مواد فسفورية مُشعّة، ما يُشكّل خطورةً كبيرةً على الأطفال، قد تُودي بحياة مواطنين قُبيل أنْ يتمكن الأمن الفلسطيني من الوصول لها وتفكيكها".

ويدرك أهالي "ابزيق" أنّ هدف الاحتلال من تلك الإجراءات هو الضغط عليهم لدفعهم لترك أراضيهم، ليستوليَ عليها المستوطنون، وهو ما يجعل إجراءات الاحتلال بحقّهم صعبة جدًّا حيث يُضيّق عليهم كل سبل الحياة للهدف ذاته.

ويتعمّد جيش الاحتلال "تدريبات عسكرية" في الأغوار لتدميرها وترحيل السكان منها، وعادةً ما تخلّف تلك التدريبات أضرارًا كبيرة في مزروعات السكان، حيث تجوب آليات عسكرية الأراضي الزراعية، وتشقّ طرقًا وسطها. 

وتبلغ مساحة منطقة الأغوار الفلسطينية، نحو 1.6 مليون دونم (الدونم 1000 متر مربع)، ويسكن فيها نحو 65 ألف فلسطينيّ في 34 تجمّعًا. ويبلغ عدد المستوطنين، في المنطقة، منذ الاحتلال الإسرائيلي للضفة عام 1967، نحو 13 ألف إسرائيلي.