إن واقع الحال في فلسطين المحتلة أن الكيان الصهيوني يمارس أبشع أشكال التمييز العنصري والإرهاب منذ احتلال دولة فلسطين حتى اليوم، وتصاعدت الممارسات، ومحاولات التهويد في مدينة القدس والنقب، وما يحدث في حي الشيخ جراح يأتي في الإطار والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، وبناء المستوطنات العنصرية، وارتكاب جرائم بحق الأسرى في سجون الاحتلال، فأمام هذه الجرائم الصارخة والانتهاكات الواضحة المجتمع الدولي لم يتخذ أي إجراءات فعلية لمواجهة هذه الجرائم الصهيونية العنصرية، واستمرت معاناة الشعب الفلسطيني من هذا الوضع غير الإنساني، الذي يشكل تهديدًا واضحًا لحقوق الشعب الفلسطيني المكفولة وفق القانون الدولي، وانتهاك الاحتلال حقوق الإنسان ومخالفته المواثيق الدولية، لتنكشف بذلك مظلومية الشعب الفلسطيني الذي يعيش تحت الاحتلال العنصري، وأمام استمرار هذه الجرائم الصهيونية صدرت تقارير توضح وتكشف واقع الحالة القانونية والمعاناة الإنسانية للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الصهيوني العنصري.
لقد جاء تقرير منظمة العفو الدولية أمنستي ليفضح ما ترتكبه دولة الاحتلال من جرائم بحق الشعب الفلسطيني، وعدّ التقرير دولة الاحتلال دولة فصل عنصري، مستعرضًا القوانين الصهيونية العنصرية التي سنها الكنيست، مثل قانون القومية الذي ينكر حق الشعب الفلسطيني في ممارسة حقوقه، ضمن سلسلة من الانتهاكات الممنهجة بحق المواطنين الفلسطينيين، وفي محاولة لتهويد الأراضي كما يحدث في حي الشيخ جراح والنقب والقدس، وبصورة مشابهة صدرت عدة تقارير سابقة تشير إلى أن الاحتلال يمارس أشكال الفصل العنصري على الشعب الفلسطيني، كان أبرز هذه القرارات تقرير (هيومن رايتس ووتش)، وكذلك تقرير سابق أعدته لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية (إسكوا) في عام 2017، وتقارير من منظمة (بتسيلم) في داخل الكيان الصهيوني، أشارت خلالها إلى الانتهاكات العنصرية التي تمارس بحق الفلسطينيين في المدن والقرى الفلسطينية على الحواجز وفي السجون، عنصرية واضحة، وأوضح مثال للعالم جدار الفصل العنصري الذي أنشأه الاحتلال حتى يفصل ويقطع التواصل بين الأراضي الفلسطينية ويصادر آلاف الدونمات، وكذلك المستوطنات الإرهابية.
والجدير بالذكر أن هذا التقرير له قيمة قانونية في القانون الدولي، ويمكن توظيفه بتقديمه للمحكمة الجنائية الدولية صاحبة الصلاحية للنظر في جرائم الفصل العنصري والجرائم ضد الإنسانية، وبذلك إن هذا التقرير يمثل إثباتًا للانتهاكات الصهيونية غير الإنسانية والعنصرية التي رصدها تقرير أمنستي في بنوده، ويمكن استثمار تقرير أمنستي بداية الأمر بملاحقة قادة الاحتلال، وتقديم شكوى للجنة حقوق الإنسان والمحكمة الجنائية الدولية، من طريق السلطة الفلسطينية التي وقعت ميثاق روما الأساسي، الذي يسمح لها بملاحقة قادة الاحتلال أمام المحكمة الجنائية الدولية، وإن كنت أعتقد أن السلطة لن تفعل شيئًا على أرض الواقع، وستستمر في ممارسة الديماغوجية السياسية لتضليل الشعب الفلسطيني.
وكذلك أيضًا إن المطلوب أمام تقرير مهم مثل تقرير أمنستي الذي يتمتع بمصداقية عالية لدى الأوساط الأوروبية والغربية أن تتحرك القيادة الفلسطينية والفصائل الوطنية بمخاطبة للأحزاب والدول الصديقة للشعب الفلسطيني، لترويج هذا التقرير أمام البرلمانات الصديقة للشعب الفلسطيني، من أجل البناء عليه، وسن تشريعات وقوانين تعد الكيان الصهيوني دولة الفصل العنصري الأبارتهايد، وتوعية الشعوب ذلك، من أجل شن حملات مقاطعة واسعة للاحتلال سياسيًّا واقتصاديًّا وثقافيًّا.
مع ذلك يجب التحرك مع اللولبيات الصديقة والجماعات المناصرة للحق الفلسطيني في الساحة الدولية والإسلامية، من أجل استثمار ما جاء في تقرير أمنستي المهم جدًّا، وكذلك دفع الجاليات الصديقة للشعب الفلسطيني والمنظمات الحقوقية حكوماتها لاتخاذ القرارات بوصف الكيان الصهيوني دولة فصل عنصري، وهذه الخطوات سيكون لها تأثير عميق على صورة الكيان أمام العالم، ورسالة قوية أن مستقبل دولة الفصل العنصري الصهيونية هو الزوال؛ فهي آخر دولة فصل عنصري في العالم.