تقضي الفنانة التشكيلية صفاء السحار وقتًا طويلًا من يومها وهي تُطوع "عجينة السيراميك" لتنتج منها أشكالًا فنية، تضيفها إلى "الأكواب" والسلاسل والإكسسوارات، لتنتج تحفًا فنية تسوقها عبر الإنترنت لهواة هذا الفن الجميل.
و"السحار" خريجة من قسم التربية الفنية بجامعة الأقصى، وتعمل حاليًّا في عدة مجالات فنية، لكن "عجينة السيراميك" تأخذ الوقت الأكبر من اهتمامها وشغفها.
وتبين أن هذه العجينة فن قديم جدًا ابتكرته سيدة ألمانية أرادت أن تمنع ابنها من اللعب في الطين، فلجأت لصنع عجينة مفيدة لا تلوث يديه، ثم تبنتها شركة فرنسية وطورتها وأضافت لها بعض المواد حتى أصبحت عجينة يمكن للناس تشكيلها وإنتاج تحف فنية.
ورغم أنّ السحار (26 عامًا) تتقن كثيرًا من الفنون اليدوية، فهي تعمل مدربةً للفن التشكيلي الآن في عدة مؤسسات بغزة، وكمدرسة للتربية الفنية في كلية التدريب التابعة لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين، إلا أن الأشياء الفنية التي تحتاج لجهد يدوي تستهويها أكثر.
وخلال فترة الدراسة الجامعية كانت السحار تحب أن تقدم المشاريع الفنية المبتكرة التي طالما نالت إعجاب مدرسيها، ومن ضمن تلك المشاريع "عجينة السيراميك"، التي اتخذتها مهنةً بعد تخرجها في الجامعة.
وتبين أنها من أوائل الفنانين بغزة الذين امتهنوا تشكيل "عجينة السيراميك" وبيعها من خلال متجر إلكتروني خاص بها، بعد أنْ استغرقت وقتًا طويلًا في البحث عن كيفية عملها وتشكيلها ومعرفة أسرارها.
عدة تجارب
ولصنع عجينة السيراميك منزليًّا تحتاج السحار إلى مسحوق نشا الذرة، والغراء، والخل لمنع التعفن، وزيت نباتي ليمنح العجينة قوامًا يساعد على تطويعها، وبعض المواد الخاصة التي استنتجتها عن طريق عدة تجارب فاشلة.
بعد ذلك تقسم الفنانة التشكيلية العجينة إلى أقسام وتلونها، ومن ثم تعمل على تشكيلها وتركها على "الكوب مثلًا" لمدة خمسة أيام حتى تجف.
بعد ذلك تعاود السحار فك العجينة وتضع عليها مادة عازلة للرطوبة قبل أن تعاود إلصاقها على الكوب بالغراء ثم تغلفه كهدية وتسلمه للمشتري.
وتشير إلى أنها تنتج قطعًا تبرز هوية فلسطين وتراثها كالكوفية وخريطة فلسطين ومفتاح العودة التي عادة ما تُطلب منها لإهدائها للوفود الأجنبية.
ويمكن للسحار أن تضع عجينة السيراميك على أباريق الشاي، و"ترامس القهوة" والفناجين والأعمال الفنية والدروع والمجسمات وغيرها.
وتلفت إلى أنها تنتج غالبًا مجسمات خاصة بالمواسم كالشتاء ورمضان، في حين تنتج على الأغلب أشكالًا خاصة وفق طلب الزبون.
ولأسرة السحار دورٌ هام في دعمها في عملها ومساعدتها في العمل حال وجود ضغط عمل عليها، وبشكل أساسي في توصيل المنتجات للزبائن، ورغم ما يستغرقه العمل من وقت إلا أنها تهوى هذا العمل وتشعر بالمتعة فيه.
وتقول: "كلما أنجزتُ شكلًا جديدًا فهذا يعزز نفسيتي ويزيدني فخرًا بعملي، فأنا أشغل وقت فراغي بإنتاج أشكال جديدة"، مشيرة إلى أن عملها يلقى إقبالًا من الزبائن، وكثير منهم يعود إلى متجرها ويكرر طلب شراء منتجات جديدة.
وتطمح السحار بأن تنشئ متجرًا على أرض الواقع يمكنها من التعامل وجهًا لوجه مع الزبائن ويُمكنهُم من الاختيار من بين المشغولات الفنية بِحُرية، مبينة الحاجة لجهات حكومية أو أهلية تدعم المشاريع الشبابية الناشئة وتمكنها من النجاح.
وتدعو الشباب الفلسطيني الذي لديه مشاريع ويخشى من الظروف الصعبة بغزة لأنْ يبدأ، حتى لو كانت البداية صعبة فإنه بعزمه وإصراره سيصل إلى هدفه.
وتلفت إلى أن الفضاء الإلكتروني يُمكن الشباب بسهولة من بدء مشاريعهم ليمكنهم لاحقًا من تحويلها لمشاريع على أرض الواقع حال توفر الميزانية اللازمة.