قائمة الموقع

بِعَدِّها إحدى مؤسساتها.. عباس "يذيب" المنظمة في السلطة ويُلغي دورها

2022-02-19T09:30:00+02:00

رفض سياسيون وحقوقيون "قرار بقانون" الذي أصدره رئيس السلطة محمود عباس، بِعَدّ منظمة التحرير الفلسطينية ودوائرها ومؤسساتها والمؤسسات التابعة لها كافة، ضمن "دوائر دولة فلسطين".

وعدَّ هؤلاء قرار عباس بمنزلة "مسمار جديد في نعش المنظمة" التي طالبت العديد من الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية مرارًا بإعادة بنائها وترتيب أوضاعها الداخلية بعد سنوات طويلة من تهميشها.

وأكد عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية محمد الغول، أهمية عدم خضوع المنظمة للسلطة، وأن يكون لها مرجعية سياسية وأداة كفاحية للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.

وشدد الغول في تصريح لصحيفة "فلسطين"، على ضرورة إعادة الاعتبار للمنظمة ولبرنامجها السياسي وهيئاتها التنظيمية واتحاداتها الشعبية والشبابية، ومؤسساتها كافة.

ونبَّه إلى أن منظمة التحرير لا تخضع للسلطة أو غيرها، بل العكس؛ واعتبار السلطة دائرة من دوائر المنظمة، وأن تمارس دورها بالكامل والاعتناء بأبناء شعبنا في الداخل والخارج.

وأضاف أن التجربة السياسة بحاجة إلى عملية مراجعة شاملة في ظل استمرار الاحتلال، ووضع استراتيجية وطنية سياسية جديدة للشعب الفلسطيني تزامن المعطيات الموجودة على الأرض.

وعدَّ قرار عباس اعتبار المنظمة من دوائر السلطة، سيكون له تبعات وخيمة وتهميش المنظمة وإلحاقها بمؤسسات السلطة، وهذا الأمر يفقدها مضمونها ومعناها الحقيقي الذي نشأت عليه ومن أجله.

ولفت عضو اللجنة المركزية في الجبهة الشعبية، إلى أن هذا القرار يأتي بعد عقد المجلس المركزي للمنظمة وسط مقاطعة فصائل مركزية لم تشارك في الجلسة التي عقدت بمدينة رام الله، وعدَّ أنها "جلسة ليست شرعية نتج عنها سلسلة من القرارات لم تعترف بها معظم مكونات الشعب الفلسطيني لأنها نتجت عن جلسة غير توافقية".

وأكد الغول أن وراء كل ذلك هدف سياسي، والانزلاق في المزيد من الهرولة نحو مسار التسوية والمفاوضات والتزام كل الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال الإسرائيلي.

"قرارات الفرد"

ولم يبدِ أستاذ العلوم السياسية والقانون الدولي د. أمجد شهاب، استغرابه من قرار رئيس السلطة بشأن المنظمة، وقال لـ"فلسطين": "لم أفاجأ من القرار لأنني أشعر فعليًا منذ سنوات طويلة أن منظمة التحرير غير موجودة على أرض الواقع، وقد بات القرار السياسي بيد رئيس السلطة".

وأضاف شهاب، وهو رئيس قائمة الحرية والكرامة الانتخابية، أن قرار عباس "يثبت بوضوح أن المنظمة لم تعد كيانًا خاصًّا بذاتها وإنما دائرة من دوائر السلطة، وأداة لتسويق الاتفاقيات، وهي تضم بعض الفصائل لمنح الغطاء السياسي والشرعية للسلطة ورئيسها فقط".

وتابع: "واضح أن عباس يحافظ على بقاء السلطة في يده حتى آخر رمق، والدليل على ذلك موضوع منظمة التحرير في تعيين شخصيات مقربة بمناصب راقية في المنظمة، ومنهم روحي فتوح الذي أصبح رئيسًا للمجلس الوطني، وحسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية للمنظمة، وبذلك عباس ألغى المجلس الوطني ومنح صلاحياته للمجلس المركزي".

واعتبر شهاب "منظمة التحرير جسدًا ميتًأ منذ عقود، وهي منذ 27 سنة تتلقى مساعدات وتمويل مباشر من السلطة، وقرار عباس الأخير يلغي دورها ويلحقها بالسلطة لأنها فعليًا تهيمن على كل المؤسسات المتنفذة في الضفة الغربية المحتلة وكلها تتبع للسلطة وليس المنظمة".

"تذويب المنظمة"

وقال النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي د. حسن خريشة: إن "قرار دمج منظمة التحرير ضمن إطار السلطة، يأتي في ظروف غير طبيعية، ومن أجل احتكارها لأسباب سياسية".

وأضاف خريشة لـ"قدس برس" أن من أهم الأسباب التي دفعت لاتخاذ هذا القرار "عدم دخول أجسام أخرى لمنظمة التحرير من غير المحسوبة على قيادة السلطة الحالية".

ووصف ما يجري بأنه "محاولة تذويب للشخصية القانونية والمعنوية لمنظمة التحرير، وإخضاعها لأنظمة السلطة، كي تصبح جزءًا من إفرازات (أوسلو)".

وتابع: "السلطة كانت تردد على الدوام أن مرجعيتها منظمة التحرير وقراراتها.. وهذا القرار يعتبر تقزيمًا لها.. بدلا من الإبقاء على منظمة التحرير، تصبح السلطة هي المسيطرة على كل شيء، وتتحول الأمور بالمقلوب، والفرع يصبح الأصل".

ونبه إلى أن "قرارات بقانون والتي تصدر عن رئيس السلطة محمود عباس، يجب أن تخضع للضرورة التي لا تحتمل التأجيل، وهذا لا ينطبق على القرار الذي صدر عنه بخصوص المنظمة".

النظام الأساسي

وقال المحامي مصطفى شتات إن "ما ورد في القرار بقانون، تجاوز خطير لمكانة المنظمة، بوصفها شخصًا من أشخاص القانون الدولي العام".

وأوضح شتات لـ"قدس برس" أن "منظمة التحرير تبقى متمتعة بهذه الصفة حتى نيل الاستقلال الوطني لفلسطين، وعند ذلك فقط تحقق غايتها، ويُعمل بدستور دولة فلسطين المستقلة، خصوصا أن أي شأن يتصل بالمنظمة وفقاً لنظامها الأساسي؛ يقع في صُلب اختصاص مؤسساتها فقط".

كما قال القاضي السابق أحمد الأشقر، إن هناك محاولات مستميتة عبر القرارات بقانون، لتذويب الشخصية القانونية لمنظمة التحرير بالشخصية القانونية للسلطة، عبر إخضاع المنظمة للنظام القانوني للسلطة، وصهرها في بوتقة إفرازات (أوسلو).

وأضاف أنه "ليس أدل على ذلك من الاستناد للنظام الأساسي لمنظمة التحرير في ديباجة إصدار القرارات بقانون، علما أن هذا استناد خاطئ ومضلل لأن سلطة التشريع في المنظمة عائدة للمجلس الوطني، وليس لرئاسة السلطة".

وأكد أن "هناك محاولة للإيهام في أكثر من قرار بقانون -منها قرار بقانون الانتخابات العامة، وقرار بقانون دعاوى الدولة الأخير- بأن رئيس الدولة (السلطة) هو رئيس منظمة التحرير حكمًا، وهذا غير صحيح البتة، وفيه تضليل كبير ومغالطة".

وتابع: "أرجو أن تكون هذه المغالطة قد صدرت عن جهل ودون قصد؛ لأن توافر القصد في الإصرار عليها، يعني بالضرورة إنهاءً تشريعيًّا للمنظمة، بعد أن تم إلغاؤها وتهميشها في الواقع".

من جهته، عدَّ الكاتب الصحفي مصطفى الصواف، أن "المعنى الفعلي والحقيقي لقرار عباس هو إنهاء منظمة التحرير، والتي سببت له صداعا كبيرا، وحيرة أكبر في إيجاد الوسيلة المناسبة لتصفيتها".

وقال الصواف إن "السلطة أصبحت المتحكم في الشأن الفلسطيني"، مطالبا "كل المؤمنين بأن فلسطين هي ملك للشعب الفلسطيني في جميع أماكن وجودهم، بأن يعلنوا عن هيكل أو مسمى تنظيمي جديد لحماية حقوقهم الشرعية".

اخبار ذات صلة