فلسطين أون لاين

الشيخ جراح.. مخاوف الاحتلال واستعداد المقاومة

تتنامى المخاوف لدى قيادة الاحتلال من أن تؤدي المواجهة الحاصلة في حي الشيخ جراح إلى اندلاع جولة جديدة من القتال على غرار ما حدث في معركة سيف القدس التي انطلقت دفاعا عن حي الشيخ جراح في مواجهة عدوان إسرائيلي كان يستهدف سكان المدينة، لذلك اتخذت عديدًا من الإجراءات على الأرض "ميدانيا، وسياسيا، وإعلاميا" في محاولة لتطويق الأحداث واحتواء الموقف.

وكان ضمن ذلك ما صرح به رئيس وزراء الاحتلال نفتالي بينيت، ووزير خارجيته يائير لابيد، ووزير الجيش بيني غانتس، الذين هاجموا عضو الكنيست اليميني المتطرف إيتمار بن غفير بسبب هذه الأحداث نتيجة تحركاته الاستفزازية الأخيرة وتصريحاته المتواصلة ضد المقدسيين وفتحه مكتبًا في تلك المنطقة وتنظيم مسيرات أدت لإشعال مواجهة مباشرة، متهمين بن غافير بأنه يريد أو يسعى لإشعال المنطقة لتحقيق أغراض سياسية وأنه غير معني بحماية السكان اليهود.

إضافة إلى الاتصالات التي أجريت مع الوسطاء لإيصال رسائل للمقاومة بأن حكومة الاحتلال غير معنية بأي تصعيد ولا ترغب بإشعال المنطقة وأنها معنية بإعادة الاستقرار ووقف ما يجري في حي الشيخ جراح لكنها على ما يبدو وعلى الرغم من كل إجراءاتها ما زالت غير قادرة على معالجة الأمر بشكل جذري لاعتبارين هامين: الأول؛ خشيتها من أن تظهر بأنها عاجزة ومردوعة أمام حركة حماس وبقية فصائل المقاومة، والاعتبار الثاني؛ أنها لا ترغب في ممارسة ضغوط إضافية على الجماعات المتطرفة التي تشارك فيما يجري ضد أهالي الشيخ جراح لاعتبارات داخلية وخشية من تعاظم حالة الانتقاد واللوم لسياسات الحكومة.

وفي ذات الوقت فإن قيادة الاحتلال تنظر (بعين الخطورة) لما يجري وتتحسب لأي طارئ، وعززت عددًا من المناطق بمنظومة القبة الحديدية خشية أن تتطور الأوضاع وتنجرف إلى تصعيد غير محسوب تتعرض فيه الأهداف الإسرائيلية لهجمات صاروخية تنطلق من غزة، وتزامن ذلك من تعزيزات إضافية في كل المناطق سواء في الضفة أو الداخل المحتل لأنها تدرك تماما أن هذه المنطقة منطقة متفجرة ويمكن أن تشعل كل المناطق خصوصا في ظل ما ينقله الإعلام العبري بأن هناك إنذارات ساخنة عن نية خلايا للمقاومة لإطلاق صواريخ، ويتزامن ذلك مع تصاعد الهجمات ضد الجنود والمستوطنين وتكرار حوادث إطلاق النار في الضفة الغربية.

ووسط هذه المخاوف فإن الاحتلال يحاول عزل حي الشيخ جراح ويمنع وصول المتضامنين إليه خشية من أن تزيد زخم المواجهات الحاصلة وتتحول أيضا "لتهديد حقيقي" ضد الجنود والمستوطنين، وقد ظهر ذلك من خلال قيامه بنصب العديد من الكاميرات، وقمعه للمتضامنين وتفريقهم بالهراوات والخيالة وقنابل الغاز واعتقال آخرين منهم وإغلاق مداخل الحي بالسواتر الحديدية والمركبات العسكرية وإغلاق كل الطرق الرئيسة المؤدية للحي، لكن على الرغم من كل هذه الإجراءات فإن الأحداث لم تهدأ وما زالت مرشحة لمزيد من التصعيد نتيجة استمرار الاعتداءات الإسرائيلية والاستفزازات المتكررة.

ويمكن القول إن حكومة الاحتلال لا تملك القدرة على تحديد مسار الأحداث أو حتى تطويقها بالشكل الذي تريده وستفشل في محاولات الخداع التي تمارسها ولا يمكنها أن تفلح في عزل حي الشيخ جراح عن محيطه في غزة أو الضفة أو الـ48، ويمكن أن تدفع الثمن إذا لم تتحرك وتوقف الاعتداءات بشكل فوري؛ لأن القدس والأقصى خطوط حمراء لا يقبل اللعب بها أو الاقتراب منها لما تمثله من قدسية ومكانة لدى الفلسطينيين الذين يمكن أن يقدموا كل ما يملكون من أجل التصدي للعدوان وردع الاحتلال، فمعركة سيف القدس نجحت في ترسيخ الأهداف الوطنية الكبرى وعلى رأسها أن الاعتداء على القدس والأقصى هو بمثابة اعتداء مباشر على كل الفلسطينيين.

لذلك: فإنه على الوسطاء التحرك بشكل فوري لممارسة أقصى ضغط على الاحتلال لوقف ما يجري في حي الشيخ جراح ومنع الاحتلال من استمرار عدوانه سواء كان عبر جنوده أو مستوطنيه؛ لأن المقاومة لن تتردد في التحرك لردع العدو بكل ما تملك من قوة، فما حققته معركة سيف القدس سيتم حماية مكتسباته بالبارود والنار، والعدو يدرك تماما أن المقاومة قادرة وتملك الإرادة والقرار ويمكنها فعل الكثير، وتصريحات بل تهديدات الفصائل في الساعات الأخيرة واضحة وكافية للدلالة على موقف وقرار المقاومة.