فلسطين أون لاين

تقرير في "فروش بيت دجن".. تجفف منابع المياه لتنهب الأرض

...
صورة أرشيفية
الأغوار-غزة/ مريم الشوبكي:

بين أشجار الحمضيات في قرية فروش بيت دجن بنى ثابت أبو ثابت خزان مياه منذ سبعة أشهر ليتمكن من ري محاصيله على مدار العام، ويخفض المصاريف التشغيلية التي تفوق سعر المنتج عند بيعه.

قبل أيام هدم الاحتلال الإسرائيلي خزان مياه معدنيًّا يملكه أبو ثابت، بحجة عدم الترخيص، ولكن في الحقيقة هي وسيلة ضغط عليه من أجل هجر أرضه، فيصادرها كآلاف الدونمات التي سيطر عليها في السابق.

فروش بيت دجن هي من قرى الأغوار الواقعة إلى الشمال الشرقي لمحافظة نابلس، تقع حسب اتفاقية أوسلو في منطقة (ج)، تبلغ مساحتها 14 ألف دونم، صادر الاحتلال 10 آلاف منها وأقام عليها مستوطنة الحمرا، في حين صنف بعض الأراضي مناطق عسكرية، وأخرى "أملاك دولة".

يسكن القرية 1200 فلسطيني يعتمدون في معيشتهم على الزراعة وتربية المواشي بنسبة 98%، يمنعهم الاحتلال من بناء البيوت، ووصول خطوط الهواتف الأرضية إليها، أما المفارقة فهي منازل القرية التي يفوق عمرها عمر الاحتلال، ولا تزال شاهدة حتى يومنا هذا على حقيقة الأرض منذ عام 1919م.

يبين أبو ثابت لـ"فلسطين" أن الخزان سعته 250 كوبًا، أقيم بدعم من وزارة الزراعة بالضفة الغربية ضمن مشروع العناقيد.

ويوضح أنه يستخدمه لري أشجار الحمضيات على مساحة 6 دونمات، إذ يجمع المياه من الآبار الارتوازية في القرية ويخزنها فيه من أجل سقي الأشجار في الوقت المناسب بالكمية التي تناسبها.

ويلفت أبو ثابت إلى أنه قبل إقامة الخزان كان يعاني مشكلة شح المياه، وعدم قدرته على ري المزروعات في الوقت الذي يناسب المحاصيل، فيضطر إلى اشتراء ساعة المياه بـ150 شيقلًا دون الاستفادة منها على الوجه المطلوب.

ويشير إلى أن توجه إلى مركز القدس للمساعدة القانونية، واستغرق الأمر خمسة أيام لتصدر ما تسمى "الإدارة المدنية" التابعة لجيش الاحتلال رفضًا للاعتراض، في اليوم نفسه توجه المركز بطلب التماس لـ"النيابة الإسرائيلية"، وآخر لما تسمى "المحكمة العليا الإسرائيلية" بتاريخ 12 كانون الآخر (يناير)، التي أصدرت بدورها "أمرًا احترازيًّا" يمنع هدم الخزان.

ويذكر أبو ثابت أنه بعد 10 أيام من صدور الأمر الاحترازي قدمت "النيابة الإسرائيلية" ردها على الالتماس، ليصدر قاضي المحكمة قرارًا بإلغاء الالتماس وفرض مصاريف محكمة على الملتمسين بقيمة 3500 شيقل.

ويقول أبو ثابت: "إن هدم الخزان سيؤثر في عملية ري المزروعات في فصل الصيف، إذ تشح المياه في المنطقة، فضلًا عن حاجة المحاصيل لكميات كبيرة من المياه بفعل ارتفاع درجات الحرارة".

وينبه إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يعلم تمامًا أن أهالي القرية يعتمدون على الزراعة في معيشتهم، لذا يحاربهم بإعاقة بناء خزانات فيها من أجل تهجيرهم قسرًا منها.

تكلفة إنتاجية عالية

أما المزارع سعد حنيني فيزرع الخضراوات في أرضه بعد أن خلع أشجار الحمضيات المعمرة، والأفوكادو[1] ، والقشطة، التي كان يزرعها منذ سنوات.

ويشكو حنيني شح مصادر المياه في قرية فروش بيت دجن، وتلوث مصدرها الوحيد وادي الفارعة بمخلفات المصانع، والمحاجر.

ويبين أنه لجأ إلى زراعة الخضراوات شتاء في الدفيئات الزراعية، إذ تقل عملية التبخر، وبذلك تستهلك كميات أقل من المياه.

ويلفت حنيني إلى أن مزارع القرية يتكبد يوميًّا خسائر لاضطراره إلى بيع محصوله الذي كلفه مصاريف تشغيلية عالية بسعر أقل منها، ومع ذلك لا يزال متمسكًا بأرضه رغم كل الخسائر.

بدوره يبين رئيس المجلس القروي لـ"فروش بيت دجن" عازم الحاج محمد أن أهالي القرية يعتمدون في ري مزروعاتهم على مشروع غور ري الفارعة، ونبع عين شبلي، وفائض الينابيع الأخرى التي تقع في شمال القرية.

ويوضح الحاج محمد لـ"فلسطين" أن مساحة الأراضي المزروعة 17 ألف دونم، ولكن نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية على المياه بحفر آبار عميقة جفت المياه في القرية، لذا يتجه السكان لتغطية العجز بحفر آبار ارتوازية ذات ملكية خاصة.

يستدرك: "ولكن هذه الآبار تحتاج إلى شبكات ري حديثة كالتنقيط، لذا يلزم وجود خزانات مياه متعددة الأحجام".

حرمان من المياه

ويضيف الحاج محمد: "وجود تلك الخزانات أساسي من أجل جدولة عمليات الري بالكمية والوقت المناسبين لكل محصول".

وينبه إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يعيق إقامة خزانات مياه، فقد هدم بركة للمياه قبل سبعة أشهر رغم وجود قرر من المحكمة "العليا" الإسرائيلية بعدم الهدم، وكان يستفيد منها جميع مزارعي القرية.

ويشدد الحاج محمد على أن الاحتلال يستهدف البنية التحية الزراعية، من أجل تفريغ القرية من السكان تمهيدًا لعملية الضم للأراضي المصادرة.

وكانت مساحة الأراضي المزروعة بأشجار الحمضيات 2000 دونم، لكن نتيجة شح المياه، والعراقيل الإسرائيلية تراجعت إلى 500 دونم، ولجأ المزارعون إلى زراعة الخضار شتاء، لأن عمليتي الري، والتبخر تكونان أقل، وفقًا لحديث رئيس مجلس القرية.

وفي عام 1966م كان يبلغ عدد سكانها 6000 نسمة، وبها 9 آبار ارتوازية، ومحطتا بنزين، وفيها خطوط هاتف، أما اليوم فتناقص عدد الآبار إلى خمس، ولم تعد هناك شبكة للاتصالات، ولا محطات للوقود.

وينبه الحاج محمد إلى أن عدد سكان القرية يتناقص من 1200 نسمة نهارًا إلى 700 ليلًا، لعدم صلاحية البيوت للسكن، ومنع الاحتلال المواطنين الفلسطينيين من ترميمها.