فلسطين أون لاين

تقرير مع تصاعد أحداث "الشيخ جراح".. سيناريوهات متوقعة تنذر بالخطر

...
صورة أرشيفية
القدس المحتلة-غزة/ جمال غيث:

مُجدّدًا؛ عادت قضية حي الشيخ جراح بمدينة القدس المحتلة إلى واجهة الأحداث وتصدّرت المشهد الفلسطيني بعد أن أعاد عضو "الكنيست" الإسرائيلي المتطرّف ايتمار بن غفير فتح مكتب له في الحيّ وما تلاه من اقتحام عشرات المستوطنين الحي واعتدائهم على الأهالي.

ومنذ أيام يسود التوتر في حيّ الشيخ جراح بعد حشد مئات المستوطنين المُتطرّفين لاقتحامه والاعتداء على سكانه وممتلكاتهم، ما أدّى لاندلاع مواجهاتٍ أسفرت عن عشرات الإصابات في صفوف أهالي الحي.

ويشهد الحي، الذي يُعدُّ من أرقى أحياء مدينة القدس، ويضمّ قنصلياتٍ ومساكنَ دبلوماسيين، توتُّرًا منذُ أشهرٍ على خلفية تهديدِ الاحتلالِ بتهجيرِ عائلات فلسطينية قسرًا من منازلها لصالح جمعيّات استيطانية.

وفي مايو/ أيار الماضي، خاضت المقاومة في قطاع غزة معركةً مع الاحتلال أطلقت عليها اسم "سيف القدس" دفاعًا عن القدس والمسجد الأقصى، والتصدّي لمحاولات الاحتلال تهجير سكان الحيّ من بيوتهم قسرًا.

وحذّرت فصائل المقاومة في قطاع غزة خلال مؤتمرٍ صحفيّ عُقدَ بمدينة غزة أمس الاحتلال من مُواصلة مُخطّطاته ومشاريعه الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، لافتةً إلى أنها لن تتوانى عن حماية الوجود والمُقدّرات الفلسطينية، مؤكدة أنّ "سيف القدس" لا يزال مُشرعًا وأنّ المعركة لم ولن تنتهي إلا بزوال الاحتلال.

"سيف القدس"

وقال المحلل السياسي المقدسي راسم عبيدات: "المرجل المقدسي بات يغلي بشكل كبير جدًا"، مُتوقعًا انفجار الأوضاع في الأيام القليلة القادمة إذا استمرَّ الاحتلال في ارتكاب جرائمه بحقّ سكان الحي، وصولًا إلى انتفاضة شعبية عارمة تنطلق منه.

وأضاف عبيدات لصحيفة "فلسطين" أنّ اعتداءات الاحتلال ستُعيدنا إلى معركة "سيف القدس" خاصة وأنّ الفصائل الفلسطينية أرسلت رسائل للاحتلال بأنها جاهزة للرد على ما يجرى في حيّ الشيخ جراح.

وأكد أنّ المقاومة لن تخذلَ شعبنا وأهلنا في القدس ولن تخذلَ المُقدّسات، مُردفًا "الأوضاع مُرشّحة للتصاعد في ظلّ اعتداءات المستوطنين على الأهالي".

وتابع: يعتقد الاحتلال أنّ الحلقة المقدسية ستكون ضعيفة، لكنه لا يعلم أنّ المقدسيين لن يتركوا بيوتهم وأحياءهم وسيدافعون عنها مهما كلّفهم ذلك من ثمن.

وأشار إلى أنّ عودة المشهد لحيّ الشيخ جراح، يرتبط بعدّة ظروف؛ هي اعتقاد رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت أنّ الساحة الفلسطينية منقسمة على ذاتها وضعيفة، في ظلّ إصرار قيادة السلطة على مواقفها الرّخوة التي لا ترتقي لمطالب الشارع المقدسي والفلسطيني، خاصة بعد عقد جلسة المجلس المركزي غير الشرعي، وانهيار النظام العربي وتوقيع اتفاقيّات ومعاهدات أمنية وعسكرية وتطبيعية، ما يُشكّل بيئة خصبة تساعده على مواصلة جرائمه.

وذكر أنّ حكومة الاحتلال تحاول كسب أصوات اليمين واليمين المتطرف في ظل وجود حكومة غير مستقرة ورهان المرحلة على "بينيت" الذي يحاول حسم الصراع على مدينة القدس وهويتها من خلال تكثيف الاستيطان وتنفيذ عمليات الطرد والتهجير العرقي وارتكاب المجازر بحقّ الأهالي.

مواجهة عسكرية

وقال الكاتب والمحلل السياسي صالح لطفي: إنّ ما يقوم به الاحتلال في الشيخ جراح من جرائم واستفزاز تُنذر باندلاع مواجهة عسكرية جديدة مع المقاومة أُسوة بمعركة "سيف القدس".

وأضاف لطفي لصحيفة "فلسطين" أنّ المقاومة تتابع عن كثبٍ ما يدورُ من جرائم إسرائيلية في مدينة القدس، مُتوقّعًا أنها لن تصمت طويلًا على اعتداءات الاحتلال، وأن تنطلق خلال الأيام القادمة هبّة جماهيرية أشبه بهبّة الكرامة التي انطلقت بالتزامن مع معركة "سيف القدس" لإجبار الاحتلال على وقف جرائمه بحقّ المقدسيين.

وأشار إلى أنّ الاحتلال سيُحاول فرض قوانينه وقراراته العنصرية لتهجير الأهالي من الحيّ ومنع التضامن معهم.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي تيسير محيسن أنّ حكومة الاحتلال لا ترغب بتدهور الأوضاع في مدينة القدس وتكرار مشهد معركة "سيف القدس" التي أربكت حساباتها.

وقال محيسن لـ"فلسطين": تخشى حكومة الاحتلال تكرار ما حدث في "سيف القدس" و"هبّة الكرامة" اللتين أحرجتاه وأظهرتا ضعفه تجاه الفلسطينيّين والمُطالبين بحقوقهم.

وتوقّع أن تنتهي الأحداث في مدينة القدس خشية أن تأخذ الأوضاع منحى تصعيديًا من حكومة الاحتلال تُثير غضب الشعب الفلسطيني وتنتهي بجولة جديدة من الصّدام المُسلّح.

وأضاف: يبدو أنّ غُلاة المستوطنين يتصدّرون المشهد الآن في ظلّ ما يبدو أنه يُخالف رغبة حكومة بينيت- لابيد، لافتًا إلى أنّ الأحداث الدائرة في حيّ الشيخ جراح تُدلّل على وجود إصرارٍ من التطرف الإسرائيلي في الذهاب إلى الاستيلاء على الحيّ باعتبارها مقدمة لفرض نمطٍ جديدٍ من السيادة في القدس.

تراجع تكتيكي

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي مصباح أبو كرش إنّ الجرائم التي يرتكبها الاحتلال في حيّ الشيخ الجراح بشكلٍ خاص والضفة الغربية بشكل عام تكشف لنا طبيعة الأهداف الاستعمارية التي يريد تحقيقها في هذه المرحلة الخطيرة.

وأضاف أبو كرش لـ"فلسطين" أنّ اعتراض المسؤولين الإسرائيليين على ما يقوم به بعض أعضاء "الكنيست" بمن فيهم "بن غفير" برفقة قطعان المستوطنين في حيّ الشيخ جراح، تضليل للعالم ولا يعكس حقيقة نوايا هذا المحتل.

وقال: المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية تنجح حتى اللحظة في إرباك حسابات هذا المحتل من خلال مقاومتها لجرائمه البشعة بكافّة الأشكال؛ أضف إلى ذلك أنّ التهديدات الساخنة التي يتلقّاها هذا المحتل من قِبل فصائل المقاومة في غزة تضعه أمام مسئولية دراسة جاهزيته لخوضِ حربٍ شاملةٍ تُحقّق له أهدافه الاستراتيجية؛ ولا أعتقد أنه التوقيت الأنسب بالنسبة لهذا العدو من أجل خوضِ حربٍ من هذا النوع؛ فما زال في وقت مُخطّطه الإستعماري بقية.