فلسطين أون لاين

تقرير فداء و"أندريه بـ"المتحف المحظور" يعيدان الحياة لجبل "الريسان"

...
جانب من أعمال فداء وأندريه على جبل الريسان
رام الله-غزة/ مريم الشوبكي:

أرادت فداء عطايا والفنان الأمريكي أندريه جوريفج، إعادة الحياة لجبل الريسان الذي يتوسط قريتها كفر نعمة إلى الغرب من رام الله وأقاما "المتحف المحظور"، الذي يعرض أعمالًا فنية تحاكي الواقع الذي يعيشه سكان الجبل بعد سيطرة المستوطنين عليه وإقامة بؤرة استيطانية على سفحه.

قبل ست سنوات كانت فداء عطايا تقصد قمة الجبل، لتستلهم من طبيعته الساحرة أعمالها الفنية البرية والأدائية، وتنفذ جولات لفنانين فلسطينيين وأجانب، لتفاجئ في عام 2018 بمنعها والفنانين من الوصول إلى الريسان وتعرضهم للطرد والضرب، وسرقة أعمالهم الفنية.

فداء حكواتية تعشق رواية الحكايا الشعبية والتراثية، والخرافية أيضًا، وتقيم أعمالًا مسرحية وأدائية على قمة "الريسان" الذي يعد منطقة أثرية، لم تستسلم للمستوطنين وواصلت الذهاب إلى الجبل.

تقول عطايا لـ"فلسطين": "للمحافظة على حياتنا قررت مع مجموعة الفنانين الذين انضممت إليهم وكوَّنا مجموعة أطلقنا عليها اسم الريسان لنقدم أعمالًا أدائية وبصرية، كالمسرح، والتماثيل، والشعر، والمنحوتات، والتصوير".

وتضيف: "ولتطوير موهبتي درست كيف يتداخل الفن في الطبيعة، ومن هناك تعرفت على أندريه، لأنه يحمل نفس الاهتمام، ولأن الفن يعبر عن عدم العدالة، أراد مشاركتي في إطلاق المتحف لأنه يحارب من خلال فنه الاضطهاد، والعنصرية، والاستعمار في العالم".

وعن سبب اختيار اسم "المتحف المحظور"، تبين عطايا أن اختيار الاسم نابع من حظر الاحتلال الإسرائيلي من الوصول إلى جبل الريسان".

وتؤكد أن الفلسطيني دائمًا لديه طرق ليعبر عن نفسه ويثبت وجوده حتى ولو بأعمال فنية توثق لممارسات الاحتلال من خلال الفن من أجل دعوة الناس للعودة إلى الجبل، وأن يمارسوا حياة بشكل طبيعي، لنثبت للاحتلال والعالم أجمع أن الفلسطينيين موجودون.

وتشير عطايا إلى أن المتحف ليس فقط للفنانين، بل متاح لكل الفلسطينيين باختلاف مستوياتهم الفكرية، والعمرية، مشددة على أن الفن أداة سحرية لتغيير الواقع.

وتسرد عطايا الأعمال الفنية التي احتوى عليها المعرض، منطقة انتظار باص، وفرن الطابون الذي يرمز إلى التراث الفلسطيني، ووجوده يرمز إلى الحياة، وعمل فني بالفزاعات الذي كان يضعها الإنسان في القدم من أجل حماية النبات من الطيور، واليوم ترمز إلى حماية الجبل من المستوطنين.

وتروي حكاية شجرة التين التي زرعها أحد الفلسطينيين وذبلت بعد مماته، إذ صنعت منها تمثال يرمز إلى إنسان يظهر علاقته بالطبيعة وحزنها على فقدانه.

بناء حياة

أما الفنان أندريه الذي أدار أن يتحدث من خلال فنه عن عدم العدالة التي يعيشها الفلسطيني في أرضه، فيوضح أن السبب الرئيس لمشاركتي في المتحف "هو بناء حياة في منطقة المصنفة (ج)، لأنها مسروقة من قبل الاحتلال بشكل مباشر".

والمناطق (ج) هي إحدى مناطق الضفة الغربية المنصوص عليها في اتفاقية أوسلو الثانية، وتشكل حوالي 61% من أراضي الضفة المحتلة. وتعد السلطة الفلسطينية مسؤولة عن تقديم الخدمات الطبية والتعليمية للفلسطينيين في المنطقة (ج)، على حين تسيطر (إسرائيل) على الجوانب الأمنية والإدارية والقانونية.

ويردف أندريه لـ"فلسطين": "الفن هو قالب آخر من الحياة، يصل لكل الناس في فلسطين وخارجها، وخلق علاقة قوية ما بين الأرض والفن، بالفن أريد أن أبين أن الأرض ليست عبارة عن شيء يمكن أن يحتله الإنسان وقتما أراد".

ويلفت إلى أن كلمة المحظور تحمل معاني عدة، "بدايتها بأن العالم ليس معترفًا بفلسطين، وثانيًا أن فلسطين محظورة على أهلها، لذلك ففلسطين هي البلد المحظور".

والمتحف المحظور هو متحف في الهواء الطلق بلا جدران، وتم وضع الأعمال الفنية على مساحات من الجبل، وعن سبب اتباع هذا النظام يجيب: "هذا النوع من الفن نطلق عليه غير المرئي، وله معانٍ كثيرة بأن الاحتلال لا يستطيع تدميره لأنه غير مرئي، ثانيًا فيه إسقاط على أن فلسطين تعيش في وضع مستحيل والعالم لا يهتم بها".

ويؤكد أندريه أن أهم سبب لمشاركته في المتحف هو إيصال رسالة للعالم، بأنه يرفض الوقوف متفرج أمام الاحتلال والظلم والاضطهاد.

ويلفت إلى أن المتحف المحظور هو دولي وليس فلسطينيًّا فقط، فهناك الكثير من الأمور التي يجب أن يتعلمها العالم من خلال سنوات النضال الفلسطيني من مقاومة العنصرية، والاضطهاد، والاحتلال، والاستعمار، وليتعلم العالم أيضًا كيف أن الفلسطيني يصنع حياة في واقع مستحيل.

ويأمل أندريه من خلال المتحف تغيير تفكير الناس، بأن النظام الاستعماري موجود في العالم، والفلسطيني مثال حي على مقاومته.

ويختم حديثه: "يحتاج العالم إلى أن يتعلم من الفلسطينيين، ويعترف بأنه بحاجة لفلسطين والاستفادة من تجاربها".