فلسطين أون لاين

مُسوِّغات المخاوف الإسرائيلية من التدهور نحو الهاوية

بينما تتباهى دولة الاحتلال بقدراتها العسكرية وإمكاناتها القتالية بما يؤهلها لخوض مواجهاتها الخارجية، فإن أوساطها النافذة والمسؤولة تحذر من سيناريوهات قاتمة تحيط بمستقبلها، في ظل "الفجوات الكبيرة بين مختلف مكوناتها الاجتماعية"، معتبرين ذلك أكثر خطرا من حرب تقليدية قد تشن عليها.

الحديث لا يتعلق بكتاب على هامش الصحافة الإسرائيلية، بل بجنرالات وضباط كبار ووزراء سابقين، فضلا عن باحثين استراتيجيين، حذروا في السنوات الأخيرة من سيناريوهات خطيرة متوقعة قد تهدد دولة الاحتلال، والقاسم المشترك بينها هو التوقعات الصعبة القاسية على مستقبلها، وصولا لما يشبه تهديدا وجوديا عليها.

من مسوغات تعميم هذه التحذيرات الإسرائيلية ما شهدته من مستويات غير مسبوقة من الإحباط واليأس، وتسلل الهزيمة العسكرية للوعي الداخلي في نفوس الإسرائيليين، حول مسألة بقاء الدولة من عدمه، ما أوجد البيئة الخصبة لظهور تساؤل: "هل تعيش (إسرائيل) اليوم ذات المرحلة"؟

تتزامن هذه المخاوف الإسرائيلية مع ما أكده خالد مشعل رئيس حماس في الخارج خلال لقائه الموسع في الساعات الأخيرة عبر مساحة تويتر الافتراضية، بخطاب علمي موضوعي بعيدا عن الشعارات المكررة، بأن "مكانة الاحتلال تراجعت على المستوى الإقليمي والدولي، ما يزيد فرصة الفلسطينيين للتخلص منه، لأنه لم يعد الأداة الفاعلة التي تركن إليها الولايات المتحدة كالسابق".

حديث مشعل الموجه لنخب واسعة من الكتاب والصحفيين الفلسطينيين والعرب، انتقى مفردات متداولة في المحافل السياسية الإسرائيلية والغربية، بما أشار لمتابعته الحثيثة لما يطرح في أوساطها، حين وضع يده على مكامن العجز الإسرائيلي بقوله إن "تفوقه العسكري لا ينفي التناحر القيادي الذي يعيشه زعماؤه، وتردي نوعية القيادة، وتشرذم حالته السياسية، وصولا للعزوف عن الخدمة العسكرية، وانتهاء بتدهور صورته في الغرب، خاصة يهود أمريكا".

لعل ما يعزز الفرضيات التي ذهب إليها مشعل أن ما يراه الإسرائيليون من بوادر "كارثة قادمة" نحوهم، تحمل جملة مؤشرات لعل أهمها استمرار اعتمادهم على الولايات المتحدة، لأنهم سيجدون أنفسهم بعد بعض الوقت على حافة الهاوية، كما أن الصراع مع الفلسطينيين حمل في الآونة الأخيرة بين ثناياه تهديدا خطيرا يتمثل بانضمام فلسطينيي الـ48 إليهم، خاصة أن الجبهة الداخلية غير مهيأة لهذا السيناريو المخيف.

على الرغم مما تتمتع به دولة الاحتلال من تفوق عسكري واقتصاد نوعي وتكنولوجيا خارقة للعادة، فإن ذلك لا يمنع من تزايد المخاوف بأن تواجه انفجارا داخليا كبيرا قد يدخلها في حالة من التيه والهاوية، والأخطر أن تصل إلى يوم يسلم فيه العالم بغيابها عن الخارطة، ويبدي فيه استعدادا لعدم بقائها، إن شعر أن الثمن الذي سيدفعه مقابل هذا الخيار ليس كبيرا!