قائمة الموقع

في غزة.. حكيم يوظف الفكاهة لتطبيب مرضاه

2022-02-11T14:04:00+02:00
8766.jpeg

يضفي جوًّا من الضحك والفكاهة في أي مكان يكون فيه، وداخل أروقة المشفى ليكسر رتابة طنين الأجهزة الطبية فوق رؤوس المرضى، ووجوه المرافقين الوجلة أحيانًا والمتجمدة غالبًا، كلما مر فريق طبي.

يعمل سامر العامودي حكيمًا في مستشفى ناصر الطبي، تحديدًا في قسم الكلى حيث يعيش المرضى على أجهزة الغسل الكلوي لحظات مؤلمة، يجهدون ويصيبهم إعياء شديد كلما دارت أجهزة "الديال الدموي"، هنا يحرص سامر على إضحاك مرضاه عنوة ليتجاوز وقت الجلسة التي قد تمتد أكثر من أربع ساعات وتتكرر ثلاث مرات أسبوعيًّا.

يقول العامودي (35 عامًا) إنه لم يتوقع يومًا أن يصبح لأسلوبه الفكاهي موطئ قدم في مكان عمله الذي يقتضي الكثير من الحرص والانتباه.

ويشير الشاب الذي يقطن مدينة خان يونس، إلى أنه امتلك موهبة ارتجال المواقف الساخرة مذ كان طفلًا، وبمرور الوقت نمت الموهبة حتى باتت محط إعجاب كثير ممن حوله، بعدما لامس مشاعرهم بالدعابة والطرفة، ليتجاوز حالة الملل والروتين أو الجمود، في بعض القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تسيطر على الحالة الفلسطينية.

تحمل شخصية سامر هواية نقد أي شيء في الحياة بأسلوب هزلي غير جارح ومضحك في الآن نفسه، ويقول إن الحالة العامة، والضغط النفسي الذي يعيشه المجتمع كافة في القضايا العامة والخاصة؛ من الصعب مواجهتهما بغير هذا الأسلوب.

ويستذكر أنه منذ أن كان في الصف الأول الابتدائي كان يمارس تلك الموهبة تلقائيًّا: "في أحد الأيام سألني مدير المدرسة في حضرة والدي: "لو ضاع والدك فكيف ستعرفه؟"، فأجبته: "من حذائه"، حينها انفجر الجميع ضحكًا، فرد علي والدي: "سبتني واتذكرت الكندرة؟!"، فرددت عليه: (لأنها جديدة)".

ارتجال الموقف

ويصف سامر نفسه بأنه كان أستاذًا في النقد، ومن الصعب أن يكون في جلسة وتخلو من الضحك والفرفشة، وبات الأمر أسلوبًا حياتيًّا، خاصة بعدما لاقى استحسانًا ممن حوله، يقول: "فلا تكلف في الموقف، وإنما أرتجله، بفضل الشخصية التي فطرت عليها".

ويذكُر أنه يستخدم هذا الأسلوب في مكان عمله ليقينه بأن الضحك أمر صحي للقلب والمزاج وجهاز المناعة، ويخفف الغضب والألم ويريح العضلات، وهي أمور أحوج ما يكون إليها مرضى الغسل الكلوي.

ومنذ عام بدأت حكاية سامر مع انتشار فيروس كورونا ليقتحم مجال صناعة المحتوى المرئي، مقدمًا النصائح والإرشادات بطريقة مختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي، تحمل المعلومة وتحقق جذب المشاهد في الوقت نفسه بغرض التأثير.

ويضيف العامودي: "نشرت الفيديو الأول -وكنت أعده تجريبيًّا- على صفحتي بموقع فيس بوك، وفجأة وجدته يأخذ مشاهدات ومشاركات كبيرة، ويتداول على مجموعات الواتساب، والجميع يتواصل معي، فقررت تسجيل مقطع مصور آخر عن التعليم الإلكتروني وانتقاده، لأصدم بتخطيه حاجز ثلاثة آلاف مشاركة، و700 ألف مشاهدة، فلم أتخيل أن يلقى الفيديو استحسانًا وقبولًا من متابعي مواقع التواصل الاجتماعي".

ويشير إلى أن زوجته اقترحت عليه استثمار موهبته، والحديث عن القضايا التي تلامس حياة الناس بطريقة فكاهية تحمل رسالة تُحدث تأثيرًا في متلقيها، ومنها ينطلق إلى مواضيع مختلفة ومتعددة، بعض أفكارها يحولها إلى نصوص مكتوبة قبل تسجيل المحتوى، وأخرى يرتجل محتواها أمام الكاميرا.

ويهتم العامودي بشكل لافت بالمواضيع الاجتماعية، والمشاكل بين الأزواج، ومرحلة الخطوبة، وسلوكيات المواطنين في الأسواق والأفراح، وما يحدث من قصص طريفة لينتقدها بأسلوب ساخر، إلى جانب قضايا تشغل بعض البيوت، وطرائف تحدث في التعامل مع الشتاء، وسلوكيات مجتمعية أخرى دون إثارة الجدل.

ويلفت النظر إلى أن تلك القضايا تمس واقع المجتمع، في حين هو يعالجها بأسلوب بسيط وفكاهي ساخر وناقد، "فالفيديوهات تضرب عصفورين بحجر واحد، إذ تقدم معالجة للمشكلة، وفرصة للضحك والاستمتاع بالكلمات والفكاهة".

 الصندوق

ويمتنع العامودي عن التطرق إلى القضايا السياسية كي لا يثير الجدل بين المتابعين، أو انتقاد أشخاص بعينهم، أو أن يكون الفيديو دون فكرة أو هدف لمجرد الضحك فقط، فلا بد أن يحمل رسالة، ويناقش الفكرة غالبًا مع زوجته التي تدعمه، ومنها يستطيع أن يعرف ردة فعل النساء عند مشاهدتهن الفيديو، خاصة في بعض المواضيع التي تخصهن.

وغالبًا ما يعتمد في حديثه على الأسلوب الارتجالي، فأغلب الفيديوهات فكرتها لا تتجاوز الدقيقة الواحدة، ولا تتطلب كثير عناء لصناعة محتوى، ثم ينشر الفيديو في فيس بوك، عبر صفحة خاصة أطلق عليها "يوميات أبو سمير".

ويتمنى أن تتوافر له الإمكانات المادية واللوجستية، ليتمكن من تنفيذ الفكرة التي تدور في مخيلته لبرنامج "الصندوق".

اخبار ذات صلة