فلسطين أون لاين

أطفال محمد العزمي: وينك يا بابا؟

...
صورة أرشيفية
نابلس-غزة/ يحيى اليعقوبي:

لا يتوقف الطفل فادي العزمي ابن الثلاثة أعوام وشقيقته سيلا عن السؤال عن والدهما المعتقل في سجن "جنيد" بمدينة نابلس منذ أكثر من أربعة أشهر.

وتلك الأسئلة تنكأ جراح عائلة العزمي وخصوصًا والدة الطفلين.

وعندما يلهو فادي بهاتف أمه فيعثر على صورة والده يكرر السؤال ببراءة: "وينك يا بابا؟ تعال!" فتصمت أمه ولا تجد إجابة مقنعة لطفلها.

وتقول زوجة المعتقل محمد إنها استخدمت مع طفليها كل كلمات الأمل والصبر على مدار أكثر من أربعة أشهر.

وتضيف أن تلك الأشهر مرت بطيئة على عائلتها بانتظار لحظة الإفراج عن رب الأسرة.

واعتقل أفراد من جهاز الاستخبارات الفلسطينية العزمي (33 عامًا)، من مخيم جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة يوم 13 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وتقول عائلته إن تلك الأجهزة لم تبرز أي مذكرة توقيف عندما اعتقلت نجلها أمام أفراد عائلته ولم تبلغهم بسبب الاعتقال آنذاك.

وكان العزمي أضرب عن الطعام الشهر الماضي، وفي اليوم الواحد والعشرين على إضرابه، استطاع والداه وشقيقه إياد زيارته بالمشفى بعدما علق إضرابه عن الطعام في إثر وعود من جهاز استخبارات السلطة بالإفراج عنه وهو ما لم يتم الوفاء به حتى الآن.

ويقول والد محمد: "عندما ذهبت لرؤيته، تفاجأت فرأيته باهت الوجه نحيف الجسد، استحضرتُ صورته قبل اعتقاله حينما كان بحالةٍ جيدة، فلم أتخيل رؤيته بهذا الضعف، يرقد هزيلاً فقد فَقَدَ 20 كغم من وزنه".

وروى الأب المكلوم لصحيفة "فلسطين" تفاصيل زيارته الوحيدة لنجده خلال اعتقاله، والتي استمرت نصف ساعةٍ مضت تحت مراقبة عناصر أمن السلطة طيلة فترة الزيارة.

ينوب شقيقه إياد عن والده برواية بقية تفاصيل الزيارة قائلًا: "عندما زرناه كان قد علق إضرابه بناء على وعود من مسؤول الاستخبارات بسجن الجنيد بنابلس بأن يتم الإفراج عنه".

ووفق إياد فقد جرى تأجيل جلسة محاكمة شقيقه مطلع هذا الشهر دون إبداء أي أسباب، مشيرًا إلى أن شقيقه محمد هدد بالعودة للإضراب عن الطعام في حال لم يتم الإفراج عنه.

وبحسب إياد فإن التهم الموجهة إلى شقيقه محمد هي "اتصال هاتفي من هنية (إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس) للتعزية باستشهاد أحد أفراد العائلة".

ويضيف بمرارة: "لا نفهم سبب اعتقاله طوال هذه المدة، ولماذا كل هذا الذعر من اتصال رئيس المكتب السياسي لحماس بنا ونحن عائلة مقاومة قدمنا أسرى وشهداء وكان آخرهم ابني مجد".

ويشير إياد إلى أن استخبارات السلطة حققت مع شقيقه عن مصدر رايات حماس التي رفعت خلال مراسم التشييع.

واستشهد ابن شقيق محمد العزمي بنيران الاحتلال في صيف العام الماضي، كما استشهد عمه إبان انتفاضة الحجارة 1987- 1994.

قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي منزل عائلة العزمي في جنين بعدما تحصن مقاومون بداخلة في مارس/آذار عام 2014.

وتقول عائلة العزمي إن ابنها محمد تعرض للتعذيب والشبح لأكثر من ثلاثة أسابيع متواصلة خلال احتجازه في مقر الاستخبارات بمدينة رام الله.

وتضيف أن محمد أبلغ والديه خلال الزيارة أن أفرادا من الأمن "كانوا يعلقون يديه بواسطة سلاسل حديدية ليظل في وضعية يقف فيها على أطراف أصابعه ثم يفك عند النوم في زنزانة تخلو من الوسادة أو الغطاء أو الفرشة بالرغم من برودة الأجواء".

وتابعت قائلة: "الآن هو متعب جدًا، عانى التحقيق والشبح، لكن الشيء الأصعب علينا أطفاله وزوجته الذين ينتظرون عودته للبيت".

وتتساءل عائلة العزمي: هل يعقل أن تصبح سجون السلطة أشد قسوة من سجون الاحتلال؟