فلسطين أون لاين

خاص 80 طلقة تنسف وهم السياسة وتحكي قصة إجرام الاحتلال

...
مكان الحادث (أمس)
نابلس/ "خاص فلسطين": 

80 طلقة ويزيد، اخترقت المركبة التي كانت تُقِلُّ الشهداء أشرف المبسلط وأدهم مبروك ومحمد الدخيل، قبل أن تستقر في أجسادهم التي تحولت إلى جثث هامدة تحكي قصة إجرام جنود الاحتلال الذين تسلّلوا خلسة إلى حيّ المخفية في مدينة نابلس، شمال الضفة الغربية المحتلة.

دقائق إن لم تكن ثوانٍ فقط بين تنفيذ عملية الاغتيال وتجمهر المئات من المواطنين حول المركبة بعد أن غادر الجنود تقلّهم حافلتان تحملان أرقام تسجيل فلسطينية، ليكتشف الجميع بأنّ المشهد الماثل أمامهم لم تعهده المدينة منذ عملية "السور الواقي" في الضفة الغربية المحتلة، عام 2002.

وسارعت مركبات الإسعاف إلى نقل جثامين الشهداء التي بقيت مجهولة لبعض الوقت نظرًا لفداحة المشهد، وبعد أن أكل الرصاص من وجوههم إلى مشفى رفيديا، قبل أن يتكدّس الآلاف في داخله وخارجه مُكبّرين ومُطالبين بالثأر لدماء الشهداء.

وعبر مُكبّرات الصوت زفّت بيانات النّعي للشهداء الثلاثة قبل أن تعلن الحداد على أرواحهم ويُلبّي أصحاب المحال التجارية النداء وترتدي نابلس رداءَها الأسود حزنًا على فراق ثلاثةٍ من شبابها.

وفي تمام الساعة الرابعة، انطلق موكب زفاف الشهداء من أمام مشفى رفيديا بعد أن لُفّت الجثامين بعلم فلسطين ليُحملوا على الأكتاف مخترقين شوارع حي رفيديا وصولا إلى ميدان الشهداء، حيث كان بالانتظار الآلاف من المواطنين لتنضمَّ الحناجر الغاضبة والمطالبة بالثأر.

وفي مشهدٍ ينمُّ عن حجم الوجع خرج ما لا يقل عن 200 مُسلحٍ من رفاق الشهداء وتقدّموا المسيرة وسط هتافاتِ المشاركين بالوفاء لمن رحلوا وأن يصوّبوا رصاصهم نحوَ جنود الاحتلال ومستوطنيه.

ولم يخلُ موكب التشييع من رسائل أهالي الشهداء وصور صمودهم حيث وقفت والدة الشهيد أدهم مبروكة حاملةً السلاح، مؤكّدة بأنها تعيش نشوة من الفخر أمام بطولات نجلها وأنها ستلقّن أبناءها وأحفادها معاني مقاومة الاحتلال.

وتهامَس المشاركون مُعبّرين عن الواقع الأليم الذي تعيشه الضفة الغربية وحجم الإذلال الذي فرضته معادلة التنسيق الأمني التي ما زالت تتمسك به السلطة وحركة "فتح" التي ينتمي لها الشهداء.

ورغم قتامة المشهد وصعوبته فإنّ الأجهزة الأمنية تُصرُّ على الوفاء بالتزاماتها تجاه الاحتلال بمحاربة فصائل المقاومة من خلال ملاحقة أيّ مظهرٍ لها، إذ تجسّد ذلك بالتعرُّض المباشر لمن رفع رايات التوحيد في المسيرة ومصادرتها.

من جانبها، الصحفية وشاهدة العيان بتول كوسا والتي تسكن بنفس مكان وقوع جريمة الاغتيال أدلت بشهادتها لـ"فلسطين أون لاين"، وتقول: "كنت داخل منزلي ونظرت من النافذة قبل الحدث، ولاحظت وجود السيارتين الأولى من نوع "كادي" اللون والثانية صفراء عمومية لكن لم يلفت انتباهي أنه قد يكون بداخلهما جنود لجيش الاحتلال". 

وتضيف كوسا: "بمجرد وصول سيارة فضية من نوع "سيت" من الجهة المقابلة أطلقوا عليها النّار من مسافة صفر وخلال ثوانٍ معدودات، عندما سمعت صوت إطلاق النار توجَّهْت نحو النافذة وكان الصوت كثيفًا فأطلقوا الرصاص غزيرًا تجاه السيارةِ بشكلٍ مباشر". 

وتابعت: "بعد انتهاء إطلاق النار لم ينسحب الجنود من المنطقة بل تقدّموا نحو نوافذ السيارة بهدوء للتأكُّد من استشهاد من بداخلها واستمرّوا في مكوثهم بالمكان من سبع إلى عشر دقائق يُحوّطون السيارة حينها كانت سيارات الإسعاف قد وصلت ونقلت الشهداء إلى المستشفى". 

وعن طريقة انسحاب قوات الاحتلال قالت كوسا: "كان الانسحاب بكلّ هدوء، ودون ارتباكٍ ولم تكن حركة المركبات سريعة".