فلسطين أون لاين

رفض شعبي وفصائلي بغزة والضفة لجلسة "مركزي أوسلو"

...
وكالات
رام الله-غزة/ نور الدين صالح:

لاقى عقد قيادة السلطة ومنظمة التحرير "المتنفذة" جلسة "مركزي أوسلو" أمس، رفضاً شعبياً وفصائلياً واسعاً، إذ خرجت مسيرات غاضبة أمس في قطاع غزة والضفة الغربية؛ احتجاجاً على إصرارها على التفرد والهيمنة على القرار الوطني الفلسطيني، في حين قاطعت فصائل وشخصيات وطنية الجلسة.

وشارك الآلاف من الجماهير الفلسطينية في الوقفة التي دعا لها التحالف الشعبي للتغيير، والحملة الوطنية لإعادة بناء منظمة التحرير، في ساحة الجندي المجهول وسط مدينة غزة، بالتزامن مع احتشاد العشرات في وقفة احتجاجية أمام دوار المنارة وسط مدينة رام الله بالضفة الغربية.

ورفع المشاركون لافتات "لا شرعية دون انتخابات، لا للتفرد والدكتاتورية، انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني طريق الوحدة والمقاومة والصمود"، تنديداً بعقد جلسة المركزي بعيداً عن التوافق الوطني، ومطالبةً بضرورة إجراء انتخابات شاملة بدءاً بالمجلس الوطني.

وقالت عضوة المكتب السياسي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين د. مريم أبو دقة: إننا "نحتشد اليوم في لحظة مصيرية يتعرض فيها مشروعنا الوطني للتصفية والشطب من الكيان الصهيوني وبدعم كامل من الولايات المتحدة الأمريكية وأنظمة التطبيع العربي".

وأضافت أبو دقة خلال كلمتها بغزة: "في هذه الظروف يُعقد هذا المجلس المركزي برام الله بطريقة مخالفة للإرادة الشعبية والإجماع الوطني، ومتجاوزة لمخرجات الحوار الوطني".

واعتبرت أن مثل هذه الجلسات "تعميق للانقسام وحالة الشرذمة، وتعزيز للهيمنة والتفرد في مؤسسة وطنية بناها شعبنا بدماء شهدائه وتضحيات جرحاه وأسراه، وبندقية مناضليه، الذين خاضوا معارك البطولة والشرف دفاعاً عن هذه المؤسسة الوطنية".

وجددت التأكيد على رفضها أي خطوات تعمق الانقسام وحالة الشرذمة في الساحة الفلسطينية وتعزز من نهج التفرد والهيمنة في المؤسسة الوطنية.

وبيّنت أن خطورة عقد هذا الاجتماع أنه جاء دون توافق لكونه يُمثل تجاوزاً للتوافقات الوطنية السابقة لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني ولإجراء الانتخابات الشاملة ويقطع الطريق أمام جهود إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة.

وأوضحت أن الاجتماع يعمق الأزمة الداخلية الفلسطينية التي تعد ربحاً صافياً للاحتلال يستغلها لخططه التهويدية والاستيطانية على الأرض الفلسطينية خصوصاً في القدس العاصمة والضفة المحتلة.

وبحسب أبو دقة فإن الجبهة ترى أن الأساس هو عقد الحوار الشامل بمشاركة جميع القوى والفعاليات لتنفيذ القرارات الوطنية وخاصة قرارات المجلسين المركزي والوطني، مؤكدةً ضرورة الالتزام بالنظام الأساسي للمنظمة والقانون الأساسي.

وعدّت أن "الاشتراط بالاعتراف بقرارات الشرعية الدولية لا معنى له لأن وثيقة الوفاق الوطني التي وقعت عليها غالبية القوى الفلسطينية تضمنت ذلك"، داعيةً القيادة المتنفذة للتراجع عن نهجها المدمر، والعودة للالتزام بتنفيذ مقررات الإجماع الوطني التي تنص على إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها على أسس ديمقراطية وسياسية.

كما دعت أبو دقة لاعتبار صيغة الأمناء العامين أو لجنة تفعيل المنظمة إطاراً قيادياً مؤقتاً ومرجعية سياسية لشعبنا حتى يتم انتخاب مجلس وطني جديد بمشاركة جميع القوى وفقاً لقانون التمثيل النسبي الكامل واستناداً لميثاق وطني واستراتيجية وطنية.

وتابعت: "إن تشكيل أي حكومة فلسطينية يجب أن تُكون محررة من اشتراطات الرباعية الدولية وتستند لقرارات المجلسين الوطني والمركزي بإنهاء العلاقة مع الاحتلال واتفاق أوسلو، والتأكيد على الفصل في الصلاحيات والمهام بين السلطة والمنظمة باعتبار المنظمة هي المرجعية السياسية للسلطة وليس العكس".

حبر على ورق

بدوره، قال عضو المجلس المركزي الفلسطيني محسن أبو رمضان: إن "المركزي" يعقد وسط حالة من النقاش والجدل الواسع والتي ربما لم تشهده القضية منذ زمن.

وأضاف أبو رمضان في كلمته خلال الوقفة، "بعد توقيع اتفاق أوسلو تم تهميش المنظمة لصالح السلطة وبدأت تتآكل هيئات المنظمة تدريجيًا بكل هيئاتها ومؤسساتها واتحاداتها الشعبية التي يجب أن تُنتخب جميعًا بصورة ديمقراطية أو عبر التوافق الديمقراطي".

وأوضح بعض القوى والشخصيات الوطنية قررت الاعتذار أو مقاطعة عقد الدورة الراهنة للعديد من الأسباب أبرزها أنها تأتي لوظيفة محددة عنوانها "ملء الشواغر" التي من الضرورة أن تملَأ عبر المجلس الوطني وليس عبر "المركزي".

وتابع أبو رمضان: "بات من المعروف أن العديد من القرارات التي اتخذتها دورات المجلس المركزي لم يتم تنفيذها وبقيت حبرًا على ورق وخاصة بوقف الاعتراف بدولة الاحتلال ووقف العمل بكل من التنسيق الأمني وبرتوكول باريس الاقتصادي".

وبيّن أن الاعتذار عن المشاركة يعني التمسك بالمنظمة ولكن باتجاه إصلاحها وإعادة بنائها وتعزيز الشراكة السياسية بها، لافتاً إلى أن التراجع عن قرارات المركزي واجتماع الأمناء العامين في 3/9/2020 وتجميد الانتخابات والانتهاكات لحقوق الإنسان تعتبر من الأسباب الرئيسة لعدم مشاركتنا في هذه الدورة.

وطالب أبو رمضان بضرورة تشكيل لجنة تحضيرية تتكون من أعضاء اللجنة التنفيذية والأمناء العامين ورئاسة المجلس الوطني وبعض الشخصيات المستقلة تهدف إلى إعادة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني.

ودعا لتشكيل قيادة وطنية موحدة لإدارة الصراع الوطني في مواجهة الاحتلال والاستيطان وسياسة السلام الاقتصادي المبنية على فكرة تقليص الصراع وكذلك في مواجهة سياسة التمييز العنصري.

إلى ذلك، استنكر عضو التحالف الشعبي الفلسطيني والحملة الوطنية لإعادة بناء منظمة التحرير د. صلاح عبد العاطي، عقد جلسة المركزي بعيداً عن التوافق والإجماع الوطني.

وقال عبد العاطي في كلمته: "من غير الجائز قانوناً دعوة المجلس المركزي في غياب قانونية وشرعية الأصل (المجلس الوطني)"، عاداً عقده بشكل غير توافقي "سحبًا لصلاحيات المجلس الوطني، ومساسًا بدوره".

وأضاف: "لا بد من وضع استراتيجية تصون وحدتنا وحقنا في النضال التحرري من سلطة أوسلو القائمة والانتقال إلى مهمة إعادة بناء منظمة التحرير"، معتبراً أن أكثر ما يُشكّل خطراً على مشروعنا التحرري هو استبدال الحلول "الأمنية" و "الاقتصادية" مع الاحتلال بدلاً من الحلول الوطنية.

وجدد رفضه لأي قرارات تستهدف النيل من صلاحيات المجلس الوطني الأصلية، والتعيينات في رئاسة المجلس الوطني واللجنة التنفيذية باعتبار أنها تمت من جهات فقدت شرعيتها، داعياً للوقوف صفاً واحداً في وجه سياسة الهيمنة والإقصاء والتفرد بالقرار الوطني الفلسطيني.

كما دعا كل القوى والشخصيات لمقاطعة جلسة المجلس المركزي بما يعزز فرص نجاح الجهود الجزائرية والمصرية لاستعادة الوحدة، والتمسك بالمنظمة وتفعيلها على أسس الشراكة وكأداة توحيدية للنضال الوطني الفلسطيني.

وطالب عبد العاطي بضرورة إجراء انتخابات شاملة وعلى رأسها انتخاب مجلس وطني جديد يمثل شعبنا الفلسطيني في شتى بقاع الأرض، ويوحد نضالاته في كل أماكن وجوده، وفق استراتيجية تحررية.

تكريس للهيمنة

في السياق اعتبر نشطاء وسياسيون مشاركون في الوقفة الاحتجاجية برام الله، عقد المجلس المركزي بعيداً عن التوافق "تكريساً لحالة التفرد والهيمنة على منظمة التحرير والقرار الفلسطيني".

وفي بيان صادر عن المشاركين في الوقفة، أكد أن "الأولى كان إجراء انتخابات للمجلس الوطني بمشاركة كل الفلسطينيين في الوطن والشتات، بدل الذهاب لاجتماع يكرّس التنسيق الأمني والسلام الاقتصادي مع الاحتلال".

وحذر البيان من نزع القرار الفلسطيني من يد المجلس الوطني لصالح المجلس المركزي، واستخدامه ديكورًا للتغطية على ما تقوم به السلطة غير الشرعية، موضحاً أن هذا الاجتماع يتعاكس مع الإرادة الشعبية المعنية بإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة.

وأشار عبد العاطي إلى أن توجّه "المركزي" لانتخاب عباس رئيسًا لفلسطين وتكريسه رئيسًا للمنظمة هو إلغاء للانتخابات وتعزيز لسلطة الفرد، مؤكداً رفضه النتائج المترتبة على عقد الدورة باعتبارها لا تمثّل الإرادة الشعبية.