فلسطين أون لاين

لا طلاق دون جهل ويد خارجية

قلنا في مقال سابق بعنوان (لماذا ١-٥ طلاق في غزة في عام ٢٠٢١م؟) إن الإجابة ذات وجوه متعددة، منها وجه واحد يتعلق بالتأثيرات السلبية الضارة لمواقع الإنترنت والتواصل الاجتماعي، والاستخدام المطول للشباب والصبايا لها، ما يخلق عندهم ثقافة قلة القناعة بالموجود وبالواقع، ومن ثم يذهبون للطلاق.

هذا العامل وافق عليه وأيده عدد من المتابعين، وبعضهم اقترح بالمجمل عقد مؤتمر علمي حول القضية: الأسباب والحلول، وأنا بدوري أقترح إجراء نقاش مجتمعي واسع حول طرق علاج هذه الظاهرة المؤسفة.

لماذا هي ظاهرة مؤسفة وضارة بالمجتمع؟ الجواب أن الخصومة التي تنشأ بسبب الطلاق لا تقف عند الزوج والزوجة، بل تتعداهما إلى أهل الزوج وأهل الزوج، فإذا كان الأزواج على قرابة تتقطع أواصر القرابة والأرحام، وهذا يعني أننا أمام مجتمع يغرق في النزاعات، بل نحن أمام مجتمع يمكن أن يقال فيه إنه مجتمع مريض.

كم من أرحام قطعت، وكم من أقارب دخلوا في نزاعات مرة، وأحسب أن الذين عانوا مثل ذلك يقولون إن الأعداد كبيرة، والنتائج مريرة، ولأن لحمة المجتمع والأقارب جزء من القضية الوطنية العامة، فإنه يجدر بجهة وطنية مسئولة أن تتبنى موضوع النقاش المجتمعي، ويجدر بإحدى الجامعات أو وزارة الأوقاف أن تعقد مؤتمرا علميا حول الأسباب والعلاج.

وحين أذكر الأوقاف والجامعات أتذكر أن أهم أسباب تزايد حالات الطلاق بين الأزواج الشابة يرجع إلى الجهل بالأمور الشرعية، ونقص فقه الزواج عند الزوجين قبل الزواج وفي أثناء الزواج، ومن ثمة يحتاج المجتمع ليد تعلم وتقدم الإرشاد للأزواج الشابة، وتبين لهم فقه الزواج، وكذا فقه الطلاق، وما يسن فيه، وما هو بدعة وإثم. وقديما قالوا: الوقاية خير من العلاج.

ومن العوامل التي تزيد في حالات الطلاق ما يسمونه في المجتمع التدخلات الخارجية من أهل طرفي الزواج حين تكون هذه التدخلات سلبية ومشحونة بالشروط غير الواقعية تحت مسمى النصيحة والتربية المبكرة، وهي لعمري ليست نصيحة ولا تربية، وإنما رغبة في فرض سيطرة ما من قبل اليد الخارجية، وهي رغبة ديكتاتورية لا تنسجم مع تعاليم الإسلام، ولا تناسب ثقافة الشباب والصبايا، وجلهم من الجامعيين الذين درسوا الحرية والاستقلالية.

أما ما ينسب للفقر أنه سبب من أسباب تزايد الطلاق فهذا لا أوافق عليه، فكم من زوج يعيش في سعادة مع زوجه على الرغم من فقرهما المالي، لأنهما غنيان بالقناعة والرضا بقدر الله، وهما يعوضان الفقر بالحب المتبادل والمودة، وربما كانت المجتمعات الفقيرة أقل في نسبة الطلاق من المجتمعات الغنية التي يغزوها بطر المعيشة، ورغبة التغيير دون سبب.