قال رئيس مركز القدس الدولي حسن خاطر: إنّ الاحتلال الإسرائيلي يُكثّف بناء وحدات استيطانية في بيت جالا ببيت لحم وقلنديا وشمال رام الله؛ لعزل مدينة القدس المحتلة عن محيطها الفلسطيني من جميع الاتجاهات:.
وأوضح خاطر لصحيفة "فلسطين"، أنّ من يتحرك حول المدينة المقدسة يستطيع أن يلاحظ ذلك، إذ يمكن أن يشاهد بأمّ عينه الرافعات الصفراء التابعة للاحتلال التي تملأ سماء المدينة وتحيط بها من كلّ الجهات لتشييد مزيد من الوحدات الاستيطانية لعزل المدينة المحتلة.
وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في القدس المحتلة صادقت أخيرًا، على بناء 3365 وحدة استيطانية شرق المدينة منذ بداية عام 2022.
ووفق وسائل إعلام إسرائيلية فإنّ المصادقة شملت أربعة مخططات استيطانية، وتضمّنت إقامة مئات الوحدات الاستيطانية حول المدينة المقدسة.
وقال خاطر مُعلقًا على تلك المصادقة: إنّ عمليات البناء مستمرة في كلّ المناطق وفي وقت واحد، ولكن أحيانا نسمع عن نشر المخططات التي تتمّ المصادقة عليها من قِبل بلدية الاحتلال، لافتاً إلى أنّ هذا العدد لا يُعبر عن العدد الحقيقي من الوحدات الاستيطانية التي يتمّ بناءها.
واعتبر خاطر أنّ ما يتمّ بناؤه بالفعل هو أضعاف هذا العدد لأنّ هناك الكثير من المستوطنين الذين يقومون بالبناء بشكلٍ خفيّ وفرديّ ولا يتمّ الإعلان عن هذه الوحدات عبر وسائل الإعلام، وبالتالي الرقم الحقيقي أكبرَ من هذه الأرقام التي يتمّ الإعلان عنها.
وأضاف أنّ هناك تكثيفا للبناء في المنطقة الجنوبية من منطقة بيت جالا ومنطقة أبو غنيم وأعمال بناء في شمال رام الله في منطقة قلنديا، والتي كان يُفترض أن تكون مطارا للفلسطينيين.
وبيّن أنّ الاحتلال شرع في تجهيزِ بُنى تحتية لمركز استيطاني قد يكون هو الأخطر والأكبر في محيط المدينة المقدسة، ويكون عازلًا للقدس عن امتدادها باتجاه الشمال إضافة إلى المُخطَّط الكبير الذي يتمّ البناء به دون توقّف، ولكن بوتيرة ليست قوية كما هو الحال في الجنوب والشمال.
وأوضح أنّ هذا المُخطّط يقع ضمن إطار منطقة (إي 1) بهدف ربط القدس بعددٍ من المستوطنات الإسرائيلية الواقعة شرق الضفة الغربية مثل مستوطنة معالي أدوميم.
وأشار إلى أنّ سلطات الاحتلال تحاول إزاحة التجمعات السكانية البدوية الفلسطينية من أجل وضع يده على هذه المساحات الشاسعة من الأراضي المُمتدّة من شرق المدينة المقدسة إلى تخوم مدينة أريحا.
ولفت إلى أنّ الاحتلال يهدف من وراء هذه الوحدات الاستيطانية إلى عزل مدينة القدس المحتلة بشكل مُحكم عن امتداداتها الفلسطينية من جميع الاتجاهات، مُشيراً إلى أنّ القدس في دوامة من التهويد وهي في دائرة محفوفة بالاستيطان، وعلى وجه الخصوص من جهة الجنوب باتجاه بيت لحم ومن الشمال باتجاه رام الله.
وأكّد أنّ الاحتلال يُخطّط لإقامة ما يشبه المدن التي سيضيفها إلى المدينة المقدسة، وهو ما سيؤدّي إلى تقطيع أوصال الجغرافية الفلسطينية وفصل الشمال عن الجنوب بشكل تام، وأنّ هناك نفقًا سيقومون بافتتاحه يمرُّ من تحت مدينة العيزرية وأبو ديس من أجل أن يصل إلى هذه المناطق ويمتد للجنوب إلى منطقة بيت لحم والخليل.
وبيّن أنّ الخطة موجودة والتنفيذ مستمر والمُعلَن هو جزء بسيط من المخطط الكبير والخطير وهو (القدس الكبرى) وهو مُخطّط يمنع أيّ توسُّع فلسطيني في القرى الواقعة في هذه المنطقة من خلال تطويقها بالمستوطنات ضمن سياسة التهويد في القدس المحتلة والتي تُشكّل ما مساحته 10% من مساحة الضفة الغربية والتي تقضي عملياً على أيّ احتمال لإقامة دولة فلسطينية متصلة بالضفة الغربية.
وعن الدور المنوط بالسلطة الفلسطينية قال رئيس مركز القدس الدولي:" إنّ دور السلطة ضعيف ولا يرتقي إلى حجم هذه المخاطر الاستيطانية التي تحيط بمدينة القدس المحتلة وأن يكون هناك وقفه حقيقية وجادة في وجه هذه المُخطّطات على كل المستويات.
وطالب خاطر السلطة ومنظمة التحرير أن يكون لديها خُططٌ حقيقيةٌ لمواجهة هذه المُخطّطات التي تجري في مدينة القدس وكلّ المناطق الفلسطينية.
وتساءل خاطر عن دور المجلس المركزي الفلسطيني الذي سيجتمع اليوم في رام الله لما يجري في مدينة القدس وما هي مكانة المدينة المُحتلّة من جدول أعمال هذا الاجتماع.
وأضاف:" إنّ قضايا الاستيطان واللاجئين والأسرى غائبة عن هذه الاجتماعات، مُطالبًا في الوقت ذاته وضع خطط استراتيجية لمواجهة هذه السياسة الاستيطانية على كل الصُّعد.
وأكّد خاطر أنه "يُفترض على منظمة التحرير أن تكون منظمة مقاومة وليست منظمة إدارة الشؤون الحياتية اليومية وإدارة الشرعيات وتجديد بعض الصلاحيات والامتيازات لقيادتها وترك الاستيطان يلتهم الأرض ويُهوّد المقدسات، وأنّ المشروع الوطني بأكمله في خطر شديد".
وعدّ أنّ السلطة الفلسطينية تخلّت عن دورها في مقاومة الاستيطان ومواجهة هذا المشروع الخطير والكبير، لافتاً إلى أنّ الاستيطان هو أساس الاحتلال، وبالتالي فإنّ السلطة التي لا تتصدى للاستيطان لا يمكنُ وصفها بأنها "سلطة فلسطينية".