1-اعترف عشرات من جنود جيش الاحتلال بارتكابهم مجزرة الطنطورة، التي تقع جنوب مدينة حيفا المحتلة على شاطئ البحر، وذلك خلال فيلم وثائقي للمخرج ألون شوارينز، ذكر خلاله الشهود الذين دفنوا الضحايا أن عدد الشهداء الفلسطينيين تجاوز مئتي شهيد، ومن هؤلاء الجنود الصهاينة الذين ظهروا في الفيلم: الإرهابي موشيه يامنت والإرهابي حاييم ليفين والإرهابي ميكا فيكون، وهم يتبعون اللواء الإسكندراني الصهيوني، ولا تزال جثامين شهداء المجزرة الفلسطينيين تحت موقف سيارات شاطئ (دور هيبونيم)، ويقول الصحفي الصهيوني جدعون ليفي في مقاله بصحيفة هآرتس الصهيونية عن مجزرة الطنطورة: "تحت المكان الذي اعتاد والدي أن يوقف سيارته عندما كنا نسافر إلى شاطئ الطنطورة يوجد قبر جماعي، هناك يد شريرة تحاول محو ذكره".
٢-عاجلًا أو آجلًا سيحاسب الاحتلال على جرائمه ومجازره كما حدث مع كل الاحتلالات، وبعد كل المجازر التي شهدها العالم حوكم قادة الاحتلال على ما ارتكبوه من مجازر، كما حدث في محاكمات يوغسلافيا ورواندا وسيراليون، وبات واجبًا أن يحاكم قادة دولة الاحتلال وفقًا لقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الجنائي الدولي، على ما ارتكبوه من جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب تتعارض مع اتفاقية لاهاي وجنيف؛ وأن تصدر محاكمنا العسكرية الفلسطينية أيضًا أحكامًا ضد هؤلاء الصهاينة، كما فعلت قوى الحلفاء بعد الحرب العالمية الثانية من محاكمة العسكريين الألمان، بتوسيع اختصاص المحاكم العسكرية؛ والبدء في معركة دبلوماسية فلسطينية ضد الاحتلال في المحافل الدولية، ودعوة الدول الصديقة لشعبنا إلى تجريم ومحاكمة قادة الاحتلال أمام محاكم الدول التي تسمح قوانينها بذلك.
3-في دائرة الأحداث يجب ألا تتجاهل السفارات الفلسطينية في العالم هذه الوثائق التي كشفت باعتراف جنود صهاينة شاركوا في الجريمة، وينبغي وضع الاحتلال في زاوية الإرهاب أمام العالم، هكذا هو التاريخ لا يغفر للمجرم ولا يطوي الحقائق، وهذا الموضوع -في رأيي- هو فرصة الآن لإعادة فتح ملف الجرائم الصهيونية أمام المحكمة الجنائية الدولية وملاحقة قادة الاحتلال، ولدينا الفلسطينيين من المعلومات والوثائق ما يكفي للكشف عن الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال، بفعل الصمت والتواطؤ من الإمبريالية العالمية، واللوبي الصهيوني، ومعهما الصهيونية العربية، ومن يساندها من فريق التنسيق الأمني، الأمر الذي يشجع الاحتلال على ارتكاب المزيد من الجرائم، على الرغم من مئات القرارات الدولية التي تجرم الاحتلال والتقارير الحقوقية العالمية التي تتحدث عن عنصريته؛ فما يحكم دول العالم والنظام الرسمي هو لغة المصالح والأولويات، وواضح أن هذه الجرائم لا يمكن الصمت عنها شعبيًّا مع تهاوي مكانة دولة الاحتلال، وتراجع الفضاء الإعلامي الدولي الداعم لها، مع العولمة وميدان (السوشيال ميديا) وتطوره سلاحًا بيد شعبنا الفلسطيني للدفاع عن روايته، لقد بدأ التعاطي الدولي مع رواية الاحتلال يتقلص يومًا بعد يوم، ومع الوقت يمضي في تراجع مستمر.
4-إن التغيرات الأساسية على الساحة الدولية قد تكون في مصلحة جر دولة الاحتلال إلى ساحة المحاكم الدولية ومحكمة الجنايات الدولية، ولعل أكبر محاولة كانت تقرير جولدستون الذي صدر عقب عدوان 2008 على قطاع غزة، الذي عمل فريق التنسيق الأمني على إجهاضه دوليًّا، وقدموا بذلك خدمة مجانية لمجرمي الحرب الصهاينة ضمن صكوك الولاء والطاعة، متجاهلين أن الكرامة الإنسانية والعدالة والنزاهة التي تطلبها أرواح الشهداء لا تموت، ولا يمكن تجاوزها، وأن دماءهم تطلب دماء جلاديهم وقتلتهم.
5-في الوقت الذي انضمت فيه السلطة إلى ميثاق روما الأساسي الذي يسمح لها برفع قضايا إلى محكمة الجنايات الدولية ضد دولة الاحتلال؛ لاحظنا الصمت وعدم تحريك أي دعاوى ضد الاحتلال، ربما من باب الخوف من قطع المساعدات المالية الدولية عنها، ووقف أموال المقاصة، والتضييق على قادتها في الضفة.
وفي زاوية أخرى للمشهد يجب أن نستفيد من الأخطاء العديدة التي ارتكبها الاحتلال، واستغلال ذلك إعلاميًّا أمام العالم، ضمن إستراتيجية تكاملية مع المقاومة وحلفائها من أحرار العالم، وكشف حقيقة أن دولة الاحتلال دولة إرهاب وفصل عنصري، مع توظيف ما كشفه تقرير أمنستي الأخير الذي يجرم الاحتلال ويعده احتلالًا عنصريًّا يمارس (الأبارتهايد) على الشعب الفلسطيني.
6-في مقابل ذلك نكون انتزعنا تعاطفًا عالميًّا مع شعب فلسطين ضد الاحتلال، ونطفئ نيران الصهيونية العربية التي تسير في منحدر التطبيع، وندعم إستراتيجيتنا النضالية، ونكون أكثر حزمًا في مواجهة المشروع الصهيوني وهيمنة حلفائه، باستعادة حضور قضيتنا ومظلومية شعبنا أمام العالم ومؤسساته الحقوقية الدولية، مع التأصيل لذلك إعلاميًّا وقانونيًّا وشعبيًّا بأن مقاومتنا كل أشكالها العسكرية والشعبية تأتي في إطار الدفاع عن شعبنا ضمن الرد الطبيعي على جرائم الاحتلال الصهيوني.