قائمة الموقع

"تشريح القهر".. الوجود الفلسطيني تحت الاحتلال دون رمزيات

2022-02-05T10:13:00+02:00

يقول الفنان الجرافيتي تقي الدين سباتين: "لا أستطيع القول إن هناك أسبابًا محددة دفعتني إلى تنظيم معرض تشريح القهر، ولكن هناك رضا داخلي كامن بإنتاج 22 عملًا فنيًّا تعد شكلًا من أشكال المقاومة".

و"تشريح القهر" هو عنوان المعرض الذي نظمه سباتين في العاصمة الفرنسية باريس، مجسدًا بلوحاته شغفه بالمقاومة ورغبته في رؤية فلسطين بلا احتلال، كما يبين.

وسباتين من قرية حوسان قضاء بيت لحم، وهو من مواليد عام 1988، وحاصل على شهادة بكالوريوس في الفنون الجميلة من الأكاديمية الدولية للفنون المعاصرة في مدينة رام الله، وله مشاركات في العديد من المعارض الجماعية.

ويوضح أنه أراد بـ"تشريح القهر" تبيان وشرح القضية الفلسطينية من زاوية أخرى، ومن وجهة نظر خاصة، "لأقدمها للعالم بطريقة مستساغة وغير مشهودة وبطريقة مفهومة في الوقت نفسه، لا أريد إلا حضور القضية والوجود الفلسطينيين لأحدث صدى في الزمان والمكان اللذين يقام فيهما المعرض" يضيف.

ويلفت النظر إلى أنه عمل على طرح منظور العمل الفلسطيني المقاوم دون إظهار الرمزيات الفلسطينية كما في السابق.

وعن سبب تسمية المعرض "تشريح القهر"؛ يشير سباتين إلى حقيقة وجود الاسم في الأعمال الفنية بمجرد النظر إلى اللوحات، ولتكون تفسيرًا لمدى وقاحة الاحتلال وعنصريته، وحقده الصهيوني في ممارسة الظلم والقهر على المواطنين الفلسطينيين.

ويوضح أن بعض اللوحات تعرض البناء التكويني للقهر ومعنى كلمة الظلم، وأن ما تنقله هو إحدى جزئيات ما يحدث داخل فلسطين، وما يعيشه الفلسطيني المقيم على أرضه المحتلة، أو المغترب قسرًا عنها.

ويمضي إلى القول: "من يعيش خارج فلسطين لديه انتماء لوطنه رغم بعده عنها، تعيش فلسطين في قلوب مواطنيها حتى المتضامنين، وهم بذلك يعانون قهرًا واضطهادًا نفسيين حتى لو كانوا بعيدين عن الواقع الملموس لعدوان الاحتلال الممارس على الحواجز، وفي أوساط المدن الفلسطينية".

ويرى سباتين أن اللوحات التي رسمها هي التي كونت الاسم بنفسها، لكونها تحاول أن توثق معاناة الإنسان بصورته الكلية المجردة.

هدم البيوت، وتجريف الأراضي الزراعية، واستهداف الأبرياء وقتلهم، واعتقال الأطفال والنساء، واستباحة الأعراض، والجدار والحواجز والحدود، وقمع التظاهرات السلمية، كل ذلك جزء من القهر الذي يعيشه الفلسطيني، وأزمة نفسية لمتابع القضية من الخارج.

ويزيد سباتين: "تسبب تلك الصور والمشاهد المتناقلة عبر منصات التواصل وأجهزة التلفزة أزمة نفسية لحامل الهوية الفلسطينية في الخارج، إذ تثخن قوة السيطرة والآلة الحربية الإسرائيلية في الفلسطيني بأي شكل كان، تفوق تلك التي كانت مستخدمة في العصور الوسطى والحربين العالميتين الأولى والثانية".

البناء التشريحي للقهر

والبناء التشريحي للقهر بدا له كأنه جسد مقسم على هيئة أشكال، فمن اللوحات ما تناول الأرض الفلسطينية وصورة الأرض غير المرئية، وهي تلك التي نراها ذهنيًّا فشاهدها سباتين من آلة الحرب والقتل والخراب، فكونت صورة ضبابية بسبب الغاز المسيل للدموع، والدمار الناتج عن القصف الإسرائيلي لبيوت القطاع، والغبار والدخان المتصاعدين نتيجة هدم البيوت في محيط القدس وبعض القرى، فتناولها بطريقة موضوعية.

ويبين أنه اختار تلك الوسيلة للحديث عن القهر الفلسطيني لشعور المتابع بحالة من الملل وهو يرى اللقاءات السياسية الماراثونية دون أن تصل إلى آخر النفق، "ولكن الفن يعبر عن طريقة جمالية تساعد على نشر القصة بلغة يفهمها الجميع، فكل عمود دخان هو جسم يشرح قصة طويلة خلفه".

واستخدم الضباب مادة وصورة ذهنية في لوحاته لكونه يحجب الرؤية والفهم، وسيطور مشروعه (المشهد الضبابي) حتى وصوله لدى حالة تفكيك التكوين القهري لكونه جسمًا مبنيًّا من عدة أعضاء ليوصل رسالة إنسانية للفلسطينيين بطريقة غير مباشرة.

ويعد سباتين كل عمل فني تحديًا للاحتلال وعنصريته التي تظهر وجهه القبيح أمام العالم، مع محاولته منع أي انتشار فني لتأثيره في العالم.

اخبار ذات صلة