فلسطين أون لاين

قال لـ "فلسطين أون لاين": انسحبت من أولمبياد "طوكيو" حتى لا أمنح الشرعية للاحتلال الإسرائيلي

البطل الجزائري "نورين".. تنازل عن عرش "الجودو" واستحق "ذهبية القدس"

...
الجزائر- غزة/ يحيى اليعقوبي:

تربع على عرش لعبة الجودو في الجزائر عشر مرات، وهو بطل قارة إفريقيا ثلاث مرات؛ يخشاه المنافسون عندما يطلُ إلى حلبة الرياضة،  البطل فتحي نورين له صولاتٍ وجولاتٍ بمسابقات عالمية في اللعبة آخرها كان التأهل لأولمبياد "طوكيو" وصل إليها بـ "بشق الأنفس" بعد سنوات من التحضير والمنافسة.

لكن عندما تعلق الأمر بفلسطين حينما أوقعته القرعة بمواجهة لاعب إسرائيلي أعلن انسحابه من الحدث الرياضي العالمي، رافضًا النزال حتى لا يمنح شرعيةً للاحتلال الإسرائيلي؛ فالرياضة بالنسبة له أصبحت "رسالة تعبر عن ثقافة الشعوب وضمائره".

وهو في أوج عطائهِ رفضَ أن "تتسخ ملابسه" أو أن "يلوث سيرته الرياضية الناصعة" بخوض تلك المواجهة، فقامت اللجنة الأولمبية الدولية بإيقافه عشر سنوات على إثرها أعلن اعتزال اللعب نهائيًا، وخسر ميدالية الأولمبياد التي كان يحلم بها منذ طفولته، لكنه كسب ميداليةً في "العزة والكرامة"، وبالأمس قلدته الحملة العالمية للعودة لفلسطين في لبنان "ذهبية القدس" تكريمًا للرياضيين المناهضين للتطبيع ولكي يكون أنموذجًا يحتذى به، في حفلٍ حضره عدد من الرياضيين العرب والمسلمين.

عبر طرف سماعة الهاتف الأخرى التقط "فلسطين أون لاين" تحيةً وجهها ابن الجزائر إلى الشعب الفلسطيني معبرًا عن حبه لفلسطين التي تواجه نفس المصير الذي واجهته الجزائر حتى تحررت من الاحتلال الفرنسي، ووصف التكريم بـ "الرائع ونشكر المنظمين على ذلك" واعتبره، "رد اعتبار معنوي للرياضيين حتى لا يذهب جهدهم هباءً منثورًا، ونستثمرها في توعية الشباب كون المقاطعة الرياضية للاحتلال أخذت صدىً كبيرًا ونجاحًا ووجهت صفعة كبيرة للاحتلال".

4 مقاطعات سابقة

فتحي نورين لم يتجاوز عمره ثلاثين عامًا، ولد بمدينة وهران في الجزائر، التحق بلعبة الجودو منذ السنة الثامنة والتحق بالفريق الوطني الجزائري للعبة التي تربع على عرشها عشر سنواتٍ، لم يلتفت لقيمة ميدالية الأولمبياد، فهذه الميدالية بالنسبة له "لا شيءٍ، أمام رفض مواجهة لاعب إسرائيلي" ورأى أن انسحابه يمثل "عدم اعتراف منه بالاحتلال".

"حتى يعلم الجميع لقد كان لي أربع مقاطعات للاعبي الاحتلال الإسرائيلي في بطولاتٍ دولية منها بطولة العالم للعبة وجوائز كبرى آخرها أولمبياد "طوكيو" التي أخذت صدى كبيرًا حسب أهمية البطولة والمحفل العالمي الأولمبي، فعوقبت على إثرها عشر سنوات من الاتحاد الدولي للجودو وهي أطول عقوبة تفرض على لاعب، وهي مدة طويلة وكانت ظالمة وقاسية وداعمة للاحتلال بل متواطئة معه".. رغم ما حدث يؤكد نورين أنه غير نادم؛ لأن ما قام به كان عن قناعة وحق شرعي وواجب في نصرة قضية عادلة ضد عدو ينتهك كل حقوق الإنسان.

تشعر بعمق حبه وارتباطه بفلسطين، صوته يعبر عن ذلك "تربيت منذ صغري أن القدس هي أولى القبلتين، وأننا أمة مسلمة واحدة، ولا بد من الاهتمام بشؤون المسلمين ونصرتهم فالنبي يقول: "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا"، والفلسطينيون مظلومون يجب نصرتهم بأي طريقة (..) لقد سخر لي الله طريقة لنصرتهم مع الأيام تزداد المواقف المشابهة التي تضغط على الاحتلال وتضعفه وتحرجه".

يرد نورين على كل من ينادي بعدم ترك ساحة الرياضة للاحتلال، معارضًا هذا التوجه "الرياضة أصبحت في زمننا رسالة تعبر عن ثقافة الشعوب وضمائرهم، والاحتلال يستثمر في الرياضة ويستغلها من أجل نيل الاعتراف، وأن يظهر في ثوب السلم ونحن كجزائريين وعرب وفلسطينيين لا نقبل به وأردنا من خلال الانسحاب إبلاغ الرسالة وتبيان الحق والحقيقة".

وقال "صحيح أن رياضة الجودو من أحب الأشياء عندي في الحياة وأحب الرياضة والمنافسة والألقاب لكن مشيئة الله أرادت شيئًا آخرًا، خاصة أنني في أوج العطاء كبطل إفريقي ومتأهل للأولمبياد، وشعرت أن الله اصطفاني وسخرني لاستغلال القضية في نصرة قضية فلسطين".

دعم معنوي

دخل فتحي في حربٍ إعلامية حاول الاحتلال فرضها عليه بعد انسحابه، لكنه تلقى دعمًا معنويًا من الشعوب العربية وطاف اسمه بقاع الأرض وأصبح رمزًا في الجزائر "هذا يكفيني شرفًا بأنني نلت رفعة بين أهلي وشعبي والأمة العربية، وهو خير من عشر ميداليات أولمبية، والآن أتحصل على ميدالية عزة وشرف وكرامة وغرست نبتةً في قلوب الشباب وسأكون جنديًا للقضية الفلسطينية وسأستغل كل فرصة لنصرتها".

وضع فتحي نورين اسمه بين أسماء عشرات اللاعبين العرب الذين رفضوا منازلة لاعبين إسرائيليين في بطولات عديدة، وهذا أكبر دليل بالنسبة لنورين على "فشل التطبيع، ويدلل أن الثقافة لا زالت في العقول وأن العقيدة راسخة في القلوب، تدلل على وعي شباب الأمة".

وأردف "من حسن حظي أنني من دولة غير مطبعة، فلما رفضت المنازلة لم تكن لدي مشكلة بل يساعدني القانون على الانسحاب".

بعد الاعتزال أنشأ البطل الجزائري ناديًا رياضيًا ولم يستسلم لفكرة التنازل عن حلمه أمام العقوبة التي أقرها الاتحاد الدولي للجودو، حظي النادي بإقبالٍ كبير من أبناء ولايته للتدرب والاستفادة من خبرته الرياضية بعدما أصبح رمزاً لهم، لكن أول درسٍ سيعلمهم إياه هو "حب فلسطين ونصرتها".

مشهد الحصار على غزة، واعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على الأسرى ومنع المصلين من دخول المسجد الأقصى وقصف غزة كلها مشاهد تأثر بها نورين في المقابل يقول "أشُجع كثيرًا دفاع حركة حماس عن شعبها، وأراها صادقة في جهادها ضد الاحتلال، وربي ينصر كل إنسان له غيرة على القدس والقضية وفلسطين".