فلسطين أون لاين

الشتاء يقسو على منتفعي الشؤون مع استمرار حرمانهم مخصصاتهم

...
غزة/ هدى الدلو:

منذ أن دخل الشتاء بقسوة برودته أجواء قطاع غزة، أوقع في شباكه أم إبراهيم أبو حمد، لتجلس طريحة الفراش لا تقوى على الحركة بعد آلام في عظام جسدها، وارتفاع في الحرارة، وغيرها من الأعراض، وذلك بسبب بيتها الذي لا يرقى لأدنى مقومات السكن، لا يحجز بينها وبين المطر سوى ستارة قماشية لا ترد ريحًا ولا تقي مطرًا.

وتحاول الخمسينية أن تشرح وضع بيتها الذي تسللت له مياه الأمطار لتتسبب في انقطاع التيار الكهربائي، لتمضي وغيرها من منتفعي الشؤون الاجتماعية أيام الشتاء في معاناة تحاول الخروج منها بأقل الأضرار الصحية والمادية.

"نريد حياة كريمة"

وتقول أبو حمد لصحيفة "فلسطين": "حالة الإعياء ترافقني منذ أيام طويلة ولم أتمكن من معالجتها فلم أستطع صرف العلاج الذي وصفه الطبيب، خاصة أن بعض العيادات لا تصف سوى علاج الأكامول".

وتشير إلى أن فصل الشتاء يحتاج إلى طعام خاص يعينها وأبناءها على مقاومة برودة الشتاء، وخشونة الركبة التي تعاني منها تحتاج إلى إيقاد المدفأة طيلة الوقت، ولكن حالها يرثى له، "فليس بيدي فعل شيء سوى أن أجلس في بيتي وأفتح يدي لرب العباد، ففي صبيحة اليوم بالكاد أتناول طعام الإفطار لأستطيع شرب دواء السكري".

وتتابع حديثها بصوت متحشرج: "نعيش معاناة صعبة لا يشعر بها إلا مقطوع الشؤون أو من لا دخل له، لا يوجد لدي أي مصدر مال في ظل الوجع والبرد، تحملنا سوء الحال لأجل العودة إلى بلادنا التي هجرنا منها، ولكن كبرنا وظهرت آثار التجاعيد ولم نعد إلى البلاد ولم نعش حياة كريمة".

وتمضي بالقول: "الضمان الاجتماعي للأسر الفقيرة مكفول في كل دول العالم، وبالأساس شيك الشؤون بالكاد يكفي للمستلزمات الرئيسة، فنحن لا نطلب منهم حالة من الرفاهية أو شيئا فوق طاقتهم، ولكنّ المسؤولين عن منتفعي الشؤون يعيشون فوق ظهورنا، فلن أسامح كل من أكل حقنا، ويفترض بي كسيدة بهذا العمر أن تعيش في جو دافئ وأن تتناول طعاما صحيا".

وتعيل أبو حمد التي تسكن في مدينة غزة 6 أفراد من بينهم شباب عاطلون عن العمل، وتشارك بشكل أسبوعي في احتجاج لقطع شيك الشؤون عنها ولكن "لا حياة لمن تنادي".

شتاء دون سترات

في حين يقول جبر جعرور، إن أطراف أطفاله تكاد تتجمد في أثناء ذهابهم إلى مدرستهم البعيدة سيرًا على الأقدام دون سترات شتوية ثقيلة تقيهم قسوة البرد، فيسيرون مرتجفين لمسافات طويلة، ليعودوا إليه مصابين بنزلات برد لا يقوى على معالجتهم، أو حتى تأمين وسيلة نقل لهم تخفف عنهم.

ويقول: "أكثر ما يؤلمني هو طلب أحد أبنائي قبل ذهابه إلى المدرسة نصف شيكل مصروفا ليشتري به كأسًا من السحلب كزملائه، وأحد أطفالي يعاني إعاقة ذهنية ويحتاج إلى حفاظات وأدوية تقدر شهريًا بـ200 شيقل، إلى جانب أدويتي الخاصة بعلاج الغضروف، حتى كرت الكهرباء ليس بمقدوري تعبئته، فمنذ أيام نعيش على إنارة الليدات، ولا أستطيع إشعال المدفأة الكهربائية لتدفئة صغاري الثمانية".

وبعد تنهيدة يضيف جعرور: "الله بيعلم الدين كيف مرمطني، على الجيران والسوبر ماركت، حتى بت لا أستطيع طلب شيكل واحد، في ظل عدم تسديدي أي شيء منها منذ فترات طويلة، وانقطاع شيك الشؤون منذ عام تقريبًا".

تحت الصفر

أما الستينية افتخار حسان من قرية المغراقة الواقعة وسط قطاع غزة، فلم تتمكن من ترميم بيتها المتهالك والمسقوف بقطع منفصلة من ألواح الصفيح "الزينكو" قبل قدوم فصل الشتاء، حتى لا تتسرب مياه الأمطار إليها من جانب.

وتوضح أن الوضع في بيتها تحت الصفر في ظل استمرار قطع شيكات الشؤون الاجتماعية وعدم القدرة على توفير أبسط المستلزمات الحياتية من مأكل ودواء في ظل معاناتها من تمزق في يدها اليسرى، وغضروف في فقرات العمود الفقري، إلى جانب الديون المتراكمة عليها، وكانت ملزمة بتسديد أقساط منها كل ستة أشهر، "كنت عند استلام الشيك لا ينوبني منه إلا الوقوف في طابور البنك، والفتات".

وتضيف: "أحاول تدبير أموري، فأحيانًا أشعل الحطب لأعد الطعام لأبنائي بسبب عدم قدرتي على تعبئة جرة الغاز، خاصة أنه لا يوجد أي مصدر دخل لي فابني الذي يعيش معي في البيت من ذوي الإعاقة، ولدي ابنة تبلغ من العمر 47 عامًا.

وتناشد المسؤولين أن ينظروا إلى منتفعي الشؤون الاجتماعية بعين الرحمة والرأفة في ظل الظروف التي يعيشونها، والتي تزداد سوءًا في فصل الشتاء.

ولمنتفعي الشؤون الاجتماعية سبعة مخصصات مستحقة على وزارة التنمية منذ عام 2017، ولا تجد مطالبهم بهذه الاستحقاقات تجاوبًا من السلطة في رام الله.

ودأب المنتفعون على تسلم مبالغ مالية تتفاوت من (700 إلى 1800) شيقل، حسب حجم الأسر، وإعالتها مرضى وطلبة، بمبلغ إجمالي يقدر بـ130 مليون شيقل في كل دفعة.

وتنتظر نحو (111 ألف) أسرة في الضفة الغربية وقطاع غزة تسلم الدفعة المالية الثانية من أصل 4 دفعات من مخصصات عام 2021، بعدما تلقت الدفعة الأولى في 10 أيار/ مايو 2021، بمبلغ قيمته (750) شيقلًا، وسوغت وزارة التنمية في ذلك الحين تقليص المبلغ بعدم التزام الاتحاد الأوروبي بتقديم مساهمته المالية السنوية للسلطة.