فلسطين أون لاين

لماذا تصر سلطة رام الله على انعقاد جلسة المجلس المركزي؟

أحسنت القوى والفصائل الفلسطينية بقرارها مقاطعة جلسة المجلس المركزي التي يتم الترتيب لانعقادها في السادس من الشهر الحالي في رام الله، والتي تصر رئاسة السلطة الفلسطينية على عقدها بمن حضر بهدف ملء شواغر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بشخصيات مُقَرَّبة من رئيس السلطة ومدعومة من كيان الاحتلال، وتمرير قرارات تتجاوز النظام الأساسي لمنظمة التحرير، وتضرب بالتوافقات الوطنية الفلسطينية عرض الحائط، ونتائج الحوارات التي أجرتها الشخصيات والفصائل الفلسطينية على مدار السنوات الماضية لاستعادة الوحدة الفلسطينية وإنهاء الانقسام الفلسطيني.

إن إعلان أكبر الفصائل الفلسطينية مقاطعتها لجلسة المجلس المركزي المقبلة، وفي مقدمتها حماس والجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والتيار الإصلاحي لحركة فتح، وانضمام قوى فلسطينية أخرى لهذه المقاطعة مثل الجبهة الشعبية القيادة العامة وطلائع حزب التحرير الشعبية قوات الصاعقة، إضافة إلى دعوة المجلس التنسيقي للقوائم الانتخابية المستقلة لجميع القوى الفلسطينية بمقاطعة هذه الجلسة، وإعلان شخصيات فلسطينية رفضها لانعقاد هذه الجلسة، مثل عضو اللجنة التنفيذية السابق لمنظمة التحرير "ناصر القدوة" الذي أكد أن تيار أوسلو قد "تجاوز كل الخطوط الحمراء فيما يتعلق بمنظمة التحرير"، وإطلاق شخصيات وطنية عريضة تطالب برفض انعقاد جلسة المركزي لكونه "يعمق التفرد بالقرار الفلسطيني"، إنما يؤكد أن الفريق الذي سيشارك في جلسة المجلس المركزي يفتقد لتمثيل الغالبية الساحقة من أبناء الشعب الفلسطيني.

يدرك السيد "محمود عباس" والفريق المحيط به أن مشروع التسوية والسلام الذي لطالما روّج له بين الفلسطينيين قد ديس تحت بساطير جنود الاحتلال، وأن نجمه السياسي قد أفل، ومرحلته قاربت على الانتهاء، لذلك سارع إلى إجراء ترتيبات تضمن خلافته في رئاسة السلطة والمنظمة، وبما يحول دون تمكّن قوى المقاومة الفلسطينية التي تتمتع بقاعدة جماهيرية واسعة من الوصول إلى تمثيل يوازي حجمها الحقيقي داخل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية.

إن إعلان حركة فتح تيار عباس ترشيح "روحي فتوح" لرئاسة المجلس الوطني، و "حسين الشيخ" لعضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وإصرارها على تمرير ترشيحاتها خلال اجتماع المركزي المقبل دون توافق وطني عِوضًا عن كونه يشير إلى تهميشها بقية الفصائل الفلسطينية، وتعاملها مع منظمة التحرير وهياكلها الوطنية على أنها مؤسسات تتبع رئاسة السلطة وليست مؤسسات تمثل الكل الفلسطيني، فهي أيضًا تضرب عرض الحائط بالنظام الأساسي لمنظمة التحرير الذي تنص مواده على انتخاب "أعضاء المجلس الوطني عن طريق الاقتراع المباشر للشعب الفلسطيني"، و"انتخاب جميع أعضاء اللجنة التنفيذية من قبل المجلس الوطني"، وهي تمهد الطريق أمام فريق أوسلو لملء شواغر رئيس السلطة الفلسطينية، ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بمجرد انتهاء حقبة "محمود عباس" الذي جاوز ستةٍ وثمانين عامًا من العمر، ويعاني من عدة أمراض أدخلته المشافي، وباتت صحته المتردية تحول دون قدرته على القيام بأعباء الرئاسة كما كان من قبل.  

كما أن اختيار "حسين الشيخ" لعضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير يشكل خرقًا لسفينة منظمة التحرير وشرعية تمثيلها للشعب الفلسطيني، فالرجل يعادي المقاومة الفلسطينية ويحظى بعلاقات جيدة مع قادة الاحتلال بحكم منصبه رئيسا لهيئة الشؤون المدنية والتي تتطلب منه تواصلًا على مدار الساعة مع ضباط الإدارة المدنية في الضفة المحتلة، ما يعني نجاح الاحتلال في تصدير شخصية فلسطينية ضمن أعلى الهرم السياسي الفلسطيني، ويمهد الطريق أمام الرجل لتبوؤ منصب أمين سر اللجنة التنفيذية خلفًا للراحل "صائب عريقات"، ويجعل منه مرشحًا أبرز لخلافة عباس في رئاسة السلطة والمنظمة معًا، خاصّةً مع تحركاته السياسية النشطة خلال الآونة الأخيرة وفي مقدمتها لقاءاته مع "يائير لابيد" وزير خارجية الاحتلال، و"بيني غانتس" وزير جيش الاحتلال الذي التقاه برفقة عباس.

اللافت في جلسة المجلس المركزي التي لم تُعقَد بعد هو تسريب مسودة بيانها الختامي قبل أسابيع من انعقادها، مما يشير إلى أنها ليست أكثر من لقاء صوري لترتيب مرحلة ما بعد عباس، وتمرير ترشيحات وتعيينات فريق أوسلو في المجلس الوطني واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وأن المشاركين الذي ستطالهم لعنات أبناء الشعب الفلسطيني إنما هم حفنة منتفعين وأصحاب امتيازات حضروا من أجل رفع الأيادي دون السماح لهم بمناقشة أيٍّ من القضايا الوطنية أو القرارات المصيرية.