- مؤسسة "عرفات" مُختطفة لأشخاص ليسوا أمناء واستولوا عليها بطريقة غير قانونية
- الحل الأمثل هو عقد مجلس وطني شامل للكل الوطني وليس "المركزي"
- لن يُكتب النجاح لحوارات الجزائر عقب الإصرار على عقد "المركزي"
استهجن رئيس مجلس إدارة مؤسسة ياسر عرفات السابق د. ناصر القدوة، إقامة المؤسسة معرض الكاريكاتير الذي احتوى على رسومات للرئيس الراحل ياسر عرفات، مشدداً على أنّ المجلسَ المركزيَّ لمنظمة التحرير "فاقد للشرعية".
وكانت مؤسسة عرفات قد نظّمت معرض رسوم الكاريكاتير بعنوان "فلسطين وياسر عرفات"، الأحد الماضي، في قاعة المعارض بمتحف "ياسر عرفات"، بحضور رئيس حكومة رام الله محمد اشتية وشخصيات وزارية أخرى.
وقال القدوة خلال حوار خاص مع صحيفة "فلسطين": "لا شكّ أنّ هذا المعرض يدلل على أنّ هناك تطورًا محزنًا للأسف الشديد"، مستدركاً "لكن هذا الأمر متوقع بعدما تم اغتصاب هذه المؤسسة والاستيلاء عليها بطريقة غير قانونية وباستخدام القوّة".
وأكد القدوة أنه تمّ اختطاف مؤسسة عرفات، عبر إلغاء قانونها الداخلي الأساسي واستقلاليتها وجعلها تابعة لأحد موظفي المقاطعة في رام الله، "لذلك تنظيم مثل هذا المعرض أمر ليس مستبعداً".
وعدّ أنّ ما يجري في مؤسسة عرفات "نموذجاً مصغراً لما يجري في البلاد بشكل عام"، مضيفاً "عندما يجتمع الجهل وأعداء الكفاءة والفعالية والمهنية وحتى قبول العمل كوكيل لجهات أجنبية، هكذا تكون النتيجة، بعدما كانت المؤسسة أحد الصروح الوطنية الكبرى".
وتابع "ما حدث يتخطى في خطورته الإساءة للقائد الرمز ومكانته وإثارة غضب أبناء شعبنا في الوطن والشتات والمنافي، بل هو إمعان في الحطّ من قيمة ومكانة ودور هذه المؤسسة التي كانت أمينة وحريصة على إرث الياسر ورسالته".
وشدّد على أنّ "تراث ياسر عرفات وسيرته للأسف ليسوا بأمان وهذا ليس بالصدفة وهو ما حذرنا منه في السابق".
والقدوة هو ابن شقيقة عرفات، وأقاله رئيس السلطة محمود عباس في منتصف مارس/ آذار الماضي، من رئاسة مجلس إدارة مؤسسة ياسر عرفات وعضوية مجلس أمنائها؛ بعد قراره الترشح بقائمة منفصلة عن حركة فتح في الانتخابات التشريعية التي ألغاها عباس فيما بعد.
فاقد للشرعية
وفيما يتعلق بجلسة المجلس المركزي المزمع عقدها في السادس من شهر فبراير/ شباط القادم، قال القدوة، إنّ "هذا الموضوع هو المهم في الوقت الحالي لكونه يمسّ منظمة التحرير وجوهر النظام السياسي الفلسطيني".
وشدّد على أنه "لا يوجد أيّ شرعية لما يُسمّى المجلس المركزي، لذلك انعقاده غير شرعيٍّ، والنتائج التي يُمكنُ أن تترتّب عليه غير شرعية"، مؤكداً ضرورة انعقاد مجلسٍ وطنيٍّ شاملٍ وجامعٍ للكل الوطني الفلسطيني أهم من "المركزي".
وانتقد إصرار حركة فتح على عقد جلسة "المركزي" في ظل مقاطعة عدد من فصائل المنظمة، متابعاً "غياب قوى أساسية ومشاركة واسعة والتوافق والالتزام بالقانون، كلّها أمور لا تُبشّر بالخير، وتؤكد الحالة البائسة التي تعيشها الساحة الفلسطينية".
واستطرد "المجلس الوطني غاب 20 سنة وعندما تمّ عقدُه كان هزيلًا، وجرى التصرّف بطريقة مخالفة للنظام الأساسيِّ لمنظمة التحرير".
وجدّد التأكيد أنه "لا يوجد شيءٌ اسمه مجلس وطني يفوض "مركزي" بكل صلاحياته، أي أنه يُلغي نفسه".
وأكمل "لا يمكن تصوُّر انتخاب رئاسة المجلس الوطني مثلاً في غياب "الوطني"، وهذا أمر سخيف ومضحك ويخالف اللوائح والأنظمة والقانون والأعراف وينتهك مصلحة الشعب الفلسطيني".
وبيّن أنّ المنظمة تعيش حالة ترهُّل وتشرذم، "والجميع يتحمّل المسؤولية، وأبرزهم الشخص الأول للمنظمة".
وشدّد على ضرورة "اتخاذ موقف واضح ضد العبث ومحاولة استكمال تخريب منظمة التحرير والحالة الوطنية، لذلك الحلّ الأمثل هو عقد مجلس وطني بدلاً من "المركزي" يُمكن الوصول له من خلال الانتخابات ومن التوافقات الوطنية كجزء من الحوار الوطني الشامل المطلوب".
سياسة الإقصاء
في السياق، استهجن القدوة، استمرار سياسة الإقصاء التي تنتهجها حركة فتح بحق أعضاء المجلس الثوري التابع لها، مستدلاً بذلك على إقصاء عدد من القيادات مؤخراً خلال اجتماع "الثوري" الأخير الذي عُقد مطلع يناير الجاري.
وقال "هذه نفس الطريقة، إذ إنّه لا يوجد مؤسسات ولا احترام للنظام الداخلي للحركة، ولا حتى قرارات، وما جرى بحقي هو ذاته الذي جرى بحق الأعضاء الآخرين".
وأوضح أنّ هذه العقلية التي تحكم المنظمة، هي التي تحكم "فتح"، لذلك لا بدّ من مواجهة هذه السياسة.
والقدوة ثاني مسؤول في المركزية يُفصل في عهد رئيس السلطة عباس بعد محمد دحلان، وكان على خلافٍ صامتٍ مع عباس منذ فترة طويلة حول قضايا لها علاقة بالشأن السياسي ومعالجة مسائل داخل حركة فتح، وحتى في معالجة ملف التحقيق في فرضية تسميم الراحل عرفات.
وحول حوارات الفصائل الجارية في دولة الجزائر، رأى القدوة أنه "لن يُكتب لها النجاح، في أعقاب التحركات المتعلقة بالمجلس المركزي، بالتزامن مع عقد اللقاءات الثنائية بين الفصائل"، مُنبّهاً إلى أنه لا يوجد داعٍ لانتظار نتائج الحوارات.
وقال: "لا نستطيع أن نتوقع أيّ نتائج إيجابية، لذلك يجب على الشعب الفلسطيني وكل الجهات المعنية أن تقف وتتصدى وتتخذ الخطوات اللازمة".
وبحسب القدوة، فإنّ هناك معيقات برزت أمام الحوارات الجارية في الجزائر، من خلال الإصرار على الممارسات الضارة وطنياً من البعض.
واستبعد التوصُّل لأيّ نتائج إيجابية في ظل غياب الإرادة السياسية والرغبة الحقيقية في إنهاء الانقسام وإنجاز الوحدة الوطنية بالشكل المطلوب، محمّلاً المسؤولية لأصحاب القرار السياسي في السلطة وما يُسمّى المجلسَ المركزيَّ وغيره من المؤسسات، "لذلك آن الأوان أن نواجه الحقيقة ونتّخذَ الموقفَ السياسيَّ المطلوب".