لا تزال حالة التشرذم التي تعيشها حركة فتح آخذة بالاتساع أكثر مما سبق، نتيجة ممارسات رئيسها محمود عباس القائمة على التفرد وإقصاء خصومه السياسيين بذريعة "عدم الانصياع لأنظمة الحركة الداخلية"، وهو ما تجلّى خلال جلسة المجلس الثوري لـ "فتح" التي عُقدت قبل أيام.
واختُتمت في مقر المقاطعة برام الله أعمال الدورة التاسعة للمجلس الثوري، في ظل إقصاء عدد من أعضائه الذين شاركوا في قائمة "الحرية" في الانتخابات التشريعية المُلغاة التي ترأسها القيادي ناصر القدوة ودعمها الأسير مروان البرغوثي، بعد رفضهم التوقيع على وثيقة اعتذار والتعهد بالتزام قرارات الحركة.
وأقصى ثوري فتح الذين ترشحوا للانتخابات عن قائمة "الحرية" وهم: فدوى البرغوثي زوجة عضو اللجنة المركزية الأسير مروان البرغوثي، والمحرران فخري البرغوثي وجمال حويل.
وحاول عباس لململة شمل "فتح" التي فرّقها بسياساته المتفردة القائمة على الإقصاء، وانعكست على القوائم الانتخابية لها في انتخابات التشريعي المُلغاة، من خلال تشكيل لجنة مصالحة داخلية للحركة في نهاية يونيو/ حزيران الماضي، عدا عن حالة الغضب التي سادت بين قيادات فتحاوية أخرى.
إقصاء وإبعاد
ويرى عضو المجلس الثوري لحركة فتح المحرَّر فخري البرغوثي أن عدم دعوته لحضور جلسة "الثوري" تندرج ضمن سياسة الإقصاء التي ينتهجها عباس، في محاولة منه لإبعاده وقيادات أخرى عن الواقع الثوري للحركة.
وقال البرغوثي خلال حديثه مع صحيفة "فلسطين": إن "لجنة المصالحة جلست معهم وطلبت منهم الاعتذار على ترشحهم ضمن قائمة الحرية التي يدعمها الأسير مروان البرغوثي والتعهد بالتزام قرارات وقوانين الحركة، وهذا نرفضه".
وأضاف: "قرارات الحركة يجب أن تسري على الجميع دون انتقائية ومحسوبية"، مشددًا على أن "الهدف من طلب لجنة المصالحة هو استهداف له ولبعض الشخصيات التي ترشحت بقوائم أخرى غير الرئيسة".
وأضاف "نحن أبناء الحركة ونحافظ عليها وهي ليست حكرًا على عباس وبعض القيادات المتنفذة الأخرى، لكنّها أصبحت مؤخرًا وظيفة ويتم التعيين فيها بالوراثة"، معتبرًا ذلك ضمن "سياسة الإقصاء لكل معارضي عباس وأتباعهم".
وعدّ لجنة المصالحة "وسيلة من أجل الإقصاء، تحت غطاء قانوني"، متابعًا "أصبح المجلس الثوري مثل سجادة يستخدمونها وقت ما يشاء عباس"، لافتًا إلى أنه لم يتم تنفيذ أي قرار للثوري منذ 4 سنوات.
وأكد أن حركة فتح تعيش في مرحلة ضعف كبيرة، لكونها تفتقد قيادة حكيمة تعمل على جمع شملها، بدءًا من رئيسها عباس وليس انتهاءً بالقيادات الأخرى المتنفذة.
وطالب البرغوثي، قيادة فتح بضرورة إعادة النظر في كل خطواتها وسياساتها السابقة سواء التنظيمية أو فيما يخص القضية الفلسطينية، من أجل تصويبها بعيدًا عن المصالح الشخصية، خاصة أن الشعب الفلسطيني ما زال يرزح تحت الاحتلال.
وأيّد ذلك، عضو المجلس الثوري لفتح وأستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأمريكية بجنين جمال حويل، معتبرًا عدم دعوتهم لحضور الجلسة الأخيرة ضمن سياسة "الإقصاء بلا ضجيج" بسبب المشاركة في قائمة انتخابية غير الرئيسة.
وأوضح حويل خلال حديثه مع "فلسطين"، أن لجنة المصالحة عقدت معهم اجتماعًا في وقت سابق لإخضاعه لقرارات ولوائح الحركة، لكنه استدرك "لا أحد يجرؤ على إخضاعنا لسياسات نرفضها".
وقال: إن "هناك موازين قوى في فتح تحاول فرض نفسها على أعضاء الحركة، لكن هناك لوائح وقرارات داخلية في الحركة يجب على الجميع التزامها".
وأضاف: "مروان البرغوثي قيمة وطنية عالية ولا يستطيع أي إنسان تجاهله، ونحن نمثل حالة وطنية مع كل الفصائل في الميدان".
وأكد رفضه مبدأ استخدام القوة للسيطرة على المناضلين لأنهم لا يخضعون تحت الابتزاز، مشيرًا إلى أن برنامج قائمته مع البرغوثي كان قائمًا على مبدأ الوحدة الفلسطينية الشاملة.
وبيّن حويل، أن حركة فتح تمر في مرحلة ضعف في الآونة الأخيرة، مطالبًا إياها بضرورة إجراء مراجعة شاملة وكاملة وصادقة في معالجة القضايا المختلفة، والتزام أنظمة ولوائح الحركة الداخلية.
الاعتذار مرفوض
إلى ذلك، أكد القيادي في حركة فتح اللواء سرحان دويكات، رفضه الانصياع لطلب لجنة المصالحة الداخلية في الحركة بالاعتذار عن ترشحه في قائمة "الحرية".
وشدد دويكات خلال حديثه مع "فلسطين"، على ضرورة "التزام كل قيادات الحركة باللوائح والأنظمة الداخلية لها، لذلك لا يحق لأي شخص إقصاء الآخر، أو رفض دعوته للاجتماع".
وأشار إلى أن تشكيل لجنة المصالحة جاء بقرار من المجلس الثوري وبموافقة "المركزي"، نتيجة الظروف الصعبة التي كانت تمر بها الحركة، خاصة في أعقاب إلغاء الانتخابات التشريعية الماضية، بهدف الإصلاح وتقريب وجهات النظر بعيدًا عن المناكفات والإقصاءات.
وجدد تأكيد ضرورة تحقيق الوحدة الوطنية بين كل أطياف الشعب الفلسطيني، خاصة في ظل ما يتعرض له من جرائم إسرائيلية ممنهجة طالت كل الفلسطينيين في الضفة وغزة والشتات.