فلسطين أون لاين

تحليل السلطة ترعى الفلتان بالضفة وتشكِّل لجان تحقيق "صورية" لتهدئة غضب الشارع

...
رام الله-غزة/ محمد أبو شحمة:

الناظر إلى جرائم القتل الأخيرة في الضفة الغربية المحتلة، يجد أن السلطة تسارع إلى تشكيل لجان تحقيق فور وقوع أيّ واحدة منها، خاصة إذا كان المجني عليه شخصية مهمة وذا مكانة مرموقة، غير أن الناظر إلى النتائج الصادرة عن تلك اللجان يجد صفرًا كبيرًا، فلا القاتل اعتُقل ولا أهالي الضحايا عرفوا فيمَ قُتل أولادهم.

وبقيت تلك القضايا طيّ الكتمان ويغطيها جو من الغموض، كجريمتي قتل المستشار القانوني للمالية العسكرية عكرمة مهنا (44 عاما) في الثالث والعشرين من يوليو/ تموز الماضي، والقاضي العسكري منتصر بلعاوي (51 عاما) في الثاني من يناير الجاري، والاثنان عُثر على جثتيهما كلٌّ في منزله بطولكرم.

وكشف تقرير صادر عن الشرطة برام الله، في يونيو الماضي، أن معدل جريمة القتل ارتفع في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، بنسبة 69٪، فيما ارتفعت الجريمة ومظاهر العنف بنسبة 40٪ منذ بداية عام 2021 حتى يونيو/ حزيران مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2020.

وتعقيبًا على ذلك يقول المختص الأمني، هشام المغاري: إن لجان التحقيق التي تشكلها السلطة بعد مقتل بعض الشخصيات والقضاة العسكريين، تكون غالبيتها صورية، ولا تكمل المشوار من خلال التحقيقات التي تجريها، ولا يصدر عنها أي نتائج.

وأوضح المغاري لصحيفة "فلسطين" أن السلطة تهدف من خلال تشكيل هذه اللجان إلى امتصاص غضب الشارع وكسب الوقت، في حين "إذا استكملت تلك اللجان تحقيقها وأصدرت نتائج لا تتماشى مع رغبات السلطة فإنها تتخلص من نتائجها أو تتخلص من القضاة المحققين".

ولفت إلى أن السلطة تخشى نتائج أي تحقيق؛ لأنها تعي جيدا أن المطلوب منها خدمة الأجندة الإسرائيلية والأمريكية، موضحًا أن أسباب الفلتان الأمني في الضفة الغربية المحتلة، يعود إلى الصراعات الداخلية في حركة فتح، وما بين السلطة وفتح، إضافة إلى البعد العائلي الذي له أثر كبير في زيادة الفلتان الأمني.

وأشار المغاري إلى أن السلطة والاحتلال عملا على نشر سلاح بالضفة المحتلة هدفه تعزيز الفلتان الأمني فقط.

من جانبه، يؤكد الباحث والكاتب السياسي، ربيع أبو حطب، أن السلطة عملت منذ إنشائها على تعزيز العصبيات القبلية في المجتمع الفلسطيني عبر استعداء عدد من الشخصيات، وتشكيل الروابط العصبية ومجالس العشائر من خلال شخصيات موالية للسلطة بهدف ضمان ولاء هذه العائلات.

وقال أبو حطب لصحيفة "فلسطين": "تحاول السلطة وأجهزتها استحضار تجاربها السابقة في قطاع غزة من خلال توجيه ورعاية حالة الفوضى والفلتان الأمني، وتذكية الصراعات العائلية في الضفة المحتلة".

وأضاف أبو حطب: "تهدف السلطة من الفوضى والفلتان الأمني لضرب النسيج الاجتماعي لحرف أي عمل مقاوم يستهدف الاحتلال، وكذلك لإشغال المجتمع الوطني والنخب السياسية بقضايا داخلية بعيدًا عن ممارساتها وفسادها الممنهج".

وأشار إلى أنّ ذلك ظهر واضحًا من خلال تكديس الأسلحة في عائلات بعينها ومحافظات بذاتها، ومن خلال مظاهر الاقتتال والتصفية القائمة على الانتماء والولاءات داخل السلطة".

وأردف بالقول: "وليس أدلّ على ذلك سوى اغتيال أحد قضاة المحكمة العسكرية وبيان شهداء الأقصى عليه، أو الاعتداء على ابن زكريا الزبيدي وما تلاه من مظاهرات مسلحة وإطلاق نار على مقرات أمنية تابعة للسلطة".

وبيّن أبو حطب أن المؤشرات الأولية تُظهر حالة تشرذم وضعف السلطة وحالة التحدي الجماهيري الواضحة لها، خاصة منذ مقتل الناشط نزار بنات، على حد تعبيره.

وختم قائلا: "يبدو أنّ قيادة السلطة بدأت تشعر بحالة الضعف تلك، الأمر الذي دفع رئيسها إلى التوجه بنفسه لوزير الجيش الإسرائيلي لوضعه في صورة المخاطر التي تواجهها، واحتياجاتها من أدوات قمعية لإنجاز المهام الأمنية المطلوبة للحفاظ على بقائها عبر بوابة التنسيق الأمني".