في مخيم البرج الشمالي للاجئين الفلسطينيين في لبنان، يضطر علاء (12عامًا) الذي يعاني وشقيقته ملك (10 أعوام) من مرضَ الثلاسيميا، إلى التسول من أجل توفير الأدوية الخاصة بهما، بسبب غلاء ثمنها من جراء تدهور الأوضاع الاقتصادية وفقدان الليرة اللبنانية قيمتها.
وخوفًا من الموت، يتنقل الشقيقان بين الفينة والأخرى إلى المراكز والعيادات الطبية من أجل الحصول على الأدوية التي يحتاجونها في ظل تردي أوضاع أسرتهما الاقتصادية وعدم قدرتها على توفير الأدوية.
يقول علاء الذي ينتمي لأسرة مكونة من خمسة أفراد لصحيفة "فلسطين": منذ منتصف العام الماضي بدأنا أنا وشقيقتي نتردد على مركز البرج الطبي في المخيم التابع للأونروا من أجل الكشف الطبي، غير أننا بحاجة ماسة إلى إجراء بعض الفحوصات الطبية مكلفة الثمن لعدم توفرها بالمركز.
أما اللاجئ عمر (18 عامًا)، فقد فشل في كل محاولات التأقلم مع مرضه (الثلاسيميا)، وذلك بسبب نظرة المجتمع له، إذ يقول: "الجميع ينظرون إليّ نظرة شفقة".
وأوضح أنه توقف عن الدراسة منذ المرحلة الإعدادية، في حين لم يستمر في أي مهنة عمل بها، فقد حاول امتهان الحلاقة والتمديدات الكهربائية المنزلية والبناء، غير أنه بسبب تعبه الشديد نُقل إلى المستشفى أكثر من مرة، ما أجبره على ترك العمل والجلوس في البيت.
ويناشد عمر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" لرعايته وأمثاله وتوفير احتياجاتهم من الأدوية والفحوصات الطبية، خاصة أنها باهظة الثمن ولا يقدرون على توفيرها.
انتشار الثلاسيميا
المدير التنفيذي لجمعية الشفاء للخدمات الطبية والإنسانية د. مجدي كريم، يفيد بأن مرض الثلاسيميا ينتشر بكثرة في البرج الشمالي جنوبي لبنان، حتى بات يعرف بـ"مخيم الثلاسيميا".
وقال كريم لصحيفة "فلسطين"، إن مخيم البرج الشمالي يوجد به 220 مصابًا بـ"الثلاسيميا" من مختلف الأعمار، على عكس المخيمات الأخرى التي لا تتجاوز فيها الإصابات أصابع اليد الواحدة.
وأوضح أن زواج الأقارب سبب رئيس في انتشار المرض رغم حملات التوعية التي نبهت من خطره، حاثًا المقبلين على الزواج إلى إجراء الفحوصات الطبية.
وبيّن كريم أن جمعيته تمكنت من فتح مركز لها في مخيم البرج الشمالي، باسم مركز البرج الطبي، وعينت طبيبًا مختصًا لمتابعة أوضاع مرضى الثلاسيميا الصحية وتقديم الأدوية التي يحتاجون إليها بالمجان، مشيرًا إلى أنها أطلقت مشروعًا في الربع الأول من العام الماضي من أجل توفير الأدوية للمرضى ورفع مستوى الوعي لدى اللاجئين حول المرض.
ويعاني اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، الذين يشكلون حوالي ثلثي السكان، أوضاعا قاسية، وظروفا معيشية واقتصادية صعبة.