لا تزال السُلطة في رام الله تُسقِط من حساباتها الإنفاق على المشاريع التطويرية والتنموية، وتُرجّح كفة نفقاتها على الرواتب والأجور، والإغداق على القطاع الأمني؛ ما يهدد بنية القطاعات الاقتصادية، ويرفع من معدل حجم الدين العام.
وحسب معهد "ماس للدراسات والأبحاث"، ارتفعت النفقات العامة على أساس الالتزام، خلال الربع الأول من العام 2021 بنسبة11.2% مقارنة بالربع المناظر مع العام 2020، لتبلغ قرابة 3.9 مليار شيقل.
وبيّن المعهد أن الإنفاق التطويري خلال هذا الربع انخفض بنسبة 5.1% بالمقارنة مع الربع المناظر لتبلغ قرابة 140.5 مليون شيقل.
بيد أنّ الإنفاق على بند الأجور والرواتب ارتفع بنسبة 13.2% خلال الفترة المقارنة نفسها، أي قرابة 1.9 مليار شيقل، وارتفعت نفقات غير الأجور بنحو 15.3% مقارنة بالربع المناظر لتبلغ قرابة 1.4 مليار شيقل.
وبيّن ماس أنّ النفقات التطويرية بحسب توزيع بنود الموازنة ليست ذات أولوية لدى السلطة، وتُعدُّ طارئة مهما كانت ضرورية.
وأوضح أنّ النفقات التطويرية تعتمد بشكل أساسي على الدعم الخارجي الذي يُخصّص أكثر من 75% منه للإنفاق التطويري، فأيّ تراجع في هذه النسبة سيكون على حساب الإنفاق التطويري أو تعويضه من الموارد المحلية التي لم تغطّ فجوة النقص في التمويل لهذه النفقات.
وتوقف الاختصاصي الاقتصادي د. معين رجب، عند تداعيات ذلك على الاقتصاد الفلسطيني، مؤكداً أن السلطة مُقصرة في الإنفاق على الجوانب التطويرية والتنموية تحت ذريعة أزماتها المالية.
وقال رجب لصحيفة "فلسطين": إنّ السلطة تتغافل عن الإنفاق التطويري والتنموي الذي يُعدُّ أحد ركائز تدعيم المجتمع.
وأضاف أنّ المجتمع بحاجة ماسّة إلى مشاريع تنموية وتطويرية في مجالات الطب والزراعة والصناعة والتعليم والبنية التحتية، وغير ذلك من الحقول التي تعود بالنفع الاقتصادي على المجتمع.
وبيّن رجب أنّ حكومات السلطة، لا تزال تسير على نفس الخطى في إعطاء القطاعات الأمنية الأولوية على حساب القطاعات الأخرى.
وأظهر الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان" أنّ حجم الانفاق المتحقق للأجهزة الأمنية في الضفة الغربية خلال النصف الأول من العام الفائت فاق 518 مليون دولار.
كما بيّن ارتفاع النفقات الرأسمالية خلال النصف الأول مقارنة بذات الفترة من الأعوام السابقة، وتعود إلى شراء 184 سيارة لضباط في الأمن الوقائي، و85 في المخابرات دون وضوح المبررات.
وبيّن "أمان" إنفاق 20 مليون شيقل من الخزينة العامة على بندَي إعادة تأهيل الأجهزة الأمنية ودعم البرنامج السياسي والأمني لرئيس السلطة، إضافة إلى 7 ملايين شيقل تحت بند تنفيذ انتخابات رئاسية وتشريعية.
وأكد رجب أنّ السُلطة لو أعطت النفقات التطويرية والتنموية جانباً من الاهتمام لساهمت في الحد من خفض معدل الدَين العام، ذلك أنّ التنمية تساهم في توفير فرص عمل، وتزيد من معدلات الإيرادات للخزينة العامة.
وحسب بيانات سلطة النقد الفلسطينية، بلغ الدَين العام المُستحق على السلطة 3,702 مليار دولار، مُسجلاً قفزة كبيرة في العام ونصف العام الأخير تقدر بـ 907 ملايين دولار. وتُعدُّ المصارف المحلية المُقرض الأكبر، بيد أن الاقتراض الخارجي يتقهقر لثقته المفقودة بقدرة السلطة على السداد.