أنهى رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الحديث الدائر عن جهود تقوم بها الولايات المتحدة والأمم المتحدة لإعادة إحياء مفاوضات التسوية مع السلطة الفلسطينية في رام الله، بإعلان نيته توسيع البناء في مستوطنة "اريئيل"، كبرى مستوطنات الاحتلال في الضفة المحتلة، وأكد أنها ستكون ضمن حدود كيان الاحتلال في أية جهود قادمة لما تسمى "قضايا الوضع النهائي".
ففي خطوة استفزازية قام نتنياهو بزيارة مستوطنة "اريئيل" الأسبوع الماضي وشارك في وضع حجر الأساس لمبانٍ استيطانية جديدة في جامعة "اريئيل"، أكد أن المستوطنة "ستبقى دائمًا جزءًا من (إسرائيل)، مضيفًا أن عمليات البناء في "اريئيل" وغيرها من المستوطنات في الضفة "ستتواصل".
وفي تقرير الاستيطان الأسبوعي الذي صدر عنه، أمس، اعتبر المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان تواجد نتنياهو في مستوطنة اريئيل الجاثمة على أرض فلسطينية محتلة، "انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي، واتفاقيات جنيف، والشرعية الدولية وقراراتها، التي أكدت باستمرار عدم شرعية وقانونية الاستيطان والمستوطنات، الأمر الذي يستدعي إدانة صريحة من جانب المجتمع الدولي والأوساط الأكاديمية في جميع بلدان العالم لتواجد نتنياهو في تلك المستوطنة غير الشرعية وغير القانونية".
وطالب التقرير بمواقف واضحة من المجتمع الدولي من تلك الجامعة والدراسة فيها وخريجيها، بدءًا من ضرورة مقاطعة الجامعة، ومقاطعة الأكاديميين الذين يدرّسون فيها، وعدم الاعتراف بالشهادات الصادرة عنها، باعتبار ذلك هو الحد الأدنى المطلوب من المجتمع الدولي حيال هذا الخرق الفاضح للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
تزيد مساحة مستوطنة اريئيل على 20 ألف دونم وتتوسع باستمرار ويوجد فيها أكبر تجمع لشرطة الاحتلال وفنادق وأكبر كلية جامعية يصل تعداد طلابها أكثر من 30 ألف طالب وطالبة، ومنطقة صناعية ضخمة.
عن تصريحات نتنياهو يقول الخبير في شؤون الاستيطان رائد موقدي: "مستوطنة اريئيل لها قيمة من الناحية الجغرافية، حيث إنها تقطع شمال الضفة الغربية عن وسطها وجنوبها، وتوسيع حدودها على حساب أراضي محافظة سلفيت سيؤدي إلى شلل في المنطقة كلها".
ويصف موقدي مستوطنة اريئيل بأنها "أكبر مستودع سكاني للمستوطنين"، مضيفًا أن المستوطنة تحد من التوسع الفلسطيني في المنطقة، فأسيجتها الأمنية تمنع امتداد أي تجمع فلسطيني سكاني يجاور تلك الأسيجة التي يحظر على الفلسطيني استخدام أرضه هناك سواء للزراعة أو السكن".
أضرار
وينبه إلى أن مستوطنة اريئيل لها أضرار على المنطقة من خلال الاستيلاء على الثروة المائية في محافظة سلفيت، حيث تتربع المستوطنة على الحوض المائي الغربي في الضفة الغربية، إضافة إلى تلويث البيئة من خلال المنطقة الصناعية الضخمة، إذ توجد مئات المصانع في مجال التصنيع الكيميائي والعسكري، وكذلك الاستيلاء على الكنوز التاريخية في المنطقة، حيث توجد آثار رومانية من برك تاريخية ومعاصر للزيتون والعنب، وخرب أثرية.
ولفت في هذا السياق إلى مصادرة سلطات الاحتلال سابقًا بعض المواقع التاريخية بحجة إقامة مركز للأبحاث التاريخية داخل المستوطنة التي أصبحت أكبر من مدينة سلفيت وهي مركز المحافظة.
وعن الضرر المباشر لمستوطنة اريئيل على السكان قال موقدي: "مستوطنة اريئيل عملت على إيجاد فرق واسع في مجال التوازن في كافة المستوطنات، فعلى صعيد الزراعة تم حرمان أهالي سلفيت من أراضيهم الزراعية الخصبة، وعلى صعيد الديموغرافيا والسكان، تمتاز سلفيت بالنمو البطيء للسكان بعكس مستوطنة اريئيل التي تم ضح آلاف المستوطنين دفعة واحدة داخلها، إضافة إلى ايجاد خلل في البيئة من خلال تلويث الجو والتربة والمياه الجوفية، نتيجة عمل مئات المصانع في المنطقة ونشر الأمراض بين البشر والنباتات وانعدام الرقابة في المنطقة".
تخطف الحياة
بدوره، يقول الناشط في حقوق الأسرى فؤاد الخفش من قرية مردا التي تقع أسفل مستوطنة اريئيل: "هذه المستوطنة تخطف يوميا الحياة في المنطقة، وهي بمثابة كابوس لكل من يسكن بجانبها".
ويضيف الخفش لـ"فلسطين"، أن المستوطنة تتربع على كامل التلال الموجودة والتجمعات السكانية الفلسطينية من جهة الأسفل، وهذا له بعد نفسي على السكان، حيث تعمد الاحتلال بناء المستوطنة على التلال وحرمان الفلسطينيين منها، بينما تلقى الأتربة والأوساخ والمياه العادمة إلى الأسفل حيث التجمعات الفلسطينية، كما أنها تقطع العديد من الطرق في المنطقة".
من جانبها، استنكرت بلدية سلفيت شمال الضفة وضع حجر الأساس لكلية تراث إلى جانب كلية طب في جامعة مستوطنة "اريئيل".
واعتبرت البلدية في بيان لها هذه الخطوة مؤشرًا خطيرًا على مخططات الاحتلال لتكريس الاستيطان وتوسيعه.
ونبهت إلى أن المعلومات تشير إلى نية الاحتلال مضاعفة مساحة الجامعة الاستيطانية من 47 ألف متر مربع، لتصبح 105 آلاف متر مربع على حساب الأراضي الفلسطينية، فضلا عما تشي به الخطة من محاولات لسرقة التراث والتاريخ الفلسطيني العريق، واصطناع تاريخ وهمي للوجود الاستيطاني.
وقالت البلدية: إن هذا المشروع يجري بغطاء ودعم مباشرين من حكومة الاحتلال، حيث قام رئيسها بنيامين نتنياهو شخصياً برفقة وزير التعليم الإسرائيلي نفتالي بينيت بوضع حجر الأساس لهذا المشروع الذي يدعمه الملياردير اليهودي المتطرف شيلدون أديرسون بعشرين مليون دولار.
ودعت الحكومة وكافة القوى والهيئات والمؤسسات الفلسطينية وأصدقاء الشعب الفلسطيني وحركة المقاطعة (BDS)، إلى فضح هذا المشروع وأبعاده الاستعمارية الخطيرة على مستقبل المشروع الوطني الفلسطيني.