مع مرور الوقت تتصاعد "جرائم المستوطنين" في الضفة الغربية والقدس، والتي تمثلت في مجموعة من الهجمات الوحشية وأبرز صورها (الدهس، والحرق، وإطلاق النار، والاستيلاء على الممتلكات، وإتلاف المزروعات، ومداهمة المساكن، وإغلاق الطرقات، والاعتداء بالضرب)، وذلك في بيئة صعبة ومؤلمة يجد فيها الفلسطيني نفسه وحيدًا ومعزولًا عن أي حماية، خصوصا في ظل عدم قدرة نشطاء المقاومة من الوصول إلى كل المناطق بسبب الظروف الأمنية، وتخاذل السلطة وقواها الأمنية عن توفير الحماية اللازمة لشعبنا والتصدي لجرائم المستوطنين.
لذلك فإن هناك حاجة ماسة لبناء "تشكيل وطني فلسطيني شعبي مقاوم" يتطوع للدفاع عن القرى والبلدات والأماكن التي تتعرض لعدوان همجي مستمر من المستوطنين، والرد تحديدا على الهجمات التي تنفذها العصابات والتشكيلات المتطرفة التي تعيث في الضفة والقدس شتى أشكال الفساد والخراب والتهديد، لأن هذا التشكيل هو إحدى الضرورات الوطنية الهامة التي يفرضها واقع الضفة الغربية والقدس، وذلك لوقف هذا المد المتزايد من العدوان وتدفيع من يقف خلفه الثمن غاليًا، وتطمين أبناء شعبنا في تلك المناطق بأن هناك جهة تعمل على حمايتهم وتحرص على مواجهة هؤلاء الإرهابيين، الأمر الذي سيعزز صمودهم ويرفع معنوياتهم ويشعرهم بأن هناك من يحميهم ويقف خلفهم بعد تخاذل السلطة وتخليها عن مسؤولياتها الوطنية.
لكن هناك معايير خاصة يجب مراعاتها حتى نتمكن من تطبيق هذه الفكرة وفق المحددات التالية: 1_الإعلان عبر كل المنصات عن حالة من التعبئة العامة لتشكيل اللجان الشعبية لمواجهة المستوطنين على أن يتم تقديم الإيضاحات والتفاصيل اللازمة لجماهير شعبنا.
2_أن تضم هذه اللجان الشباب من كل المناطق في الضفة الغربية وفق نظام الخلايا أو المجموعات أو اللجان غير المتصلة مع بعضها لتفادي الإضرار بها من العدو، 3_يكون الحق لأي منطقة أو حي أو قرية أو بلدة أو مدينة أن تدعو أبناءها لتشكيل لجان متفرقة وممتدة في كل المناطق، 3_أن يأخذ العمل الطابع الشعبي وليس التنظيمي أو الفصائلي حتى تضم كل مكونات وشرائح شعبنا دون أي اعتبار لخلافات أو مرجعيات، 4_أن توجه هذه اللجان في معظم مناطق الضفة تحذيرا مباشرا للمستوطنين بأن مهاجمة البلدات والقرى والمزارع وغيره سيكون له ثمن غير مسبوق وسيواجه بقوة غير معهودة.
وباعتقادي فإن هذه الفكرة يمكن أن تشمل المناطق التالية: (الضفة، القدس، ال48) أيضا حتى تحقق أكبر قدر من "المكاسب" التي يتطلع إليها شعبنا الفلسطيني البطل، ومن أبرزها أيضا إفشال مخططات العدو، وردع مستوطنيه، وتحصين جبهتنا الداخلية، وتأمين أبناء شعبنا من أي هجمات محتملة، وحماية ظهر المقاومة، كون نشاط هذه اللجان الشعبية يمكن أن يمتد لأعمال بطولية مختلفة منها "إيواء المطلوبين، وتأمين منفذي العمليات، والتصدي للاقتحامات، وإفشال مهام الاعتقال، وإتلاف كاميرات المراقبة، ومهاجمة المستوطنات وإزعاج المستوطنين، وغير ذلك، حتى تكون المهمة أمام الجنود والمستوطنين عسيرة ومختلفة عن أي وقت مضى.
وهذا بدوره (سيخلق تحديات كبيرة) في وجه الاحتلال، فبدلا من تركيز الجهد ضد عناصر بعينها وبعض خلايا المقاومة، سيجد نفسه في مواجهة جيش من اللجان الشعبية في كل المناطق، ولن يكون قادرًا على توجيه الاتهام لأي جهة؛ لأن الشعب الفلسطيني بأكمله ينخرط في هذه التشكيلات ضد الاحتلال، الأمر الذي سيعتبره الاحتلال تطورا خطيرا للغاية، وسيعيق من إمكانية تنفيذ مهماته، ويجعله وسط بيئة "صعبة ومعقدة" يمكن أن تعرض جنوده ومستوطنيه لمواجهة مباشرة ومفتوحة من العشرات بل المئات الذين سينتفضون في كل حي وزقاق وشارع عند أي عدوان للجيش أو المستوطنين.
لكن تشكيل هذه اللجان سيواجه عدة تحديات أبرزها: 1_محاولة الاحتلال إجهاض هذه الخطوة عبر الاعتقالات والاستهدافات المتكررة، لكنه لن يفلح في القضاء عليها أو تحجيم نشاطها، 2_ السلطة ستنظر لهذه التشكيلات على أنها خلايا جديدة للمقاومة تهدد وجودها وتنذر بفتح مواجهة شاملة في الضفة الأمر الذي سيدفعها لاتخاذ عدد من الإجراءات القمعية والملاحقات المكثفة لمنع تشكيل هذه اللجان أو تقويض نشاطها، لكن السلطة أيضا لن تفلح في تحقيق أي إنجاز في هذ السياق وسيجرم فعلها وستتعرض لحالة من السخط والنقمة من جماهير شعبنا، والذي سيكون قادرًا على التغلب على كافة التحديات ومواصلة هدفه المنشود.
لذلك: يجب أن يدرك شعبنا في الضفة والقدس والـ48 أنه ما لم تكن هناك مبادرة لتشكيل هذه اللجان الشعبية المقاومة فإنه سيبقى خاضعا لتهديد المستوطنين وسيعطي فرصًا إضافية لهذه العصابات كي تسرح وتمرح بحرية وترتكب مزيدًا من الجرائم دون أي رادع، وسنبقى نسجل كل ساعة وكل يوم جريمة جديدة ومروعة، وهذا ما لا يقبله أي حر وطني وغيور على شعبه ووطنه، وعليه فليتحرك الجميع في كل المناطق وليبادروا بما استطاعوا ولو بالقليل ويختاروا خيرة الشباب ويحرصوا جيدا ويتصرفوا بعناية بعيدا عن عين العدو.