فلسطين أون لاين

تحميل الاحتلال المسؤولية

تقرير عطب أجهزة الأشعة ونقصها يضعان حياة مرضى غزة على المحك

...
غرفة الأشعة في مستشفى الشفاء بغزة (تصوير: محمود أبو حصيرة)
غزة/ أدهم الشريف:

انتظر مهدي برغوت ومعه مرافقه أمام قسم الأشعة بمجمع الشفاء الطبي في غزة ساعات قبل تمكنه أخيرًا من الحصول على صورةٍ استغرق الوصول إليها 20 يومًا، في مشهد يتكرر مع عدد كبير من المرضى، ممن هم بحاجة إلى هذا النوع من التشخيص الطبي.

وبرغوت (30 عامًا) أصيب بكسور حادة في ساقه اليسرى في إثر سقوطه عن دراجة نارية قبل شهر، فقرر الأطباء تركيب "بلاتين" فيها، في أول مرحلة علاجية تتضمن أيضًا تصويرًا بأجهزة أشعة.

معاناة المرضى

لكن بالنسبة لبرغوت وغيره من المرضى، ليس من السهل عليهم الحصول على صورة أشعة بسبب الطلب الكبير في أقسامها التي تضم غرفها أجهزة معطوبة، إما بحاجة إلى تجديد بالكامل وإما لقطع غيار مفقودة في القطاع المحاصر إسرائيليا منذ 15 عامًا.

وقال لصحيفة "فلسطين": إنه لا يتذوق طعم النوم من شدة الألم في ساقه، إذ لا يستطيع الأطباء فعل أي شيء له إلا بعد تشخيص حالته بالكامل من خلال صورة أشعة لا يزال ينتظر دوره في طابور الانتظار للوصول إليها.

وكذلك الحال بالنسبة للمواطن نضال أبو عودة (50 عامًا) الذي جلس برفقة والدته المسنة هدى (72 عامًا) في انتظار دورهما للحصول على صورتي أشعة.

يقول أبو عودة لـ"فلسطين" إنه بدأ منذ بضعة أشهر الشعور بآلام حادة ومفاجئة في مفصل الركبة، جعلته غير قادرٍ على الوقوف والسير إلا بمساعدة عكاز على الأقل.

ولجأ عودة الذي يسكن بلدة بيت حانون أقصى شمال قطاع غزة إلى مجمع الشفاء للحصول على صورة، وقدم أول طلب تصوير رنين مغناطيسي لساقه، منتصف ديسمبر/ كانون الأول المنصرم، واستغرق الوصول لاسمه ضمن الحجوزات المسبقة قرابة شهر.

والأزمة ذاتها تعرضت لها والدته، التي كانت بحاجة إلى صورة أشعة "سي تي" لشرايين القلب، وقرر أطباء المجمع تحويلها إلى أحد المستشفيات بخان يونس جنوبي القطاع، نتيجة الضغط الكبير على أجهزة الأشعة بفعل ارتفاع أعداد المرضى ممن هم بحاجة لها.

وأضاف أنه في كل مرة يأتي ووالدته للحصول على صور أشعة تشخص حالتهما الصحية، فينتظران ساعات أمام غرف الأشعة بمجمع الشفاء، أو يؤجل الأطباء الموعد ليوم آخر، أو يتم تحويلهما لمستشفيات أخرى.

أسباب الأزمة

وأفاد رئيس أقسام اختصاصيي التصوير الطبي بمجمع الشفاء علاء الغفير بأن المشكلة نشأت مع تعطل العديد من الأجهزة، وانتهاء العمر الافتراضي لأخرى، وعدم سماح الاحتلال بإدخالها أو قطع الغيار إلى قطاع غزة، ضمن سياسة الحصار القائمة.

وبين الغفير لـ"فلسطين" أن عدة أقسام بمجمع الشفاء تضم أجهزة تصوير أشعة، وأجهزة متنقلة، لكن مع نقص كبير فيها، ما يدفع الأطباء إلى نقل بعضها بين الأقسام عند الحاجة إليها، لافتًا إلى ذلك يلحق بها أضرارا كبيرة وقد يسبب إعطابها.

وأشار إلى أن جهاز أشعة مركزي في قسم (8) بالمجمع، يُعرف بالاستقبال، متوقف عن العمل منذ 3 أشهر، وبحاجة إلى قطع غيار رئيسة، وأنه حينما يعمل يصور بواسطته الأطباء 400 حالة يوميا، وأكثر من ذلك في وقت الذروة.

أما فيما يتعلق بقسم الأشعة المركزي، يضم 3 أجهزة عادية، أحدها لا يعمل منذ شهرين، وبحاجة إلى قطع غيار، منبها إلى أن عدد المرضى الذين هم بحاجة لصور أشعة يتراوح بين 20 إلى 24 ألف حالة شهريا.

وذكر أن مجمع الشفاء يضم في أروقته جهاز أشعة ملونة، هو الوحيد على مستوى قطاع غزة، وقد انتهى عمره الافتراضي بعد عمل متواصل طيلة 12 عامًا مضت، وتوقف عن الخدمة في أكتوبر/ تشرين الأول المنصرم، وأصبح بحاجة إلى قطع غيار غير متوفرة.

وبيَّن أن 200 إلى 300 حالة مرضية بحاجة لتصوير أشعة ملونة شهريا، وأن استمرار توقفه يلحق بهذه الحالات تكاليف باهظة، إذ تصل تكلفة الصورة الواحدة خارج المجمع نحو 100 دولار.

أما عن جهاز الرنين المغناطيسي، فهو الوحيد في المجمع ومتوقف عن العمل منذ 3 أسابيع وبحاجة إلى قطع غيار وعمليات صيانة لاستئناف عمله، وتنتظر دائرة الأشعة توريد القطع اللازمة من خلال وكيل بغزة لشركة ألمانية متخصصة. وذكر الغفير أن تكلفة الصيانة قد تصل إلى 50 ألف دولار.

ونبَّه إلى أن هذا الجهاز هو الوحيد في القطاع، مزود بمعدات للتخدير تستخدم عند تصوير الأطفال، وأن توقفه يحول تمامًا دون إمكانية حصول هذه الفئة على صورة رنين مغناطيسي، خاصة حالات الأورام.

كما يضم مجمع الشفاء جهاز ديجتال لتصوير الأشعة في المبنى التخصصي، وهو معطوب أيضا، بحسب الغفير.

كورونا والأشعة

ونبه رئيس قسم الأشعة والطلبيات بمجمع الشفاء يونس بشير إلى أن جائحة كورونا خلقت أزمة جديدة تضاف إلى أزمة نقص وعطب الأجهزة، إذ تم تأسيس قسم خاص بمرضى كوفيد 19، ورافق ذلك تخصيص أجهزة أشعة متنقلة خاصة بهم، مع عدم القدرة عن استخدامها في أقسام أخرى خشية نقل الوباء.

وبين بشير لـ"فلسطين" أن عدد الأجهزة المتنقلة في المجمع 13 جهازًا، بينها 6 لا تعمل وبحاجة إلى صيانة.

وتتهم وزارة الصحة بغزة الاحتلال الإسرائيلي بمواصلة انتهاكاته ضد المرضى بحرمانهم حقوقهم العلاجية، عبر منع إدخال الأجهزة الطبية التشخيصية التي تساعد في تعزيز المنظومة الصحية.

وأشارت الوزارة في بيان لها مؤخرا إلى أن مجمع ناصر الطبي ومستشفى غزة الأوروبي بخان يونس، من أكبر مستشفيات قطاع غزة، لديهم أيضًا أجهزة تصوير متوقفة عن العمل وبحاجة إلى تجديد وصيانة، بينها أجهزة مهمة لتشخيص مرضى السرطان والجلطات الدماغية.

وحمَّل مدير دائرة التصوير الطبي بوزارة الصحة د. إبراهيم عباس الاحتلال المسؤولية الكاملة عن تداعيات عدم سماحه بإدخال أجهزة حديثة لغزة وقطع غيار ضرورية لأجهزة التصوير في المستشفيات.

ونبَّه عباس لـ"فلسطين" إلى أن الاحتلال يمنع دخول أجهزة التصوير الطبي، ورفض طلب الشركة الموردة مرتين، ما يترك آثارا سلبية على الخدمة الطبية والمرضى الذين بحاجة إلى صور أشعة.

ولفت إلى أن الوزارة لجأت إلى التعاقد مع عيادات ومستشفيات خاصة لديها أجهزة تصوير أشعة، تحول إليهم حالات مرضية بحاجة ماسة لتصوير طبي تشخيصي.