فلسطين أون لاين

حوار المدهون:"وعد بلفور" شكّل حجر الأساس للنكبة الفلسطينية و"أوسلو" عمّقت معاناة اللاجئين

...
رئيس دائرة شؤون اللاجئين في حركة المقاومة الإسلامية حماس د. محمد المدهون (أرشيف)
غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

عدَّ رئيس دائرة شؤون اللاجئين في حركة المقاومة الإسلامية حماس د. محمد المدهون، "وعد بلفور" حجر الأساس لقيام دولة الاحتلال الإسرائيلي والنكبة الفلسطينية.

وقال المدهون في حوار مع صحيفة "فلسطين"، أمس: إن الاحتلال البريطاني "لم يكن كغيره من أنواع الاحتلال بل كان مؤقتًا لاستقدام العصابات الصهيونية من أوروبا تحديدًا لصناعة الوطن القومي لليهود على أرض فلسطين التاريخية".

وأوضح أن "بلفور" شكّل إستراتيجية لاستقدام اليهود لفلسطين بناء على ادعاء أنها "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" وبدأت بريطانيا بتهجير أبناء شعبنا وصولًا إلى التهجير الكبير في عام 1948 والذي تم على إثره إعلان دولة الاحتلال باعتبار "أن اليهود أصبحوا أغلبية على هذه الأرض".

وتلا ذلك -وفقًا للمدهون- ممارسات بريطانية ومن بعدها أمريكية لإضفاء الغطاء القانوني على وجود دولة الاحتلال من خلال "عصبة الأمم" ثم الأمم المتحدة وصولًا إلى ترسيخ وجود (إسرائيل) بقرارات دولية.

وأعرب المدهون عن اعتقاده بأن "الامتداد التاريخي لبلفور حتى عام 2017"، وتحديدًا تقديم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وعدًا جديدًا ممثلا بـ(صفقة القرن) الذي تعمد إعلانه في الذكرى المئة للدخول البريطاني للقدس كمحاولة لتمديد "اغتصاب" فلسطين لمئة سنة أخرى.

واستدرك: لكن شعبنا خلال السنوات الـ104 الماضية لم يستكن ولم ينقطع لحظة عن المطالبة بحقه بمختلف الأشكال والوسائل بل قاد ثورات ونضالات متعددة في مقاومة الانتداب البريطاني ومن ثم مقاومة الاحتلال الإسرائيلي وكان آخرها معركة "سيف القدس" والمقاومة الشعبية في بلدة بيتا وغيرها في أنحاء الضفة والقدس.

ولفت إلى أن ما يعزز تمسك شعبنا بحق العودة، هو تمسُّك اللاجئين خارج فلسطين التاريخية بأراضي الأجداد والآباء وقراهم ومدنهم التي هجروا منها وأنهم "يرقبون اليوم الذي يعودون فيه إليها".

وعدّ المدهون مسيرات العودة جزءًا من الملاحم المهمة التي خاضها شعبنا لتأكيد تمسك اللاجئين بحق العودة من خلال توجه الأجيال المتلاحقة نحو السياج الأمني "الزائل" للاقتراب من أرضهم المحتلة.

وشدد على أن "هذه المسيرات حطمت مراهنات بريطانيا و(إسرائيل) على أن الكبار يموتون والصغار ينسون".

مقاضاة بريطانيا وأمريكا

وأكد المدهون على أهمية مقاضاة بريطانيا قانونيا؛ لتحمل مسؤوليتها عن "الوعد المشؤوم" وصولًا إلى اعتذار متوّجًا بتعويض وعودة اللاجئين لأرضهم.

وقال: "لا يتوقف ذلك عند محاكمة بريطانيا فقط بل لا بد أن يشمل أمريكا التي ورثت وعد بلفور والنزعة العنصرية تجاه شعبنا".

ورأى أن اتفاقية "أوسلو" ونتائجها في تهميش مؤسسات منظمة التحرير الخاصة باللاجئين، شكلت مأساة فاقمت الجرح الفلسطيني، مضيفا: "أوسلو مثلت نكبة لشعبنا وتنازلت عن 78% من أرضنا، وفتحت الباب على مصراعيه للتطبيع مع الاحتلال فأول من طبع هو السلطة وفريق أوسلو".

وتابع: تطبيع السلطة وفريق "أوسلو" شجّع دولا عربيا للحذو نحو ذلك، كما رأينا نهاية 2020 عبر توقيع بعض الدول اتفاقيات التطبيع مع دولة الاحتلال، منبها إلى أن ذلك فاقم التحديات التي تواجه شعبنا.

واستطرد: "كنا موحدين قبلها (أوسلو) ضمن مشروع موحد عنوانه تحرير أرضنا والعودة لها (..) أما الآن فهناك فريق فرط وتنازل للأسف يحمل مسمى القيادة الرسمية لشعبنا ويحاول إسقاط حق العودة".

جهود الدائرة

وأكد أن دائرة شؤون اللاجئين في حماس تعمل على مختلف الصعد والمجالات؛ لسد الخلل الذي تركته المنظمة ومؤسساتها، وذلك من أجل إحياء قضية اللاجئين وحق العودة عبر الوسائل والأساليب المتنوعة.

وذكر أن الدائرة ستعمل على توحيد عمل اللجان الشعبية في المخيمات بالداخل والخارج، لتعزيز قدرة شعبنا على الصمود، كما أنها ستعكف على إطلاق مشروع "حلف العودة"؛ لالتحام شعبنا في الداخل والخارج والأحرار والمناصرين لشعبنا من أجل الدفاع عن اللاجئين وحقوقهم.

وشدد على أن من بين أهداف الدائرة هو العمل على الحفاظ على دور "أونروا" في خدمة قضية اللاجئين ومحاولة إنقاذها من التهديدات الخارجية.

استهداف "أونروا"

وفي السياق ذاته، حذر رئيس دائرة اللاجئين في حماس من وجود عملية ممنهجة لاستهداف "أونروا" ضمن "أبجديات أمريكا وبريطانيا اللتين تعتبران أن بقاءها أحد العناصر المساعدة على بقاء قضية اللاجئين، فجاءت (صفقة القرن) التي تقوم على إنهاء أونروا عبر الابتزاز المالي وإعادة تعريف اللاجئ".

وقال: "هذه الصفة سعت إلى ربط قضية اللاجئين الفلسطينيين بموضوع (اللاجئين اليهود)؛ لخلق نوع من المقايضة ونفي صفة الخصوصية عن اللاجئ الفلسطيني، وصولاً لمشروع التوطين للاجئين في الدول المستضيفة لهم".

وأعرب عن أسفه لاستمرار هذه التحديات أمام اللاجئين أثناء عهد الإدارة الأمريكية الحالية بقيادة جو بايدن، لكن بشكل مختلف هو "اتفاق الإطار" الذي عنوانه الرئيس الابتزاز المالي للوكالة من خلال التمويل المشروط وتخفيض مستوى خدماتها كشكل من أشكال إدارة إنهائها.

وشدد على أن وجود "أونروا" سياسي، وأنه يتوجب على الدول الداعمة إلغاء قضية تجديد التفويض لها كل ثلاث سنوات؛ لحمايتها من الابتزاز الأمريكي المالي والسياسي لتبقى شاهدًا دوليًّا على قضية اللاجئين.

المقاومة والعودة

وفيما يتعلق بأهمية المقاومة الفلسطينية في تعزيز قضية اللاجئين، أكد المدهون أن قضية اللاجئين هي أحد أهم العناصر الرئيسة لوجود ثقافة المقاومة.

وقال: إن المخيمات الفلسطينية مثّلت بؤرة مهمة للنضال الوطني ما جعل دولة الاحتلال تخطط لإنهاء المخيمات؛ لكونها تمثّل "فتيلًا لثورة قد تشتعل" في أي لحظة.

وأضاف: فاللجوء أوجد دافعية للفلسطينيين للانخراط في العمل المقاوم بكل أشكاله، وهو ما أحيا الأمل في نفوس أبناء شعبنا بأنهم ثابتون على حقوقهم حتى العودة والتحرير.

وختم المدهون قائلًا: إن وجود المقاومة في ظل الأوضاع العربية وتسارع وتيرة التطبيع العربي، "يمثل بارقة أمل للاجئين الفلسطينيين الذين يتكئون عليها في العودة لأراضيهم".