قبل 76 سنة، اعتقلت سلطات الانتداب البريطاني عددًا من الفلسطينيين، وحولتهم إلى "الاعتقال الإداري"، لعدم وجود أدلة كافية تثبت التهم الموجهة إليهم، حتى بات قانون الاعتقال الإداري سيفًا مصلتًا على رقاب الفلسطينيين.
ومنذ احتلال الأراضي الفلسطينية عام 1948 و1967 طورت سلطات الاحتلال قانون الطوارئ البريطاني، وأضافت مزيدًا من الأوامر العنصرية لتوسيع دائرة الاعتقال.
و"الاعتقال الإداري" هو قرار حبس من دون محاكمة، تقره مخابرات الاحتلال، بالتنسيق مع القائد العسكري في الضفة الغربية المحتلة، لمدة بين شهر و6 أشهر، ويُقرُّ بناءً على "معلومات سرية أمنية" بحق المعتقل، وفق مؤسسات حقوقية.
عقاب جماعي
وقال الأسير المحرر والمختص في شؤون الأسرى إبراهيم منصور: إن الاعتقال الإداري يجدد عند إقرار قائد المنطقة -القائد العسكري في جيش الاحتلال- بأن المعتقل ما زال يشكل خطرًا على أمن (إسرائيل)، ويعرض التمديد الإداري للمعتقل على قاضٍ عسكري، لتثبيت قرار القائد، وإعطائه "صبغة قانونية".
وأضاف منصور، وهو مسؤول ملف الأسرى في الجبهة الديمقراطية، لصحيفة "فلسطين": "يهدف الاحتلال بهذا القانون إلى اعتقال شخصيات مؤثرة في المجتمع الفلسطيني، كنواب المجلس التشريعي، وأكاديميين، وأساتذة جامعات، وشخصيات اجتماعية بارزة وسياسية".
وبيَّن أن سلطات الاحتلال أصدرت منذ عام 1967 ما يقارب 52 ألف قرار اعتقال إداري، بين قرار جديد أو تجديد بحق معتقلين إداريين.
وعدَّ أن الاعتقال الإداري "سيف مصلت على رقاب أبناء الشعب الفلسطيني وأداة تستخدمها مخابرات الاحتلال وأجهزتها الأمنية لإذلال وتعذيب الفلسطينيين والنيل من معنوياتهم وتحطيم إرادتهم".
ويؤكد أن الاعتقال الإداري يعد مخالفًا للقوانين والأعراف الدولية، ويعد من الجرائم التي ترتكب بحق الفلسطينيين، لافتًا إلى أن سلطات الاحتلال تقوم بعقد محاكمة التثبيت والاستئناف الصورية، لإخراج الاعتقال الإداري على أنه اعتقال قانوني من خلال هذه المحاكم الصورية.
ولفت إلى أن سلطات الاحتلال تستخدم هذا النوع من الاعتقال الإداري كعقاب جماعي ضد الفلسطينيين، مبينًا أن سلطات الاحتلال تواصل اعتقال أكثر من 500 أسير إداري بينهم 13 أسيرًا يواصلون إضرابهم المفتوح عن الطعام في محاولة منهم لانتزاع حقهم بالحرية.
ملف سري
من جهته، أكد وكيل وزارة الأسرى بهاء المدهون، أن سلطات الاحتلال تستخدم الاعتقال الإداري لقهر أبناء شعبنا.
وقال المدهون لصحيفة "فلسطين": إن "الاعتقال الإداري هو اعتقال دون تهمة أو محاكمة، ويعتمد على ملف سري وأدلة سرية لا يمكن للمعتقل أو محاميه الاطلاع عليها، ويمكن حسب أوامر الاحتلال العسكرية تجديد أمر الاعتقال الإداري مرات غير محدودة، إذ يُستصدر أمر اعتقال إداري لمدد أقصاها ستة شهور قابلة للتجديد".
ويضيف: إن "سلطات الاحتلال تعتقل الأسير ربما لأعوام طويلة دون تحديد موعد الإفراج عنه، وربما يعاد اعتقاله فور تحرره، أو يجدد اعتقاله، وهذا حدث مع العديد من الأسرى".
ويؤكد أن 13 أسيرًا إداريًّا يضربون عن الطعام احتجاجًا على اعتقالهم الإداري المخالف لكل الأعراف والمواثيق الدولية ويطالبون بتحريرهم، داعيًا الكل الفلسطيني للوقوف إلى جانب الأسرى خاصة الإداريين والمشاركة في كل فعاليات الحملة الوطنية والدولية لإنهاء ملف الاعتقال الإداري.
وكانت فصائل فلسطينية، ومؤسسات تعنى بشؤون الأسرى، أطلقت في مؤتمرين صحفيين متزامنين بالضفة الغربية وقطاع غزة، أمس، حملة محلية ودولية للضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي لإنهاء سياسة الاعتقال الإداري.