فلسطين أون لاين

"فنانيس رمضان".. تماثيل لا تضعها في بيتك

...
غزة-ريما عبد القادر:

بأشكال مُختلفة وألوان زاهية تجلب "الفنانيس" المجسمات ذات الأرواح الأنظار إليها، التي يشتهر وجودها في شهر رمضان المبارك، إذ أصبحت أكثر من مجرد زينة فأخذ البعض يحرص على شرائها وجعلها تتربع على مائدة الإفطار، وفي غرف استقبال الضيوف، ويقدم بها التمر والحلويات، ويمنع الأطفال من الاقتراب منها خوفًا عليها من الكسر.. فما حكم هذه التماثيل في الشريعة الإسلامية؟

حكم الفنانيس

ويقصد بالفنانيس هي شخصيات برزت معالمهم في الدعايات على القنوات التلفزيونية في شهر رمضان المبارك، فتم صناعة مجسمات إنسانية كاملة منها لا تستخدم لعبًا للأطفال فتكون قابلة للاحتقار والمهانة، إنما تماثيل توضع في أشكال مختلفة تستخدم في تقديم الطعام سواء كانت أطباقًا أو غيرها، والبعض يضعها للزينة.

والأمر لا يقتصر عليها حيث يوجد الكثير من التماثيل ذات الأرواح سواء كانت على شكل إنسان أو حيوان مثل الغزال والحصان والفيل وغيرهم باتت تحفًا تعجب البعض فيعمل على اقتنائها بكونها زينة للبيت أو المكتب.

وعن هذه التماثيل وحكمها في الشريعة الإسلامية يقول أستاذ الفقه المقارن المشارك الدكتور ماهر السوسي لصحيفة "فلسطين": "لا يجوز اقتناء مثل هذه التماثيل ذات الأرواح ففيها مضاهاة لخلق الله (تعالى)".

ويشير إلى أنه وردت أحاديث نبوية كثيرة تدل على التحريم، حتى كادت تبلغ حد التواتر، منها قول رسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ):"أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ".

ويسترشد، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: "قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَفَرٍ، وَعَلَّقْتُ دُرْنُوكًا فِيهِ تَمَاثِيلُ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَنْزِعَهُ فَنَزَعْتُهُ".

ويستكمل حديثه: "التحريم لا يتعلق فقط بالاقتناء فحسب؛ بل بصناعتها وبيعها وشرائها".

ويلفت إلى أن التماثيل التي ليس بذات روح مثل الجمادات، والأنهار والأشجار، والمناظر الطبيعية فلا حرمة في ذلك.

ويبين أن لعب البنات أي العرائس لا شيء عليها لما ثبت عن عائشة (رَضِيَ اللَّهُ عَنْها) أنَّ النبيَّ (صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّم)َ تَزَوَّجَهَا وَهي بنْتُ سَبْعِ سِنِينَ، وَزُفَّتْ إلَيْهِ وَهي بنْتُ تِسْعِ سِنِينَ، وَلُعَبُهَا معهَا، وَمَاتَ عَنْهَا وَهي بنْتُ ثَمَاني عَشْرَةَ.

وروي عنها أنها قالت: "كُنْتُ ألْعَبُ بالبَنَاتِ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكانَ لي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي، فَكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا دَخَلَ يَتَقَمَّعْنَ منه، فيُسَرِّبُهُنَّ إلَيَّ فَيَلْعَبْنَ مَعِي".

حماية العقيدة

وترجع الحكمة من تحريم هذه التماثيل ذات الأرواح، هو لأجل حماية العقيدة، إذ يذكر العلامة الشيخ محمد علي الصابوني (رحمه الله تعالى) في كتابه تفسير آيات الأحكام التي اطلعت عليه صحيفة "فلسطين"، أن التحريم جاء للبعد عن مظاهر الوثنية، وحماية العقيدة من الشرك، وعبادة الأصنام، فما دخلت الوثنيَّة إلى الأمم الغابرة إلا عن طريقها.

وذكر الثعلبي عن ابن عباس (رحمهما الله تعالى): في قوله تعالى: "وَقَالُواْ لاَ تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدًّا وَلاَ سُوَاعًا وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا"(نوح:23) أنه قال: هذه الأصنام أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلمَّا هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم، أن انصبوا في مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابًا (تماثيل)، وسموها بأسمائهم تذكروهم بها، ففعلوا، فلم تُعبد حتى إذا هلك أولئك، ونُسخ العلم عبدت من دون الله.

ولهذا احرص على الانتباه على كل شيء قبل أن تقدم على عملية الشراء حتى وإن أعجبك شكلها ولونها، فإن كانت مجسمات ذات الأرواح فاتركها طاعة الله تعالى، وإن كانت مما يباح مثل الأشجار وغيرها فلا بأس بذلك، وذكر بذلك غيرك فتعينه على الامتثال لأمر الرحمن.