من مبدأ كي لا ننسى، وأن من حق أجدادنا الذين هجرتهم العصابات الصهيونية قسرا من قراهم أن نعيد تذكيرهم بها، حمل رمزي العباسي هذه المسؤولية، لتعريف الجيل الجديد بمعلومات تاريخية عنها وربطهم بأرضهم، وتأكيد أن جذور هذه الأرض فلسطينية خالصة.

الرحالة المقدسي رمزي منذ ثلاثة أعوام أطلق مبادرته للتعريف بالقرى الفلسطينية المهجرة، واستطاع تكوين فريق من 200 شخص منتشرين في الضفة الغربية والقدس والأراضي المحتلة سنة 1948، وقريبا ستنفذ في قطاع غزة.

يسير رمزي مسارا أسبوعيا يوم الجمعة مع عدد من فريقه، ويوثقون زيارتهم بمقاطع فيديو للقرى وتاريخها، وأشهر العائلات التي سكنت، وأسماء الجبال، وعيون المياه، والآثار، والحارات.

رمزي (34 عاما) في الأساس يعمل اختصاصي علاج طبيعي، لكن الترحال لديه هواية، عاشق لكل شبر في أرضه، ولديه شغف لمعرفة تاريخه وجغرافيته، في الترحال يجد فسحة أمل تخرجه من روتين العمل.

رمزي منسق المبادرة يوضح لصحيفة "فلسطين" أن الانضمام لها مفتوح لكل الشباب، حيث يتجول مع من يرغبون بالمسير معه على نفقته الشخصية دون دعم من أحد.

ويقول لصحيفة "فلسطين": "المبادرة وجدت من رحم المعاناة ومن حاجة لكل فلسطيني لها، فنحن كجيل شاب بحاجة للتعرف إلى أرضنا أكثر، فهي لب القضية الفلسطينية، ولأننا نؤمن بحق العودة غير القابل للطي أو النسيان".

ويذكر رمزي أن الفريق زار ووثق القرى المهجرة في القدس وفي الأراضي المحتلة سنة 1948، وصور الأماكن الطبيعية في الضفة الغربية، وتجول في الجولان السوري المحتل.

ويوضح أن لدى الفريق 60 إصدارا موثقا أغلبه للقرى المهجرة، حيث تبث المقاطع على تطبيق "انستغرام" والصفحات الشخصية لأعضاء الفريق في منصات التواصل الاجتماعي.

ويشير رمزي إلى أن مبادرته لا تقتصر على كونه رحالة في فلسطين، بل تشمل تسلق قمم عالمية في نيبال وكلمنجارو، وقمتين في تركيا وروسيا.

ويلفت إلى أن المبادرة ستُطَور، من خلال تدريب الفريق على أسلوب معين ليعرفوا الناس بالأماكن حتى يستطيع كل عضو مصاحبة مجموعة من الأطفال والشباب وكبار السن أيضا وتعميم المبادرة على نحو أكبر.

ويوضح رمزي أن الفريق يعتمد على أسلوب نقل اللحظة للمتابعين، حتى يشعروا بأنهم موجودون معهم في المكان ذاته، ويُعد كل عضو في الفريق سفيرا للمبادرة.

ومن الصعوبات التي تواجه أعضاء المبادرة، يشير إلى تنغيصات المستوطنين على الفريق لأنهم لا يحبون أن يروا الفلسطيني وهو يلف كوفيته ويحمل علم فلسطين ويتجول في أرضه.

وعن أكثر ردود الفعل المؤلمة على الفيديوهات التي يبثها الفريق، يروي مزي: "لا أنسى مشهد الرجل المسن الذي هجر من قريته قسرا وهو يبكي على صور وفيديوهات قد سجلها الفريق عنها، وهو يعيش الآن في البقعة في الأردن".

ويطمح إلى مرافقة عدد أكبر من الأشخاص للتعرف إلى أرضهم، والاستمرار في الطقس السنوي الذي يفعله الفريق بالتخييم أربعة أيام في عدة مناطق وقرى فلسطينية، لما فيه من دلالات سياسية وتاريخية أثرية.

ويختم رمزي حديثه بتوجيه دعوة للفلسطينيين لشد الرحال والتعرف إلى أرضهم، وللعائلات اعتماد يوم في الأسبوع لتنفيذ زيارات ميدانية وترفيهية، خصوصا للمناطق التراثية التي تعمِّق الارتباط بالأرض.