في 17 أكتوبر/تشرين الأول القادم تحل الذكرى الـ17 للعملية النوعية لاغتيال وزير السياحة في حكومة الاحتلال، رحبعام زئيفي، والتي نفذتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، رداً على اغتيال الاحتلال الإسرائيلي الأمين العام للجبهة أبو علي مصطفى.
وترجم اغتيال زئيفي كلمات أحمد سعدات في حفل تأبين "مصطفى" في سرية رام الله، حين قال "قسما يا رمز عزتنا، الرأس بالرأس، والعين بالعين"، ورغم مرور كل هذه السنوات، إلا أن عملية الاغتيال ما تزال نقطة بارزة في التصدي للاحتلال لأنها كانت نقلة نوعية في العمل الفلسطيني المقاوم.
وتلقت الجبهة الشعبية ضربة قاسية بعد عملية الاغتيال لا تزال مستمرة حتى الآن، باعتقال سعدات وقياداتها والمؤثرين في الجبهة، ما بين أحكام قضائية عالية، وأخرى ادارية متجددة، وملاحقة أعضائها ومنعهم من إعادة بناء التنظيم في الأراضي الفلسطينية.
ويعد اغتيال "زئيفي" الجنرال السابق في جيش الاحتلال وأحد مؤسسي كيانه، والداعي إلى "الترانسفير" ضد الفلسطينيين، ضربة كبيرة لـ(اسرائيل) ، والتي فوجئت بالعملية النوعية والتي فاقت كل توقعاتها بأن فصيلا فلسطينيا سينفذ ما هدده به برد مباشر موجع في العمق الاسرائيلي.
وجاء اغتيال "زئيفي" رداً على اغتيال أبو علي مصطفى في مكتبه في رام الله عبر صواريخ موجهة أصابت رأسه بشكل مباشر وهو خلف مكتبه في 27 أغسطس/آب 2001، ليأتي الثأر سريعاً في 17 أكتوبر/تشرين الأول في العام ذاته باغتيال زئيفي في فندق "ريجنسي" في القدس المحتلة، باستخدام مسدس كاتم للصوت.
وأنهى حمدي قرعان بمعاونة مجدي الريماوي، وباسل الأسمر، حياة "زئيفي" وسط اجراءات أمنية مشددة، علما أن الأخير كان يصف الفلسطينيين بـ"القمل" تارة "والسرطان" تارة أخرى.
وبعد العملية اعتقلت الأجهزة الأمنية في رام الله سعدات ورفاقه الذين نفذوا العملية، تمهيدا لقيام الاحتلال الاسرائيلي باعتقالهم لاحقاً في 14 مارس/آذار 2006، بعد اقتحام سجن أريحا شرقي الضفة الغربية.
دون مساءلة
وقال القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بدران جابر : " اعتاد الاحتلال أن يقوم بكل عمليات القتل والملاحقة والنفي والإبعاد دون أن يتلقى أي رادع، توقع حينما اغتال أبو علي مصطفى أن تمر عملية اغتياله دون مسائلة ومحاسبة وان نكتفي بإدانة العملية في بيان، وأن نشجب العملية في الجمل الثورية والخطابات".
واستدرك جابر لصحيفة "فلسطين" قائلا: "ولكنه أخطأ في حسابته، حينما ردت الجبهة على عملية الاغتيال وأكد أنه سيكون رأس برأس، وأعلنت أن اغتيال أي وزير اسرائيلي تكليف لكل رفيق، وبالفعل استطاعوا الوصول إلى فندق ريجنسي وحيث تواجد مجموعة من القادة الإسرائيليين واختاروا زئيفي صاحب التمييز العنصري ضد الفلسطينيين".
وأشار إلى أن عملية الاغتيال زلزلت اجراءات الاحتلال، حيث كان في موقف أمني، وأضحى داخل المؤسسات الأمنية والسياسية، وعاتب أجهزته "لماذا أيقظتم هذا الأسد النائم".
ولفت جابر إلى أن الاحتلال بعدها بدأ يخطط لسياسة جديدة ضد الرموز السياسية للجبهة الشعبية، لأنها أقدمت على خطوة غير متوقعة.
وبين أن رد الجبهة الشعبية شكل حالة ليس من خلال اغتيال زئيفي فقط بل سلسلة العمليات المقاومة ضد الاحتلال وتفجير المسكوبية في القدس.
وأوضح جابر أن الاحتلال ومن تعاونوا معه اتخذ اجراءات قاسية ضد الجبهة الشعبية، لقمع الطريق النضالي والثوريين.
وأكد أن الجرأة التي تمت بها عملية الاغتيال هي نهج الثوريين.
وقال جابر : " مرارة التجربة مما حدث مع الرفاق أحمد سعدات، والأسمر، والريماوي وقرعان، من محكوميات عالية وأخرى ادارية تتجدد، كلها أعطت انعكاس سلبي على الحالة الثورية، بل تكامل التعاون (الذي تقوم به السلطة في رام الله) مع الاحتلال الذي أوجدنا في حالة المواجهة مع شعبنا التآمر والاستثناء، والذي أثر على الزخم الشعبي الذي رافق تلك العملية".
وبين أن الشعب الفلسطيني بعملية الاغتيال أعلن رفضه للاحتلال وتمسك بالثوابت ودعم المقاومة، وهناك شريحة ارتبطت بالاحتلال والتي لم تمكن الجبهة وغيرها من الفصائل من المحافظة على الزخم الذي حدث بعد عملية اغتيال زئيفي.
ولفت جابر إلى أن الضفة تعيش حالة احتلال كامل، وحالة من التنسيق الأمني، وهذا ما لا يجعل أي فلسطيني يراهن على نشاط العمل المقاوم في الضفة الغربية، وفي الوقت نفسه هذا لا ينفي وجود مقاتلين وثوريين بإمكانيات محدودة، وليس بتوظيف كل الطاقات والقدرات وفي خدمة المشروع النضالي الفلسطيني.
لإعادة الزخم للمقاومة والنضال الشعبي بعد تراجعه في الضفة الغربية، ما السبيل؟، يجيب : "نحتاج إلى انهاء الانقسام، وتشكيل جبهة انقاذ وطني، وايجاد برنامج نضالي رافض لكل أشكال التعايش والتهادن مع الاحتلال".
وتابع جابر: "ثم بناء جبهة عربية عريضة مساندة للفلسطينيين في نضالهم ونظامهم التحرري، وترسيم مسار جديد قادر على حماية النضال التحرري الوطني والتوحد على هذا البرنامج على ليس فصائل فقط بل جبهات ومؤسسات أيضا بعيدا عن التشرذم والتفرقة".
وفي معرض رده على سؤال امكانية أن تحدث عملية اغتيال نوعية كـ"زئيفي" في المرحلة القادمة، قال : " المتغيرات كثيرةلكل زمان دولة ورجال، نتعامل مع الزمن بالطريقة التي تصلح له، القادم له ظروفه ورجاله وشعبنا لا يفقد القدرة على التجدد والإبداع".