فلسطين أون لاين

انتفاضة الأقصى .. ​سجل بطولات فلسطينية وجرائم إسرائيلية

...
غزة/ أحمد المصري:

بدأت شرارة انتفاضة الأقصى في 28 من سبتمبر/ أيلول 2000، حينما اقتحم مجرم الحرب الإسرائيلي أرييل شارون باحات المسجد الأقصى، تحت حماية نحو 2000 من الجنود والقوات الخاصة، وبموافقة من رئيس حكومة الاحتلال في حينه إيهود باراك، وهو ما أوقع مواجهات بين المصلين والمرابطين في المسجد والمقتحمين ليرتقي على إثرها سبعة شهداء، وجرح العشرات.

لم تقتصر المواجهات على باحات المسجد الأقصى والشارع المقدسي، إذ انتقلت كرة اللهب إلى كافة المناطق الفلسطينية، زادت حدة التصريحات التي أطلقها شارون، وقال فيها: إن الاحتلال سيستمر بالسيطرة على الأقصى.

وشهد اليوم التالي للأحداث التي أُطلق عليها "انتفاضة الأقصى" مواجهات أكثر عنفا بعد انتهاء صلاة الظهر، أسفرت عن استشهاد ستة شبان و300 جريح، وكان الأكثر وقودًا لاتساع رقعتها في كافة المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، وداخل الأرض المحتلة سنة 1948 إعدام الطفل الغزي محمد الدرة الذي كان يحتمي وأباه ببرميل إسمنتي عند مفترق الشهداء وسط القطاع.

ومع اتساع رقعة المواجهات وازدياد حصيلة أعداد الشهداء، قتلَ شبان جنديين في جيش الاحتلال بعد أن دخلا إلى مدينة رام الله، فيما بدأ كيان الاحتلال مرحلة القصف بالطائرات الحربية على مقار في الضفة وغزة.

وتميزت انتفاضة الأقصى مقارنة بانتفاضة الحجارة بكثرة المواجهات الشعبية، والأعمال العسكريةبين الفصائل الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي، إذ جرى تنفيذ سلسلة من الهجمات والعمليات الفدائية داخل المستوطنات والنقاط وحواجز الاحتلال في الضفة والقطاع.

كما تميزت الانتفاضة بكثرة العمليات الاستشهادية الفدائية داخل المدن الفلسطينية المحتلة سنة 1948، مسفرة عن مقتل مئات المستوطنين وجرح الآلاف.

وشنت قوات الاحتلال سلسلة هجمات واجتياحات برية للمدن والقرى الفلسطينية كان أبرزها اجتياح مخيم جنين، واغتيال قادة في الصف الأول للفصائل والقوى الفلسطينية، منهم الشيخ الشهيد أحمد ياسين مؤسس حركة المقاومة الإسلامية حماس، وخلفه القائد الشهيد عبد العزيز الرنتيسي، والأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أبو علي مصطفى.

ومع تعاقب الأشهر وتصاعد العدوان الاحتلالي ضد الشعب الفلسطيني وفصائله، شهدت الانتفاضة تطورًا في أدوات المقاومة، حيث عملت الفصائل على تطوير أجنحتها العسكرية، عُدّة وعتادًا، وباتت تمتلك صواريخ تضرب بها المدن والبلدات المحتلة.

انعدام أمن الاحتلال

وكانت مستوطنة "سديروت"، شمال شرق قطاع غزة على موعد مع تلقي أول صاروخ فلسطيني محلي الصنع، أطلقته كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامي حماس، بعد عام من انطلاق انتفاضة الأقصى.

أحيت الانتفاضة فعليا جوانب منسية في العالم العربي، فعادت من جديد الدعوة إلى مقاطعة البضائع الأميركية والإسرائيلية كما شهدت الحركة الفنية عودة الأنشودة الوطنية وشعر المقاومة وامتلأت فضائيات عربية بمواد غزيرة عن انتفاضة الأقصى.

وأسفرت انتفاضة الأقصى بحسب إحصاءات فلسطينية، عن استشهاد 4412 وجرح 48 ألفا و322 جريحًا، فيما قتل 1069 إسرائيليًا وجرح 4500 آخرون، وذلك حتى توقيع ما يسمى "اتفاق الهدنة" ما بين السلطة الفلسطينية وسلطات الاحتلال في مدينة شرم الشيخ المصرية سنة 2005.

وفي الذكرى الـ18 لاندلاع الانتفاضة، يؤكد المختص في الشأن العسكري، اللواء المتقاعد في الضفة الغربية المحتلة يوسف الشرقاوي، أن الانتفاضة لم تنته عمليًا، وأن تداعياتها لا تزال ماثلة حتى اليوم.

ويوضح الشرقاوي لصحيفة "فلسطين"، أن انتفاضة الأقصى بدأت بالتحام شعبي ضد الاحتلال ومستوطنيه، لتشكل نقطة تحول كبيرة في حياة الشعب الفلسطيني الذي ملّ من فشل مسار التسوية.

ولفت إلى أن ما تمتلكه الفصائل والقوى العسكرية من أدوات مقاومة في الأيام الراهنة، كانت نتيجة واضحة من نتائج انتفاضة الأقصى، والتي أوصلت الاحتلال الإسرائيلي للاندحار من قطاع غزة عام 2005 بعد أن كان شارون يتحدث أن مستوطنة "نتساريم" كـ(تل أبيب).

وخلص الشرقاوي إلى أن المقاومة وخلال فصول انتفاضة الأقصى تسببت في انعدام الأمن في الشارع الإسرائيلي في ظل كثرة العمليات الاستشهادية، وشهدت السياحة سوءا لم تشهده من قبل، فيما كانت الانتفاضة القاعدة التي هزت قواعد رسخّها جيش الاحتلال على مدار سنوات طويلة كمزاعم "الجيش الذي لا يقهر" التي سقطت.