فلسطين أون لاين

في ظل استمرار الحصار

تقرير "الإنعاش الاقتصادي".. مطلب لتخفيف وطأة الفقر والبطالة في قطاع غزة

...
غزة/ رامي رمانة:

على وقع المؤشرات الاقتصادية المتدنية، التي تظهر حجم الضائقة المالية الكبيرة التي يعانيها سكان قطاع غزة، تشتد الحاجة لتدخلات سريعة من مختلف الجهات، وعلى شتى السبل والأصعدة، لإحداث إنعاش اقتصادي طارئ وتنموي، وخصوصًا للخريجين والأسر المعيلة.

ويدعو خبراء في الاقتصاد وتطوير الأعمال، الجهات الرسمية والقطاع الخاص والمؤسسات الدولية، إلى تنفيذ خطط إنعاشية إستراتيجية، من شأنها أن تحد من معدلات الفقر والبطالة وانعدام الأمن الغذائي المرتفعة، ومساعدة المنتجين على تسويق إنتاجهم محليًّا وخارجيًّا، وتشجيع المستثمرين على إقامة مشاريع تخدم المجتمع اقتصاديًّا.

ويوضح الاختصاصي الاقتصادي د. وليد الجدي، أن الإنعاش الاقتصادي يتطلب خطة طويلة الأجل تأخذ في الحسبان التخطيط السليم، والجهة المستهدفة، وآلية التنفيذ ومراحلها، وتحقيق النتائج.

وقال الجدي لصحيفة "فلسطين": "الملاحظ أن صانع القرار الفلسطيني، ينتهج خططًا قصيرة الأمد لسد الفجوات الاقتصادية لمدة صغيرة، إلى جانب ذلك عدم توفر القدرة الكاملة على استثمار ما يصل إلى فلسطين من منح ودعم في إنعاش الاقتصاد".

وبين الاختصاصي أن السلطة الفلسطينية ينبغي لها أن تخصص من النفقات السنوية العامة مبالغ للإنعاش الاقتصادي والبرامج التنموية والتطويرية.

وأشار الجدي إلى أن مشاريع الإنعاش الممولة من المانحين تكون مشروطة وتأتي على شكل دعم فني ومعدات وتقنيات، في حين أن الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة بحاجة إلى سيولة نقدية في هذه المشاريع.

ونبه الجدي إلى أن مشاريع التشغيل المؤقت المنفذة في إطار خفض معدلات البطالة "حقن تخديرية" لا تجدي نفعًا، لأن أثرها ينتهي بوقتها، وأن الحاجة إلى مشاريع تنموية ذات مدة زمنية أطول يستفيد على إثرها الشخص من تعزيز المهنة التي يعمل بها أو يتعلم مهنة جديدة.

ويعد قطاع غزة من أكثر المناطق اكتظاظًا بالسكان في العالم، لكون مساحته لا تتجاوز 360 كيلومترًا مربعًا، وحسب المؤشرات الاقتصادية المتوفرة بلغ معدل الفقر فيه 64%، على حين 33% من سكانه يعيشون في فقر مدقع، و57% يعانون انعدام الأمن الغذائي، و80% من السكان يعتمدون على المساعدات الإنسانية والمنح المقدمة من المنظمات الدولية، على حين 51% من السكان يعانون البطالة، في حين تبلغ معدلات البطالة في صفوف الشباب نحو 71%.

من جهته قال الاختصاصي الاقتصادي خالد أبو عامر: إن قطاع غزة بقعة جغرافية معزولة عن العالم الخارجي بفعل الحصار الإسرائيلي، وعليه تعد عملية تدفق الأموال من الخارج إليه المعضلة الأكبر التي تواجه عملية التنمية فيه.

وأضاف أبو عامر لصحيفة "فلسطين" أنه بات من الملاحظ أن المشاريع الريادية والمنزلية زاد التوجه لها في الآونة الأخيرة في قطاع غزة نظرًا لمحدودية رأس المال، وانخفاض نسبة المخاطرة فيها، وقدرتها على المناورة وفقًا لاحتياجات السوق، وعليه لا بد من تكثيف الدعم والإسناد إليها.

وأشار أبو عامر إلى أنه يدعم هذا الاتجاه منظمات دولية كوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" ومشاريع البنك الدولي والمنح الخارجية المقدمة من هيئات أوروبية وأمريكية عاملة في فلسطين، إضافة إلى دور حكومي ولو بنسبة قليلة لتطوير هذا النمط من المشاريع.

وأكد أبو عامر على أن الفوائد الاقتصادية المرجوة من هذا النمط من المشاريع كبيرة، منها تشغيل الأيدي العاملة، وتوفير دخل إضافي للأسر التي تعاني قلة توفر فرص العمل، وانخفاض المخاطرة، ومن ثم عدم التعرض لانتكاسات اقتصادية كالفشل في تسويق المنتجات التي عادة ما تأخذ شكلًا أوليًّا كالتحف وبيع الطعام والتغليف والهدايا وغيرها.

من جهته أكد خبير تطوير الأعمال أحمد الحسنات، أهمية المشاريع الإنتاجية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتعزيزها بمشاريع تنموية، وتوسعتها، وأيضًا حماية المنتجات المحلية من منافسة المستوردة، وذلك من أجل تقوية أركان الاقتصاد الوطني وخاصة المستوردة من الاحتلال.

وشدد الحسنات لصحيفة "فلسطين" على أهمية تعزيز المنتج الوطني في السوق المحلي وإعطائه الأولوية في العطاءات وإفساح المجال لهذه المشاريع أن تكون حاضرة وبقوة، وتسخير ما يمكن من إمكانات قانونية وإجرائية لتشجيع المجتمع نحو الإنتاج، ما يؤدي إلى المساهمة في الحد من البطالة.

وقال: "لا شك أن هناك بعض المشاريع استطاعات بمنتجاتها اختراق أسوار الحصار للولوج إلى الأسواق العالمية إلا أنها تبقى متواضعة مقارنة بالمشاريع العالمية".

وأكد الحسنات أن الحالة الإنتاجية الفلسطينية لا يمكن أن تزدهر إلا إذا تكاتفت جميع الأطراف من المنتج مرورًا بالموارد وليس انتهاء بالتصدير بل واعتماد منهجية تتبلور باتجاه الانعتاق من المحتل وفرض الإرادة الاقتصادية الوطنية.

وذكرت وزارة الداخلية بغزة أن عدد سكان القطاع المحاصرين منذ عام 2007، بلغ مليونين و375 ألفًا و259 نسمة مع نهاية عام 2022.