فلسطين أون لاين

تقرير عسر النطق والكلام.. هل الدمج في رياض الأطفال هو الحل؟

...
صورة أرشيفية
غزة/ مريم الشوبكي:

تأخر النطق والكلام لدى الطفل مشكلة تؤرق الأمهات، وأثناء بحثها عن حل تتعدد الآراء من حولها بعضهم يبسط الأمر بأن النطق مسألة وقت، وآخرين ينصحونها بإلحاقه في رياض الأطفال حتى يكتسب اللغة وانعدال مخارج حروفه.

وهنا تثار العديد من التساؤلات كيف يمكن للأم أن تعرف أن طفلها يعاني عسرًا في النطق والكلام؟ وهل إلحاقه في الروضة أو المدرسة هي الحل الوحيد لتعلمه الكلام؟، والأسباب التي تقف خلف مشكلة عسر النطق، والوقت المناسب الذي يجب أن تتدخل فيه الأم والجهة التي يجب أن تتوجه إليها؟.

الحامل والتغذية

يبين اختصاصي التخاطب والتأهيل علاء الدين الصوص أن عسر النطق هو طريقة إخراج الطفل لصوت ليس من مخرجه الصحيح.

ويعدد الصوص في حديثه لـ"فلسطين" إلى عدة أسباب لعسر النطق: بيئية اجتماعية، ومادية، وعضوية والتي تتمثل في ربط اللسان، وفقدان الأسنان، أو بروزها في غير مكانها، وجود حبيبات على اللسان، وضعف السمع، والمشاكل الصحية.

وعن الأسباب المادية، يشرح الصوص أن الأسر التي تعاني أوضاعًا اقتصادية صعبة لا تستطيع توفير تغذية صحية متوازنة لأطفالهم تساعدهم على نمو صحيح لمراحل الإدراك، والاستيعاب التي تنمي مراحل النطق والكلام.

ويلفت إلى أن من الأسباب الاجتماعية هي سوء التنشئة داخل الأسرة وهي ترك الطفل على الهواتف الذكية في سن مبكرة، فيستقبل الطفل معلومات خاطئة تفوق عمر الإدراكي، ولا يستطيع إرسالها، ويخزن لغة غير لغته.

وينبه إلى أن بعض الأهالي يخشون من مخالطة أطفالهم لأقرانهم، وهذا يمنع الطفل من اكتساب مصطلحات جديدة لكي يضيفها إلى مخزونه اللغوي، والحماية والدلع الزائد يجعل الطفل يميل إلى استخدام لغة الإشارة والتوقف عن الكلام.

ويشدد الصوص على أن المشاكل الزوجية المستمرة بين الوالدين، تجعل الطفل يخشى من التواصل معهم، وتجعله يخشى مواجهة المجتمع أيضًا، ويمكن أن يصاب بالتأتأة.

حتى الجنين في رحم ولادته يمكن أن يصاب بمشاكل في النطق والكلام، يوضح ذلك بأن الوضع النفسي للأم الحامل، وتعرضها لمشاكل صحية حادة، وعدم تناولها الغذاء الصحي المتوازن يجعل طفلها عرضة أكثر من غير لمشاكل في النطق والكلام بعد الولادة.

ويعمل الصوص منذ 16 عامًا اختصاصيًا في التخاطب والتأهيل، ولاحظ ارتفاع نسبة الأطفال الذين يعانون مشاكل في النطق والكلام، لا سيما بعد العدوان الإسرائيلي عام 2008م وتعمد الاحتلال رمي قنابل الفسفور الأبيض على قطاع غزة، وفق قول الصوص.

وينبه إلى أن نسبة كبيرة من الأطفال الذين يعانون مشاكل في النطق والكلام هم لأمهات جدد نسبة كبيرة منهن متعلمات ولكن لديهن جهل في التواصل مع أطفالهن، أو لأن الوضع الاقتصادي صعب يمنعهن من توفير غذاء صحي متوازن لأبنائهن، وتدخل العائلة في تربية الطفل من الجدين، والأعمام وغيرهم.

الروضة ليست حلًا

وعن الوقت المناسب لتدخل الأم وتحديد مشكلة طفلها، يقول اختصاصي النطق والسمع فادي الهليس: "عند عمر العامين ونصف يجب أن تحسم الأم أمرها وتتوجه لاختصاصي نطق، ويمكن عند بلوغه العامين أيضا فكلما تم اكتشاف المشكلة مبكرًا كلما تمكن الاختصاصي من حلها بسهولة وبسرعة".

وينصح الهليس في حديثه لـ"فلسطين" الأم بمراقبة طفلها حينما يكون هادئ، أو غير متفاعل مع البيئة من حوله، أو لديه حركة زائدة وعدواني، وتصدر منه سلوكيات غريبة، حينها يجب أن تدرك أن لديه مشكلة تستدعي عرضه على اختصاصي نطق.

وعن اعتبار دمج الطفل بالروضة أو المدرسة حلًا لمشكلة النطق والكلام؟، يؤكد أن الدمج له أساسيات وشروط، وإلحاقه بالروضة مباشرة يمكن أن ينعكس سلبيًّا على الطفل وعائلته، فبعض الأطفال يحتاجون إلى تأهيل ما قبل مرحلة الروضة وهذا ما يحدده الاختصاصي.

ويلفت الهليس أن بعض الأطفال قد يكون لديهم في السمع كالتهابات شديدة في الأذن، أو ماء خلف الطبلة، أو تراكم المادة الشمعية، مع معرفة التاريخ المرضي للعائلة، وهنا يتم تحويلهم على اختصاصي أنف وأذن وحنجرة.

ويدعو الآباء إلى اكساب الطفل مهارات من خلال الإجابة على جميع أسئلته بطريقة سهلة، ومحادثته بالصوت والصورة، والتخلص من استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة وشاشة التلفاز حتى لا يبقى مستقبل فقط لساعات طويلة، والحرص على قراءة قصة قصيرة له قبل النوم بالتواصل سمعيًا، وبصريًا، ولفظيًا.

أظهرت دراسة علمية نشرتها وكالة الصحة العمومية في فرنسا، أن الأطفال الذين يتعاملون مع الشاشات والرقمية منها على وجه الخصوص هم أكثر عرضة للإصابة باضطرابات تأخر النطق وقلة الانتباه وبالتالي يواجهون صعوبات كبيرة في التعلم.

وخلصت الدراسة أن الأطفال الذين يقضون وقتًا أمام شاشات التلفاز والهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر أو اللوحات الإلكترونية في الفترة الصباحية أي قبل ذهابهم للمدرسة ترتفع لديهم مخاطر الإصابة بأعراض تأخر النطق إلى ثلاث مرات مقارنة مع أقرانهم الذين لا يقضون وقتا كبيرا أمام هذه الأجهزة.

ولفتت الدكتورة مانون كوليت من جامعة رين وهي إحدى المشاركات في الدراسة إلى أن "المدة التي يقضيها الطفل أمام الشاشات، وهي في المتوسط عشرين دقيقة" ليست هي السبب وإنما الوقت الذي يقضي خلاله هذه المدة وهي في الصباح أي قبل ذهابه إلى المدرسة هو العامل المباشر "الذي لديه تأثير" حسب الدكتورة الفرنسية.