فلسطين أون لاين

رحال: حل نقابة الأطباء "تجاوز خطِر" وخرق للقانون الأساسي

آخرها "الأطباء".. عباس يشهر "عصاه الثقيلة" ضد النقابات بقرارات "توتيرية"

...
رام الله-غزة/ نور الدين صالح:

استمرارًا لسطوة رئيس السلطة محمود عباس على النقابات المهنية في الضفة الغربية، عبر تنصل حكومته من الوفاء بالتزاماتها ومطالبها لصالح الموظفين العاملين في مختلف الوزارات الحكومية، فقد أشهر مؤخراً "عصاه الثقيلة" ضد نقابة الأطباء عبر قراره الأخير بحل النقابة وتشكيل بديل عنها.

وتعاني بعض النقابات المهنية في الضفة الغربية تهميشاً واضحاً من حكومة رام الله في الحصول على حقوقهم، وفقاً للاتفاقيات الموقعة بين هذه الأطراف منذ سنوات عدّة، بفعل تغول "عباس" على السلطات الثلاث، وإصدار قرارات "توتيرية" بحقهم.

ولاقى قرار بقانون حل نقابة الأطباء، وتشكيل نقابة بديلة عن التي يرأسها شوقي صبحة، رفضاً واسعاً من جميع النقابات في الضفة الغربية، ولا سيّما أن غالبيتها خاضت صراعات طويلة في سبيل نيل حقوق موظفيها، مثل نقابة المحامين ونقابة المهندسين وحراك المعلمين وغيرها.

صراع النقابات

حراك المعلمين خاض معركة حقوقية مع حكومة محمد اشتية في الضفة الغربية منذ مطلع العام الدراسي الجاري، في سبيل الحصول على مطالب موظفين عاملين في قطاع التعليم، "لكن دون التوصل إلى حلول جذرية حتى اللحظة".

وقد صعّد الحراك خطواته الاحتجاجية حينها، عبر بدء الإضراب المفتوح عن الدوام، وذلك رفضاً لتدني رواتبهم مقارنة بالموظفين الحكوميين، وعدم معاملتهم كبقية الموظفين في سلم الترقيات والرواتب، لكن حكومة رام الله استخدمت عصاها الثقيلة، وأوقفت عدداً من المشاركين في الإضراب عقابا لهم.

الناشط في حراك المعلمين خالد عصافرة أفاد بأن هناك اتفاقاً بين الحراك والحكومة برعاية مؤسسات مجتمع مدني وغيرها، يقضي بصرف إضافة 15% إضافية على الراتب في شهر فبراير القادم، لكنه شكك في إمكانية الصرف.

وقال عصافرة لصحيفة "فلسطين": "نأمل أن تلتزم الحكومة، لكن تصريحات وزير المالية شكري بشارة لا تبشر بخير".

وقال بشارة في تصريح سابق: "ما دمت وزيرًا لن أنفّذ أي اتفاقية مع النقابات، ولم أبرم أي اتفاقيات".

وعد عصافرة حكومة رام الله "شركة استثمارية، وتسعى لتحقيق أكبر قدر من الأرباح لها، دون الاهتمام بواقع الموظفين في الوزارات"، مشددًا على أن تذرع الحكومة بالأزمة المالية "كذبة" يُراد منها المماطلة لعدم إعطاء الموظفين حقوقهم.

ولفت إلى أن "سياسة الحكومة تجاه النقابات والموظفين لها انعكاسات سلبية، خاصة أن الرواتب باتت لا تكفي لتلبية الحد الأدنى من متطلبات الحياة".

واتهم عصافرة الحكومة بأنها تسعى لإيجاد نقابات مفصلة على "مقاسها" بعيدة عن النزاهة، "وهذا الأمر يعمق الفجوة بين الموظفين والنقابات والسلطة، ويحدث إرباكاً"، حسب رأيه. 

أما نقابة المهندسين فخاضت أيضاً صراعاً مع الحكومة للمطالبة بتنفيذ التفاهمات التي جرى توقيعها مع مجلس الوزراء عام 2014، لضمان حقوق المهندسين.

وصعّدت النقابة خطواتها الاحتجاجية في شهر أغسطس الماضي، وخاضت إضراباً مفتوحاً عن العمل، لكن الحكومة أيضاً قمعت إضرابهم عبر دعوة رفعها وزير الأشغال العامة فيها محمد زيارة، لوقف الخطوات الاحتجاجية بدلاً من الإيفاء بالتزاماتها تجاههم.

وأكدت نقيبة المهندسين في رام الله نادية حبش لصحيفة "فلسطين" أن الأزمة القائمة بين النقابة والحكومة لا تزال قائمة، إذ لم تستجيب الأخيرة لمطالب المهندسين، وتتهرب من دفع مستحقاتهم المالية.

ورأت أن القرار بقانون بحل نقابة الأطباء "سابقة خطيرة في التعدي على استقلالية النقابة المهنية بشكل خاص والعمل النقابي في فلسطين بشكل عام، ومن شأنه تعميق الأزمة القائمة بين الأطباء والحكومة، وهو ما يضر بسير عمل القطاع الصحي".

وشددت على أن القرار "يوجه رسالة خطيرة لجميع الأجسام النقابية المنتخبة ويضعها تحت تهديد إجراءات مماثلة فيما لو ناضلت من أجل الدفاع عن منتسبيها لتحصيل حقوقهم".

وأصدرت نقابة المهندسين بياناً يطالب رئيس السلطة عباس بسحب القرار بقانون لحل نقابة الأطباء.

وقالت النقابة: إنها تنظر بخطورة بالغة لحيثيات صدور قرار بقانون بشأن إنشاء نقابة الأطباء الفلسطينيين، فبالرغم من أن تأسيس نقابات مهنية هو استحقاق وطني، فإن الأسلوب الذي جرى بموجبه تأسيسها يلغي ضمنا نقابة الأطباء – مركز القدس القانونية.

وأضاف البيان أن حل المجلس النقابي المنتخب يشكل اعتداءً على حرية العمل والتنظيم النقابي، والتفافاً على نقابة الأطباء الشرعية، كما يشكل مساساً بحقوق وامتيازات آلاف الأطباء الفلسطينيين الأعضاء في النقابة القائمة.

تجدر الإشارة إلى أن نقابة المحامين أيضاً خاضت صراعاً طويلاً مع السلطة بفعل إصدار رئيسها "عباس" سلسلة من القرارات بقانون التي تقوض عمل المحامين، الأمر الذي دفع لخوض سلسلة من الإضرابات خلال الفترة الماضية.

تجاوز خطِر

من ناحيته، رأى مدير مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" من رام الله د. عمر رحال، أن حل نقابة الأطباء "خطوة خطيرة، ويدل على تغول السلطة التنفيذية على الحريات والعمل النقابي في فلسطين".

وبيّن رحال لصحيفة "فلسطين"، أن هذا القرار من شأنه أن يفتح الباب أمام السلطة لحل نقابات وحراكات ومؤسسات تمثيلية مُنتخبة ديمقراطيا.

وعد هذه الخطوة "خرقا للقانون الأساسي الفلسطيني والاتفاقيات التي وقعت عليها فلسطين، ولا سيما أن العمل النقابي عمل محمي ومُصان، سواء بالاتفاقيات أو القانون الأساسي أو قانون العمل الفلسطيني رقم 7 عام 2004".

ووصف رحال خطوة عباس بأنها "تجاوز خطير وغير مقبول، وتعدٍّ على العمل النقابي والحريات النقابية"، مطالباً بسحب القرار وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية فورا، وليس الانقضاض على أجسام منتخبة ديمقراطياً من هيئاتها العامة.

وشدد على أن "هذه الخطوة تعمق الفجوة كثيرا بين النظام السياسي والموظفين والمواطنين جميعا، ما سيفقده ثقة الناس، وهذا يجعل حقوق النقابات في مهب الريح".

المصدر / فلسطين أون لاين