فلسطين أون لاين

اليوم.. الذكرى الـ 21 لاستشهاد الجمالين "منصور" و"سليم"

...
جمال منصور وجمال سليم
نابلس-غزة/جمال غيث

لم يكن من السهل الحصول على لقب "فارس الوحدة الوطنية"، ولكن كان الأصعب من ذلك أن تحافظ على هذا اللقب في قلوب الناس، وهذا ما حصل مع الشيخ الشهيد جمال سليم الذي كسب حب الكثير من أبناء الشعب الفلسطيني على اختلاف ألوانهم السياسية والفكرية.

يقول الشيخ حسني البوريني رفيق درب النائب في المجلس التشريعي الشيخ جمال سليم: إن الشيخ سليم كان يكره النزاع وينشر الخير والمحبة بين الجميع، ولا يميز بين أحد من أبناء شعبنا مع اختلاف توجهاتهم، فكان الجميع يحترمه ولا يرفض طلبه.

وامتاز الشيخ سليم، بنشره قيم المحبة والتسامح بين الجميع وترسيخها، وكان من الأعضاء المؤسسين للجنة "التنسيق الفصائلي" في محافظة نابلس، التي هدفت لتنسيق المواقف بين المقاومة الفلسطينية بمختلف تياراتها في الميدان.

وتحل اليوم 31 تموز/ يوليو الذكرى السنوية الـ21 لاستشهاد القائدين في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الشيخين جمال سليم وجمال منصور، اللذين ارتقيا بمجزرةٍ إسرائيلية استهدفت مكتبهما في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية.

وارتقى في المجزرة 8 شهداء، إضافةً للشيخين، هم: عمر منصور، وفهيم دوابشة وعثمان قطناني ومحمد البيشاوي، وطفلان من مدينة جنين كانا في الشارع الذي يقع فيه المكتب المستهدف.

المولد والنشأة

ولد جمال سليم، في قرية الدامون قضاء عكا في 2 شباط/ فبراير عام 1958، وأهله من سكان مخيم عين بيت الماء، ودرس في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، ثم التحق بالجامعة الأردنية بكلية الشريعة وأصول الدين وتتلمذ على أيدي علماء الفقه الإسلامي والتحق بجماعة الإخوان المسلمين وتربى على أفكارها كـ"الشيخ عبد الله عزام، وأحمد نوفل".

عاد سليم، إلى فلسطين ليعمل مدرسًا لمادة التربية الإسلامية في المدرسة الثانوية الإسلامية في نابلس، كما حصل في عام 1996 على شهادة الماجستير في الشريعة الإسلامية من جامعة النجاح الوطنية بنابلس.

ويقول البوريني في حديث مع صحيفة "فلسطين": "كان الشيخ سليم رجل دعوة ويطالع الكثير من الكتب والجرائد والمجلات العلمية والثقافية، وعندما نحاول إخباره بخبر جديد كان يسبقنا في ذلك ويفاجئنا أنه اطلع عليه وقرأه، وهذا ما ميزه عن غيره وجعله قريبًا من قلوب الناس".

وأضاف: "اشتهر الشيخ سليم، بخطاباته ومحاضراته في مسجد "معزوزة" في مدينة نابلس، فأعجب الجميع بخطاباته المميزة وبأسلوبه البارع، فكان الجميع يحبه وينتظرون خطبته ورأيه وفكره وتوجهاته".

التحق في وقت مبكر من حياته بجماعة الإخوان المسلمين، إذ يعد من جيل التأسيس في حركة حماس، وكان له دور مؤثر قبل الانتفاضة وبعدها وكان يتكفل بمعاناة المواطنين ويسعى لحلها، ويلتقي بالجميع لإنهاء معاناة المعتقلين في سجون السلطة.

وترأس الشيخ سليم الكتلة الإسلامية في جامعة النجاح أوائل الثمانينيات لثلاث دورات، كما أسس مع مجموعة من القيادات الطلابية إطارًا نقابيًّا على مستوى الوطن باسم الرابطة الإسلامية لطلبة فلسطين ومقره القدس.

واعتقل الشيخ خلال دراسته وفي أثناء الانتفاضة الأولى نحو 14 مرة، كان معظمها ضمن الاعتقال الإداري وخضع عام 1995 للتحقيق لثلاثة أشهر في سجن "عسقلان".

وتابع البوريني: "أُبعد الشيخ سليم، إلى مرج الزهور جنوب لبنان مع عدد كبير من أبناء الحركة الإسلامية الذين كانوا معتقلين في سجون الاحتلال عام 1992، وخلال مدة الإبعاد أصبح عضوًا في اللجنة القيادية للمبعدين، وترأس اللجنة الإعلامية ولجنة العلاقات العامة خلالها".

مرج الزهور

وبين أن سليم، تعرض للاعتقال في سجون أمن السلطة عام 1996، حيث أمضى مدة ثلاثة أشهر، وأطلق من أسره، ليفتتح بعدها مكتبًا للأبحاث أغلقته السلطة بعد اعتقاله في 4 نيسان/ إبريل 1997، وأسس المركز الفلسطيني للدراسات والإعلام، وكان مديرًا له حتى استشهاده خلال قصف المركز.

ويصفه البوريني، بأنه صاحب فكر عميق ورؤية ثاقبة وقادر على التحليل والتنبؤ بالأحداث بدقة كبيرة، مرجعًا ذلك لقراءته المستمرة ومتابعة للأحداث المحلية والدولية، ولاستماعه واجتماعه بالمواطنين.

كان الشيخ جمال سليم يتنقل بحذر شديد كونه ملاحق من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وهو متزوج منذ عام 1982، وله من الأبناء ستة وهم "مجاهد، آيات، معتصم، ضحى، صالح ومحمد".

ويقول البوريني: "عشت مع سليم قبل وبعد الانتفاضة وفي الإبعاد فعرفته رجلًا مفكرًا وغيورًا على الإسلام والمسلمين وكان يهتم بشأن الفلسطيني وينشط في إجراء المقابلات مع الكثير من الشخصيات من أجل الإفراج عن المعتقلين لدى أجهزة أمن السلطة".

وعن استشهاده، قال: "فوجئنا بخبر استشهاده حين قصف المكتب الذي كان فيه برفقة الشيخ جمال منصور، وعدد من قادة الدعوة الإسلامية وحركة حماس".

الاعتقال الدوار

بدورها، قالت منى منصور زوجة الشهيد جمال منصور، إن زوجها، "رجل لن يتكرر في الحياة أبدًا".

وأكدت منصور لصحيفة "فلسطين" أن أوامر اعتقال زوجها، كانت تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية، نظرًا لقوته وقدرته على التأثير في كل من حوله.

وأضافت: إن (إسرائيل) كانت تتخوف بعد إطلاق سراحه فسرعان ما كان يعتقل سواء من السلطة أو الاحتلال، مبينة أنه اعتقل خلال دراسته وفي أثناء الانتفاضة الأولى أربع عشرة مرة، معظمها كان إداريًّا.

واعتقل الشهيد منصور، والقول لزوجته، عام 1995م وخضع للتحقيق مدة 3 أشهر ونصف الشهر متواصلة في سجن عسقلان، في حين اعتقل لدى السلطة ثلاث سنوات وتنقل بين سجونها.

ولد الشيخ جمال منصور، في مخيم بلاطة للاجئين قرب مدينة نابلس بالضفة الغربية المحتلة في 25 شباط/فبراير عام 1960، ودرس المرحلة الابتدائية في مدارس المخيم ثم التحق بالمرحلة الثانوية في نابلس، ودرس بجامعة النجاح الوطنية وتخرّج فيها عام 1982 حاصلًا على شهادة البكالوريوس في المحاسبة والعلوم الإدارية، واستشهد قبل حصوله على شهادة الماجستير في العلوم السياسية.

وتزوج الشهيد منصور، عام 1986، ورزق بخمسة أبناء وهم "ابتهال، وبيان، وبكر، وأمان، وبدر" ولديه 10 أحفاد.

وأسس الشهيد في أثناء دراسته في جامعة النجاح الوطنية الكتلة الإسلامية، وأسس أول مكتب للصحافة، وأسس مكتب نابلس للجنة الإغاثة الإسلامية وعمل مسؤولًا لها.

وافتتح منصور، مكتبًا للأبحاث أغلقته السلطة بعد اعتقاله في 4 نيسان/ إبريل 1997، وأسس المركز الفلسطيني للدراسات والإعلام، وكان مديرًا له حـتى اسـتـشهاده خلال قصف المركز.

وتعرض الشيخ للاعتقال على يد قوات الاحتلال، أكثر من مرة لدفاعه عن شعبه وعن القدس والمسجد الأقصى المبارك، لانتمائه لحركة حماس، فاعتقل ۳ مرات في أثناء دراسته في الجامعة لنشاطه في الكتلة الإسلامية، ودوره في العمل الإسلامي في مدينة نابلس.

وبلغ مجموع اعتقالات الشهيد منصور، عند الاحتلال 9 أعوام ونصف العام، أمضاها متنقلًا في سجونها، في حين اعتقلته أجهزة أمن السلطة ثلاثة أشهر ونصف الشهر.

وطوال فترة اعتقال منصور، لم تثبت ضده أي تهمة فكان جهاز "الشاباك" الإسرائيلي يلجأ دومًا لاعتقاله الإداري بعد كل جولة تحقيق لعدم تمكنها من الحصول على كلمة أو معلومة واحدة تدينه.

وأُبعد الشيخ منصور مع بعض قادة حركة حماس إلى منطقة مرج الزهور عام 1992، وترأس اللجنة الإعلامية هناك، ومكث في الإبعاد عامًا كاملًا وأعيد إلى سجون الاحتلال وقضى فيها 9 أشهر.

المصدر / فلسطين أون لاين